أغلب الأماكن ذات القيمة الحضارية الفكرية الثقافية المهمَّة وذات العمق الأثري الممتد في عمق التاريخ تكون مرتبطة بأشخاصها الذين تفنَّنُوا في صناعة الحدث الذي صار يمثلهم في تلك الأمكنة وارتبطت زواياه بأسمائهم ولا أجدنا إلاَّ إننا أصبحنا مطبوعين بشخوص الأماكن التي تحرَّكنا فكراً وتَحنانا! ولا أظنُّ أننا حين نزور المكان إلاَّ ولنا وقفة مع صُنَّاع المكان وهذا ما يكون معي وزياراتي للمُدُن والدُّول والمناطق فلا أجدها ناطقة وتنطقني إلا بذويها ذوي الصَّبغة الباقية وتعاقب الزمن وما فيها من ملامح وجوديَّة أخرى تفرض عليَّ طابعها وهذا ما أستشعره كلما زرتُ مملكة البحرين الدولة الأكثر زيارة وإقامة لأبناء المنطقة الشرقية فما صرتُ داخل سياجها إلا ووجود الشاعر الدكتور علوي الهاشمي وقاسم حدَّاد عبدالرحمن رفيع وإيمان أسيري يلوِّحُ لي من على مسارات جسرها المعجزة الواصل بين تكويننا وتكوين البحرينيين الأشارف منذ عام 1407 ه فلا أجدني كلما زرتها إلاَّ فراشةً تطير هنا هناك لتبحث عن ضوء الحرف بين مكتباتها ومعارضها وملتقياتها الثقافية وصوالينها الأدبية ومراكز تجمعات الأشباه عقلاء من مفكريها وكتَّابها الذين أبوا ألا يحتسوا فناجين قهواتهم إلا على طاولة المتعة الجماعية المتشاركة وأدباء الخليج وعلى ضفافه يتسامرون شوقاً وترياقا! وهذا ما اعتدتُ عليه وزياراتي التَّكرارية للكاتبة والإعلاميَّة البحرينيَّة زهرة المنصور التي فتحت عمقها فضاءً أوحديَّا للمُيمِّمين البحرين فتستقبلهم في مكتبها الصغير الزوايا الكبير الأثر في مقر مبنى متحف البحرين الوطني والمطل على شبه جزيرةٍ اصطناعيّةٍ في موقعٍ استراتيجيٍّ مركزيٍّ حيث تُميّزه واجهته الرّخاميّة البيضاء وفناؤه الخلّاب. وكما أن المكتب مفتوح أصرَّت زهرتنا المنصورة إلا وأن تكون صفحات مجلة البحرين الثقافية الفصليَّة الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآثار مفتوحة لمُريدِيِ الفضاء الخليجيِ العربيِّ الأرحب وهِي مجلّة ثقَافِيَّة مُنوِّعة تصدُر كُل ثلاثة أَشهُر باللُّغة العربِيّ وتنشِرُها مُؤَسَّسة الأَيَّام لِلطِّباعة والصِّحافة والنَّشر والتَّوزِيع حيث تُعدُّ مِن المجلَّات العربِيَّة الرَّصِينَة الَّتِي تُعنى بِالثَّقافة فِي مَملكة البَحرين ومِنطقة الخَلِيج والعالَم العربِيَ . وما تكاد ترسل مشاركتك الأدبيَّة لزهرة إلاَّ وتتلقَّفها تفحُّصاً وتمحيصاً لتمرّرها لمسؤولي النَّشر وتتابع مسارها إلى أن تشعرك عبر بريدها الإلكتروني برابط النشر وطلبها تزويدها بأرقام حسابك البنكي لتتابع إيداع مكافأة إبداعك المالية! * في مَهَبِّ الذِّكريات - نصِّي التَّفعيلي الذي باغتتني زهرة بنشره في البحرين الثقافية في عددها الخامس والستين سبتمبر 2011م وكنتُ سبق وأن قرأته عليها في مكتبها أثناء إحدى زياراتي لها في مكتبها في المتحف ذات ضحويَّة دافئة فكنتُ أتنفَّسُ الأملَ من بين زوايا روحها وأنفثُه أحرفاً تتطايرُ وفضاء المتحف المُختصِر لذاكرة البحرين وتاريخها الممتدّ عبر أكثر من ستة آلاف سنة ويتجلى من خال قاعات المدافن، دلمون، العادات والتّقاليد، المهن والحرف التقليديّة، والوثائق والمخطوطات حيث تتصل قاعات المتحف برّدهة رئيسيّة، وهي مساحةٌ متراميةٌ ودراماتيكيّةٌ تجمّلها أشعّة الضّوء الطّبيعيّة، وتضمّ معرض «الاستثمار في الثّقافة». ويبدو أننا تمكنا من استثمار علاقتنا ثقافياً عبر مهبِّ الذِّكريات: في هَدْأةِ الليلِ العَميقْ وَ نَشْوَةِ الهَمْس ِالرَّقيقْ وَلَذَّةِ الأُنْس ِ وَأَشْجَانٌ سُكَارَى لا تفيقْ ! وذكرياتُ الهَجْر ِوالوصْل ِ على ذاكَ الطَّرِيقْ صُبَّ الهَوَى يا سيِّدِي أَكْوابَ سُهْدٍ بالرَّحيقْ دعنا ثُمالَى نرتَشِفْ بُنَّ الهَوَى وأَدِرْ حُبيباتِ النُّجومْ واللحنُ قد طابَ على وقْعِ الوجومْ والذكرياتُ الغانياتُ الزَّاهياتُ في زهوِ الدُّجَى يَمْخُرْنَ أَمواجَ الحَياةْ يَنْسُجْنَ رَسْنَ الأُمنياتْ في هَجْعَة ِالعِشْقِ النَّضيرْ وبَهْجَة ِالصَّمْت ِالمُثيِرْ نجتاحُ دُجْنَ الطُّرُقاتْ نفْتَضُّ ليلَ الحَدَقاتْ ونرسمُ الوجدَ بأحلى الكلمات ْ شِعْراً جميلاً في مَهَبِّ الذكرياتْ يا سيِّدَ الحُبِّ أَدِرْهَا الكأسَ من غير ِافتتانْ واسقِنا الشِّعْرَ غراماً في غرام ْ إنَّ في الشِّعْرِ ملاذٌ للمحبينَ على مرِّ الزَّمانْ سَيِّدُ النَّبْضِ وأَصْلُ الصِّدْقِ في عِشْقِي الرَّهينْ استَكِنْ يا سيِّدَ الإحساسِ في القلبِ وفي الروحِ وفي الوجدِ الدَّفينْ في مّهّبِّ الذكرياتْ أنتَ ماضيَّ وآني أنت سرٌ للجمالِ الغضِّ في عُمْر ِالغَداةْ مع الإعلامية البحرينية زهراء المنصور اعتدال ذكرالله