أصبح في وقتنا الحالي عزوف بين أفراد الأسرة داخل محيط البيت الواحد، حيث لم يعد التواصل مثل وقتنا سابقاً، فالكل مشغول بنفسه، بل ولا يكاد يُرى طوال اليوم، فتجده معزولاً في غرفته ويتناول وجباته بمفرده، حيث أصبح مشغولاً بعالمه الافتراضي، ساعد على ذلك المنازل الحديثة، والتي تميزت بتصاميم جعلت كل فرد من الأسرة في غرفة لوحده من دون اجتماع، أو لقاء، أو حتى تواصل وجداني، وهو ما يُنذر بحدوث فجوة داخل الأسرة، وتباعداً قد يؤثر في علاقات الأسرة داخل محيطها أو خارجه. لا بد أن تكون الغرف متقاربة مع عدم وجود أكثر من صالة طعام وقال يوسف بن بيشان: إنه مع تسارعت وتيرة النهضة العمرانية بما يوازيه من تسارع وتيرة التقنية وخلق لنا تباعداً بين أفراد الأسرة، أدى ذلك إلى تفاقم المشكلة التي يواجهها الآباء والأمهات في تربية أبنائهم، وصعوبة توجيه أبنائهم، مضيفاً أن وسائل التواصل الاجتماعي زادت من عزلة الأسرة وأصبح هناك أصدقاء افتراضيون لأبنائهم يتواصلون معهم ويجدون الأنس أكثر من والديهم، بل ويكتمون أسراراً لا يعلمون عنها. وأوضح عبدالله الخبراني أن المسكن الكبير من نِعم الحياة، ولكن في المقابل يعد سبباً من أسباب تفرقة الأسرة وحرمانها من الحضن العائلي الذي نفتقده في وقتنا الحالي، فكلٌ منشغل بعالمه الخاص به، حتى الأطفال أصبحت الأجهزة في متناول أيديهم، مضيفاً أن الآباء والأمهات يواجهون صعوبة في اجتماع أفراد الأسرة سواء في صالة المعيشة أو وجبة تلُم شتاتهم، مؤكداً على ازدياد عزلة الأسرة من الناحية التربوية، وذلك بعدم معرفة أحوال أبنائهم اليومية وفقدان الحس الأبوي والسؤال عنهم. وأكد عبدالإله السفياني أن عائلته ما زالت تجتمع يومياً وخاصةً بعد المغرب، وأنها لم تتأثر باختلاف المسكن وتوسعه، ولا حتى وسائل التواصل الاجتماعي، بل إنها زادت من ترابطهم وتفقد أحوالهم وتعاونهم. وتحدث صالح العموش -مستشار أسري- قائلاً: إنه يجب على الأسرة أن تحتوي أبناءها وتسأل عن أحوالها وتلبي متطلباتهم، والحرص على تجمعهم داخل البيت وخارجه، وكذلك معرفة من يصاحبون، مضيفاً أن على الآباء والأمهات المسؤولية في تغيير حال الأسرة إلى الأفضل وجعل البيت بيئة جاذبة لا طاردة. وأوضحت عبير المنصور –مستشارة أسرية– أن الثقل الكبير يقع على عاتق الوالدين، وذلك بوضع خطة جدولية للم شمل الأسرة في أوقات الفطور والغداء والعشاء بما يناسب أوقات عملهم، أيضاً متابعة أبنائهم والتواجد معهم بقدر المستطاع. وأكد م.فيصل القحطاني أن تصاميم البيوت الحديثة من الناحية الهندسية فاقمت المشكلة، وأدت إلى تزايد العزلة بين أفراد الأسرة، مضيفاً أن الحل لتقارب الأسرة وترابطها هو التوازن بين مساحة المسكن وعدد أفراد الأسرة، مشيراً إلى أن تصميم المنزل لا بد أن يكون ملائماً بحيث تكون صالة المعيشة نافذة على المنزل، وأن تكون الغرف متقاربة وعدم وجود أكثر من صالة طعام. صالح العموش فيصل القحطاني