أثار الناقد حسين محمد بافقيه شجون عشاق الراحل الدكتور غازي القصيبي أثناء أمسية بعنوان "غازي القصيبي في الذاكرة البحرينية"، أقيمت أول من أمس في النادي الأدبي بتبوك، وأدارها عضو النادي محمد الدوسري. وتناول بافقيه شواهد ومحطات من حياة القصيبي الدراسية والأكاديمية والسياسية الحافلة وتأثره بنشأته البحرينية منذ كان في الخامسة ولمدة عشر سنوات حيث قال "عاش غازي زهرة عمره في البحرين وكانت السنوات العشر التي قضاها هناك، هي سنوات التكوين، فكانت ذاكرته بحرينية خالصة، ففي البحرين تهجى الفتى غازي الأحرف الأولى لسر المعرفة وفيها تفجر الشعر على لسانه، وفي تلك الجزيرة الضاجة بالأساطير والحكايات تألف معجمه اللغوي، وعلى مقربة من "عذاري" (عين شهيرة في البحرين) أحس بأول لسعة حب، وصاغت تلك الجزيرة مفتاحا لرموزه الشعرية". وأكد بافقيه أن القصيبي عاصر الحراك السياسي العربي أثناء صباه في البحرين، وتأثر بذلك العصر، مما انعكس على نتاجه الأدبي طوال حياته، حتى وهو يحاول إغفال هذا التأثر والابتعاد عن التصريح به في قصائده. وأسس القصيبي بحسب بافقيه القصيدة الحديثة بالبحرين، وكان أول من نشر قصيدة حديثة، كانت بداية لعصر شعري جديد في البحرين، مؤكداً، أن مرحلة ديوانه "جزائر اللؤلؤ" كانت مرحلة جديدة في الحراك الثقافي البحريني، ونقل بافقيه شهادة الناقد البحريني علوي الهاشمي التي يقول فيها "إن غازي القصيبي صاحب أول قصيدة من الشعر الجديد تنشر في صحيفة بحرينية". وأردف "القصيبي يكوّن ظاهرة عجيبة لمن رام دراستها، ليس في الشعر والرواية فقط، وإنما في المقالة والترجمة والفكر التنويري والإدارة". ثم انتقل بافقيه إلى ما بعد مرحلة البحرين، منذ سفره للدراسة في مصر ثم العودة إلى الرياض بعد ذلك، مشيراً إلى أنه لم ينس البحرين طوال ذلك في دواوينه ووجدانه، حيث تلا بافقيه بعضا من أبيات لقصيدة يعتبر فيها القصيبي البحرين وطنا له: الضوء لاح فديت ضوءك في السواحل يا منامةْ فوق الخليج أراك زاهية الملامح كابتسامةْ المرفأ الغافي وهمسته يهنئ بالسلامةْ ونداء مئذنة مضوأة ترفرف كالحمامةْ يا موطني ذا زورقي أوفى عليك فخذ زمامةْ. موضحاً أن القصيبي أكد مفهوم الخليجية في شعره، وأن القصيبي لا يفتر ذكره البحرين في كل مرحلة من مراحل عمره وعمله حيث قال في المنامة: أتذكرين إذا ما غبتُ في سفري أني خلعتُ على عينيك سحرهما وأنني قلتُ في عينيك قافيةً ما استوطنتْ ورقاً لولايَ أو قلما وأنني كنتُ في العشاق.. أعشقهم وكنتُ في الشعراء المفرد العلما وكنتِ بين حبيباتي الأعفَّ هوىً الأجملَ.. الأنبلَ.. الأصفى.. الأرقَّ فما شعري كحسنكِ لا يخبو شبابهما لم تشكُ ليلى ولا مجنونها هرما. وقال رئيس النادي الأدبي بتبوك الدكتور مسعد العطوي في مداخلة "إن المحاضر وضع القصيبي في إطار ضيق"، متمنيا ذكر محطات نقدية أوسع وأشمل في حياة الراحل.