من المؤكد أن القصيدة تجبر على الوقوف في الصف المناسب لها، ليس قهرًا لها واختيارًا منا ولا ترتيبًا مسبقًا من شاعر ولا إعلام ولا مدون قصائد ولا راوٍ؛ ولكن لأن لمؤهلات المنتج اختياره المنفصل تمامًا عن الشاعر والمتلقي. سواء كانت القصيدة جيدة أو أقل جودة فهي في صفها الذي تصنف فيه دون جهد، والصفوف الشعرية الضمنية لا يتعدى بعضها على بعض وفي ذاكرة الشعر قد تبين ذلك، فلا تتقدم ولا تتأخر، وهذا لا يعني أنها تفرض على المتلقي، ولكن يعني أنها تعرف مكانها من الفرز العام للشعر جيدًا، ذلك المكان الذي يتولى استقبال المنتج وتهيئة نفسه بنفسه لها تلقائيًا أو كما هو متخيل. وإذا عرفنا أن الشعر يسبح في بحور الإحساس وفي عمقه قريحة غائبة عنا وكذلك الشعور الذي بالطبع ليس واقعًا نتفاعل معه، ما يتعذر علينا رؤيته وتحرك مساراته قبل ميلاده حتى بعد أن يصبح الشعور قصيدة نرددها يبقى شعور قائلها سرًا غامضًا بينه وبين نفسه، ليس لنا فيه قسم ولا نصيب، وهذا الشعور يصدق أو لا يصدق ليست هذه مهمتنا أن نحكم عليه ونقيس ذلك، فهو غير خاضع للقياس أصلاً، ولكن تبقى للقصائد دائمًا في صفها الأول جاذبية، وهذه الجاذبية إما أن تكون حسية وثقافية وبيانية وبلاغية وصورًا فنية تخاطب الذوق وتطرد الملل لمتعتها وانسجامه معها، أو تكون القصيدة ذات مضمون محفز لكي يغوص المتلقي في كشف غامضها ولغز قصده الشاعر نوعًا من المستحثات والتحدي. يقول الشاعر رشيد الزلامي رحمه الله: الشعر ماني مقترح دستوره ولاني وكيل آدم على مذخوره ولكن من شيٍ يحز بنفسي هاضت به أفكاري وهي مجبورة شعر النبط شفته بوسط الشارع يمشي ويسحب رجله المكسورة وما شاهدت عيني عرفت أسبابه زان الزمان وبانت المصرورة ومن قصيدة الإبداع والجودة قصيدة تستند في طرحها وتذوقها على الصدق في العطاء، والمعروف في الأداء، واستثارة التفاعل من خلال مضامينها غير المباشرة، فيها يقول الشاعر فرحان فالح الربيلي العنزي: البارحة نومي على اكواع وكفوف وعن لذة المرقاد عيني عيوفة يصدف لها عن لذة النوم صادوف صادوفها قلب كثيرة صدوفه أن لف به في تالي الليل لافوف ابعد كراها من هموم تلوفه يطلع وينزل بي بعهن من الصوف عهن تبلت كنة القيظ صوفه مرات ياقف بي على شفة الخوف في ماقف كل الافاعي تحوفه ومرات يمشي بي على درب معطوف نهايته عن مابغيت معطوفة ولا ادري يحصل ما يدور وراى نوف واللى يحده عن هوى نوف نوفه راعي الجناح اللى من الريش منتوف في ماقف حلت عليه المروفة يلاف واللاف بلى ولف مالوف إيلافها زاد الكلوفة كلوفة بينت متخفي وخفيت مكشوف وحذفت نص الاولة من حروفه لا تاقع الشبهة على حروف بحروف وآقف بميقاف يكلف وقوفه واللي يدبر وال الاقدار مشيوف لو ساعة المقسوم غير معروفة ولا احد قضى معظم حياته بلا ظروف ولا كل رجال يجاحد ظروفه وانا جحدت اللي من المتن للجوف جحدت جرح يجرح اللي يشوفه والحذفة اللي تلمس الجسم وتطوف ما ظنتي نفسي عليها زهوفة جحدتها لو جا تني مثلها ألوف مادام ماهي بالجبين محذوفة ماني ضعيف أطرد ضعيفة ورى ضعوف والفايتة ما الحق وراها حسوفة من شان رجال مع الناس معروف من شوفته تعرف بقايا وصوفه يشوفه اللي فاقد الشوف مايشوف ونوب المفتح ياصله مايشوفه عليك عرفه ياراعي العرف لايطوف و إن ماعرفته معرفتك معيوفه سميت من ياقف مع الحق ملقوف ومن لا يعرفه وش تسمي صنوفه جلست خلا لو هي على راس شفشوف أخير من مجلس تزانت ضعوفه تمت ومايبقى النظر عنه مصروف ونهاية الغزوة تسمى نكوفة والشاعر وضح الصدق والمعروف، ومن لا يعرف الصدق والمعروف فمعرفته معيوفة. الشعر يسبح في بحور الإحساس رشيد الزلامي /div ناصر الحميضي * * * * التعليقات Error: