يعتقد البعض بأن القناعة هي عكس المثابرة وبذل الجهد وهي ضد التحفيز، هل هذا الاعتقاد صحيح؟ أعتقد بأن القناعة موضوع نسبي يختلف من شخص إلى آخر وحسب نظرة كل إنسان إلى هذه القناعة، فلو أخذنا المؤشر الرقمي والذي يقيس مدى قناعة كل شخص أو إنسان في موضوع محدد لتفاجأنا بالنتيجة ولوجدنا التفاوت والاختلاف الكبير في هذا المؤشر، فعلى سبيل المثال هناك من يقتنع في تعليمه بحصوله على الشهادة الثانوية ويجدها كافية وافية له، وفي الجهة المقابلة هناك من يجد أن شهادة الدكتوراة هي الخطوة الأولى ولا يكتفي بهذه الشهادة العليا بل يواصل أبحاثه إلى أن يصل إلى الأستاذية (بروفيسور) وهكذا نجد التفاوت العلمي في القناعة العلمية بين الأشخاص مختلفاً حسب فهمهم وظروفهم وإمكانياتهم. هناك مقولة تقول بأن القناعة هي نصف سعادتك، فهي بلا شك جزء من سعادة الإنسان واستقراره ورضاه وأعتقد بأن النصف الآخر من السعادة المرتبط بموضوع القناعة لكي تكتمل هو أن يكون هناك مثابرة وجهود حتى تتحقق كثير من الأهداف، والإصرار على تحقيق معظمها إن لم يكن جميعها. طموح الإنسان واقتناعه بوضعه الحالي يمكن أن يكون ثابتاً ومتغيراً ومرتبطاً بتغيرات في حياته وتطور الحياة العلمية والاقتصادية والصناعية والتقدم التكنولوجي المرتبط بها. الحياة مازالت مليئة بالفرص لذلك من المهم جداً أن تكون مستعد لها لتحقيق أهدافك وأحلامك وبالتالي تصل إلى مرحلة تبدأ عندها قياس مدى اقتناعك بما حققته وهل أنت راضٍ عنه ومكتفٍ أم هناك جزء متبقٍ لم يتحقق بعد ويحتاج إلى جهد ووقت لتحقيقه. مع مرور السنين وتقدم العمر تتغير وتتبدل بعض القناعات وتبدأ حدود القناعة وسقفها بالتغير أيضاً فيعلو أو ينخفض بحسب الإنجاز والطموح وهما مرتبطان بها ارتباطاً وثيقاً. جميل جداً أن يكون الاقتناع مرتبطاً بمؤشرات الطموح والإنجاز، فهو يخضع باستمرار للمتابعة والتدقيق والتحقيق وفي النهاية يصل إلى مرحلة الرضا والقبول. إذا نستطيع أن نقول بأن المثابرة والعزيمة والسير قدماً في تحقيق الهدف تشكل جزءًا مهماً من القناعة إن لم تكن هي الأساس وأن التحفيز هو من يغذيها ويدعمها وليس كما يعتقد البعض كما قلنا في بداية حديثنا.