كتبت هنا بعنوان (عيون النساء تستطيع إغراق أمهر السباحين)، ذكرت فيه تأثير عيون النساء الجميلات (الوصف للعيون) على قلوب الرجال، وأنها قد تُغرق أمهر السباحين في بحار الغزل، حتى كثيري الاختلاط بالنساء، ورد العلامة أبو عبدالرحمن بن عقيل في مجلة اليمامة الغرّاء - وهو موسوعة ثقافية نفخر بها -.. كان رده - حفظه الله - بعنوان: (يا لها من هدية أزفها لأخي الأستاذ "عبدالله الجعيثن" أشكر علامتنا على الهدية القيمة، وما حوت من وجدانيات، وروعة في الأسلوب، وغزارة في المعلومات، ومن تعقيبه - دامت سعادته-: (قال أبو عبدالرحمن: نشر أخي الأستاذ الفاضل (عبدالله الجعيثن) مقالة بعنوان (عيون النساء تستطيع إغراق.. إلى آخره) بجريدة الرياض في عددها رقم (18543) في تاريخ 25/7/1440 هجريًا، واستثنى عيون الجميلات، واستشهد بأبيات منها قول (ابن الرومي): نظرتْ فأقصدتِ الفؤادَ بسهمِها ثم انثنَتْ نَحْوِي فكِدتُ أهيمُ ويْلاهُ إنْ نَظَرتْ وإن هِيَ أعْرضتْ وقْعُ السِّهام ونَزْعُهُنَّ أليمُ ..إلخ قال أبو عبدالرحمن: بل عيون القبيحات تفتنُ وتأسر، ولي قصة مع (أبو تراب الظاهري) رحمنا الله جميعًا وإياه، وقد أكلت الفؤاد مع أنها سوداء فاحمة، شفتاها وخدّاها كخف البعير.. لمّا أدركناها في شارع الوزير مُحاذين المقبرة، ولعلها تأتي مناسبة للحديث عن ذلك، وأما هديتي للأستاذ (ابن جعيثن) فهي من تجارب الإمام ابن حزم، وهذا الإمام رحمه الله تعالى حباهُ الله شفافية في إدراكه بعينيه وعقله وإحساسه الظاهر والباطن، فاستوعب معارف العلوم سوى الرياضيات، فهو حزين على فوات ذلك، والخلاصة أنه سبق زمنه بألف عام..). وقبل أن نصل إلى فحوى الهدية الثمينة أود التعقيب بأنه لا تكاد توجد امرأة قبيحة بهذا الشكل المطلق؛ لأن الجمال نسبي، والأذواق تختلف، والجمال لا يقتصر على الشكل بالطبع، جمال الروح هو الباقي والأساس، الوفاء والحنان والإخلاص، المرح والذكاء والرّقة مع الرجل والوداعة أمامه، سواء أكانت المرأة بيضاء أو سمراء أو سوداء، كما أنّ ذوق المرأة الراقية، وأناقتها وزينتها المدروسة، هذه المعطيات لها دور كبير في قياس الجمال، ومثلنا الشعبي يقول: (شين مجمّل ولا زين مهمّل)، وفي مصر (لبّس البوصة تجي عروسة). وفي تراثنا الأدبي، وموروثنا الشعبي، مُفاضلات مطولة بين ذوات البشرة البيضاء وذوات البشرة السوداء، كُلّ يُدلي بحجته، ويعبر عن ميله وذائقته، حسب تجاربه، ولكن تلك المفاضلات تُجمع على أن كلهن جميلات، مع التأكيد على أنه لا يوجد جمال كامل، ولكنْ في كل امرأة نوع من الجمال هنا وهناك في الشكل، ناهيك عن الروح، وهذا الذي جعل العلامة (أبو تراب الظاهري) رحمه الله، يهيم إعجابًا بامرأة فاحمة السواد (كما عبّر الأستاذ أبو عقيل)؛ لأن عينيها ساحرتان، إذن لا توجد امرأة تخلو من لفتة سحر، ولمسة جمال، وأعرف كثيرًا ممن يهيمون بالسمراء والسوداء، وفي الشعر من ذلك كثير.. يقول الأمير عبدالله الفيصل: سمراء يا حلم الطفولة يا منية النفس العليلة كيف الوصول إلى حِماك وليس لي في الأمر حيلة ووسيلتي قلب به مثواك إن عُدّتْ وسيلة قلب رعاكي وما ارتضى في حبه أبدا بديلة أسعدته زمنا وروى قلبك الحاني غليله ما بال قلبك ضل عنه فما اهتدى يوما سبيلا وسبيلك الذكرى إذا ما داعبتك رؤى جميلة في ليلة نسج الغرام طيوفها بيد نحيلة وأطال فيها سهد كل متيم يشكو خليله سمراء يا أمل الفؤاد وحلمه منذ الطفولة كيف الوصول إلى حماك وليس لي في الأمر حيلة ويقول بشار بن برد: وغادة ٍسوداء برَّاقة كالمَاءِ في طِيبٍ وفي لينِ كأنَّها صيغتْ لمن نالها من عَنْبَرٍ بالمِسْكِ معْجُونِ ولعبدالله فضالة أغنية عجيبة في المفاضلة بين البيض والسمر، وأن الجمال في اللونين وربما فضل السمراء: أقسمت بالله وتوّرخت اليمين لازيّد السمراء على البيضا اسهمين ومنها: ماخذين الزود بالجسم السمر خَصّنْ ابن لعبون يوم انّه يمرّ شافهن وقت الظما وعظم الأمر شاهد له ابن فرح قبل الممات هات يا قلبي عليهم عاد هات يوم شفت السمر جنّي مقبلات كاملات الزين هن سيد البنات أرياقهم يا قلب سكر مع نبات وهي قصيدة طويلة خلاصتها الجمال موجود في النساء مهما اختلفت الألوان. أشكر شيخنا الجليل أبا عبدالرحمن بن عقيل على هذه الهدية القيمة، المُغلفة بأسلوب جميل، ومعلومات مفيدة، وسنعرض تفاصيل هديته الكريمة في موضوع لاحق إن شاء الله.. (يتبع) عبدالله فضالة الأمير عبدالله الفيصل أبو عبدالرحمن عقيل الظاهري