عندما انتقل انتشار فيروس الكورونا بين البشر إلى أسواق النفط تراجعت أسعار النفط بنسبة 2 % ولكن عندما رفضت روسيا المشاركة في تعميق خفض الإنتاج الذي اقترحته الأوبك بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً في الجمعة الماضية، تراجعت أسعار النفط 10 % ليصل سعر برنت إلى 45 دولارًا وغرب تكساس إلى 41 دولارًا، رغم تراجع قيمة الدولار بعد خفض الفدرالي لسعر الفائدة ب 0.5 %، ويوم أمس هوت أسعار النفط نحو 30 %، وأدى فيروس كورونا الى تعطيل الكثير من المصانع والمؤسسات التي تستهلك النفط وبذلك تراجع الطلب بنسبة متسارعة، ولهذا تصدت الأوبك لضغوط الطلب بتضييق الفجوة بين العرض والطلب لضمان استقرار الأسعار وعدم تدهورها ولكن الحليفة روسيا رفضت التعاون، ما هدد استقرار أسعار النفط وقد تتراجع إلى مستويات تعصف بمصالح الجميع. إن تعامل الأوبك مع الظواهر قصيرة الأجل كفيروس كورونا بخفض الإنتاج لن يكون مجدياً، إلا إذا كان معدل سرعة تخفيض الإنتاج مماثلاً لسرعة تناقص الطلب. وهذا لن يتحقق وأعضاء الأوبك يدركون جيداً أن سياسة منظمتهم غير قادرة على مواكبة الأحداث السريعة أو الدورات الاقتصادية بالحد من تجاوزات الأعضاء لاتفاقها، حيث إن سلوك إنتاج أعضاء الأوبك تاريخياً لا يتسم بالتزام بعضهم بالحصص الإنتاجية المحددة ولا بسقف الإنتاج، بل إن هذه التجاوزات استمرت من الأعضاء الأقل طاقة إنتاجية والأكبر تكاليف على حساب المنتجين الكبار. فما بالك بأعضاء الأوبك بلس وعلى رأسهم روسيا التي لم تكن شريكاً موثقاً به منذ البداية، بل إن وزيرها صرح بأنه لن يكون هناك أي قيود على إنتاج نفط روسيا في أبريل القادم. فقد أثبت اتفاق الأوبك وغير الأوبك بتخفيض الإنتاج في 1 يناير 2017، عجزه عن إبقاء الأسعار طويلاً فوق 55 دولاراً، بل إن إنتاج النفط التقليدي وغير التقليدي الذي تراجع سابقاً عاد مرة أخرى للارتفاع، ما نتج عنه استمرار ارتفاع المخزونات النفطية، ليبقى خيار الأسعار السوقية وتعظيم الحصص السوقية لأعضاء الأوبك هو الأفضل لتوازن أسواق النفط العالمية. إن على الأوبك أن تختار بين ارتفاع الأسعار وحصصها السوقية وتحقيق مكاسب قصيرة الأجل أو مكاسب أعلى على المدى الطويل ولأطول فترة ممكنة، وأن تدرك أهمية منافسة النفط الصخري في السنوات أن لم يكن في العقود القادمة، ولن يؤدي «نقر الأقدام» بين الأوبك وروسيا إلى تحفيزها بدعم اتفاق خفض الإنتاج الجديد وخسارة حصتها السوقية، فعلى السعودية تعظيم حصتها وتعزز قوتها التفاوضية حتى تعود روسيا لرشدها لأن الجميع متضررون.