أربعة وخمسون عامًا مرّت على فيلم تسجيلي قصير جرى تصويره عام 1966م، مع عدد من الأطفال تتراوح أعمارهم بين السادسة والرابعة عشرة حول نبوءاتهم وتوقّعاتهم للعالم بعد عام 2000م.. جاءت إجاباتهم مدهشة، بل مخيفة أحيانًا، وقد بدا على أكثرهم خوفه ورعبه من سباق التسلّح النووي، لا سيما أن التسجيل جاء بعد مرور نحو عشرين عامًا على إسقاط قنبلتين نوويتين على كل من هيروشيما ونجازاكي المدينتين اليابانيتين اللتين تم تدميرهما تماما بغرض استسلام اليابان وانتهاء آخر الفصول المأسوية للحرب العالمية الثانية التي خلّفت وراءها ما يقارب مائة مليون ما بين قتيل وجريح جلّهم من المدنيين الذين لا حيلة لهم ولا قوة في تلك الحرب، أعود إلى نبوءات أولئك الصغار حينما صدقت تمامًا على بساطتها كجمع المواشي في حظائر خاصة بعد أن كانت لها المراعي الشاسعة.. وتغذيتها كيميائيًا لتكون أوفر وأكبر، مرورًا بالتمدد الرأسي للمساكن وضيق البيوت وتحولها إلى شقق صغيرة، كذلك رقمنة الإنسان، بحيث يتحوّل إلى رقم كما هو شأن الوثائق اليوم! والسؤال الآن: ما الذي يمكن أن يتنبأ به صغار العالم اليوم للعام 2066م، مثلاً بعد مرور مائة عام على نبوءاتهم في ظل هذه الصراعات المفتعلة، والسباق المحموم نحو الحروب والنزاع في كل خرائط العالم؟! ماذا عن السلاح النووي الذي فعل ما فعله باليابان وهو بعد في مهده وفي تجربته الأولى؟! ماذا عن أثر هذه الرقمنة بعد أن تنبأ بها جيل ما قبل الألفية، ومدى طمسها للمشاعر الإنسانية والجذور الأسرية؟ ماذا عن الروبوتات التي ستزاحم البشر قريبًا على هذا الكوكب؟ وما مدى إمكانية تملك أحد ما أو جهة ما لفيروس يمكنه تحويلها إلى وحوش تعيش بيننا؟ يا الله! هل يعيش إنسان اليوم بسياسة الأرض المحروقة على هذا الكوكب، حينما يدمّره بهذه البشاعة، بحيث يندر وجود حالم بيننا بغدٍ أجمل أو حتى بمستقبل آمن للإنسان على هذه الأرض؟ إنه فيلم للتعب لا للمتعة أيها الصغار، نعم صدقت نبوءاتكم في جلّها إن لم يكن كلّها.. لكنّنا سنجاهد كي لا نستكشف نبوءات أبنائنا اليوم كي يكملوا حياتهم غافلين..! فاصلة: قال المتنبي قبل أكثر من ألف سنة: ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم