الشهرة والمألوف، مفردتان في أمس الحاجة إلى التوازن في تناولهما والأخذ بهما في مجال التفاعل. فالمألوف هو ما ألفه المجتمع، سلبياً أو إيجابياً، والشهرة تعني "معرفة الشيء مَعرفة واسِعة، و تعني الظُهور والانتشار". وعادة الشعراء والكتاب والمتكلمين استخدام المادة لمنتجهم من مألوف المجتمع، ويكون الانتشار في محيطهم مقبولاً، وهذا الإجراء ناتج من أسباب كثيرة أولها خوفهم وكذلك الرغبة في اندماجهم في المجتمع وعدم معاداة منتجهم وأيضاً اقتناعهم وقناعتهم أن ذلك أجود. يقول حميدان الشويعر: من لا يكون بقدر نفسه عارف هذاك ثور ما عليه قلادة والمعنى واضح وهو أن يجعل الإنسان نفسه في مكانها ومكانتها فلا يتعدى حدوده، وبالطبع تلك الحدود يرسمها المجتمع عادة والأعراف والمألوف السابق والإرث المتتابع. وإذا كان المثل الشعبي يقول: "سو المنكر حتى تذكر" فالمنكر هنا هو ما لم يألفه المجتمع، وليس بالضرورة كونه خطأ، لكن المجتمع ينكره أو لم يألفه. فكلمة: منكر، في هذا المثل تعني غرابة الشيء. والمشاهير اليوم بعضهم خرج عن المألوف إلى ما هو سيء وبعضهم إلى ما هو حسن وبعضهم يجرب ظهورًا مختلفاً لا أكثر، فاشتهر من اشتهر بحجم ما لهذا الشيء من استنكار المجتمع له. والشاعر حميدان الشويعر طرق عدة أغراض وفتح أبواباً لم يتجرأ عليها شعراء جيله على الأقل، فنقد الصغير والأمير والصديق والقريب والبلدان والمجتمعات وعم وخص، فكان يغوص ولا يغرق ويسبح في بحار تتلاطم يحرك موجها من ركود، ولهذا اشتهر وإلا فإن لقصائد شعراء كثر ومنهم راشد الخلاوي وقعاً يفوق شعر حميدان الشويعر عدداً وسبكاً وحبكاً ومحتوى. لكن الأبواب التي فتحها نفذت إلى طرق نقدية من الصعب على الشاعر العادي تحمل تبعاتها، ولهذا آثر الشعراء البعد عنها ولا يمنعهم العجز عن قول مثله ونظم القصائد، ولكن الذي يمنعهم هو تبعات تلحق بهم وصعوبات المواجهة، وهم في غنى عن ذلك كله، ولا شك أن حميدان الشويعر لحقه ما لحقه إلى حد ما ولكنه لم يعبأ بذلك مطلقاً، وأما نهايته فلم تكن بسبب شعره وإنما بعيدة كل البعد عن ميدان الشعر وأغراضه، بل إن شعره حركه في كل اتجاه ينتفع به. لقد عرض الشاعر نفسه وأسرته ومجتمعه الصغير والكبير لمواجهة وأزمة كبيرة في وسط هو أشد ما يكون إلى عدم النفور منه أو عزله أو عداوته، لكنه واجه كل هذا وتجاوزه بكل قوة، وحقق شهرة واسعة، وأما اختيار الشعراء عدم الخروج عن المألوف ولو كان رتيباً لا جديد فهذا شأنهم الخاص. عندما قال حميدان الشويعر: ليت مانع إلى قلت له طاعني يوم توه بمطلوبه مشبهري قبل تاخذ بقلبه زهرة الربيع في ذرى الغار غره بها المنظري ويتشربك بحبل الشرك بالشبك ثم يصبح على راسه مكنعري ما درى ان النثايل وكثر التراب من وسيع الدواخل وهو ما دري يا صبي استمع من عويد قضى الدهر مد به لين ما قصري ما بقى منه غير العصب والعظام مثل عود على الدرب ومقشري احترس من سهوم القدر بالحذر وانت مالك عن اللي لك مقدري كل من كان قبلك بيوم وليل شاوره والعلم عنه لا تقصري حط بالك لما كان اوصيك به فان هذي وصاة على خاطري كانت مقدمة القصيد موجعة لأسرة ولده, هنا خرج الشاعر عن المألوف، فالوصية يمكن قولها من دون أن يبدأها بالصدام، فكثير من الشعراء قدموا وصاياهم بشكل أو بآخر ولكن من دون أن يصادموا أحداً أو يعيشوا مشكلة أسرية محتملة. وإذا كنا نريد لبعض أشعاره مخرجاً قلنا منحولة، وهذا غير صحيح، ولكن جل قصائده قيلت على مستوى محدود وبين رفاق الشاعر وليس في ديوانية شعر ومحفل واليوم هي في فضاء يصعب السيطرة عليه. سطحية بعض مشاهير السوشيال ميديا ناصر الحميضي