لم يثِر انتباهي تساؤل الدكتور محمد كمال خاقاني أستاذ الأدب العربي في جامعة أصفهان الإيرانية عن سبب استعمالاتي لمفردة (عِشق) في كثير من أشعاري؛ إذ عرف شعراء العرب باستعمال لفظة (حُبّ) أكثر من لفظة (عِشق)؛ حيث اختصَّ بها شعراء الفُرس، وبالذات شعراء العِرفان والتَّصوُّف، والواردة كثيرًا في رباعيات عمر الخيَّام ومقطوعات سعدي وحافظ الشيرازي وشاهنامة الفردوسي أثناء مداخلته الحضورية في محاضرتي الثقافية عن أدب المرأة السُّعُوديَّة التي شاركتُ فيها في قسم اللغة العربية وآدابها بكلية اللُّغات في جامعة أصفهان الإيرانية شهر آيار 2008م بدعوة من صديقتي الشاعرة الأصفهانيَّة وأستاذة الأدب العربيِّ الدكتورة نرجس كنجي وحضرها طلاب وطالبات اللغة العربية وأساتذة الأدب العربي وطلاب الجامعة من الوطن العربي، مثلما أثار تنبُّهي شغف الجمهور الفارسيِّ للاستماع إلى اللُّغة العربيَّة من لسان عربيِّ فصيح، ومن أرض الحرمين أو بلاد الحِجاز كما هو شائع استعمالها لديهم؛ حيث كان الجميع ينصتُ بأذنه الواعية لموسيقا الإيقاع العربيِّ من تناغم حروف اللغة العربية ومواطن مخارجها وطريقة نطق الكلمات التي يستعملونها في دراساتهم بشكلها السّليم. لم أكن أتهيَّب وقتها الجمهور اللافت الذي كان عميد كلية اللغات الدكتور جعفر دِل شاد يجمعه من عند باب قاعة المحاضرات الكبرى، وهو الجمهور الأول المشترك - رجالًا ونساءً - لي خلال اعتلائي منابر الإلقاء؛ حيث كنتُ في رحلةِ فِكرٍ شغوفةٍ واطلاع الآخر على فكر المرأة السُّعُوديَّة النَّابِه الأنبه عبر معلومات أثيرية لملمتها هنا وهناك عن إبداعات أبرز الأديبات السُّعُوديات وامضَّهُنّ وأمضاهنَّ إنتاجًا بدءًا من سُلطانة السِّديريِّ وسُويعات الأصيل ولهفة هدى الدغفق الجديدة وترجمة أشعارها إلى اللغات الإسبانية والألمانية والإنكليزية وإلى مطريَّات. أشجان هندي بنكهة الليمون ورائحة الغيوم ومع الشَّاعرة النَّموذج خديجة الصَّبَّان، عروجًا إلى رجاء الصانع ورواية بنات الرياض ، وما إن استشعرتُ رغبات الجمهور بتقديم المزيد الأزيد عن المرأة السُّعُوديةَّ؛ إذ بي أسترسلُ مع كلِّ لفَّة شِيلةِ الحجابِ التي ما إن ألملمها تهندُمًا وترتيبا إلاَّ ويفُلَّها فكُّ حنكي وأنا مُنصاعة ملتاعة وكلام جلستي الفكريَّة الأدبيَّة الثقافيَّة المتباينة الاتجاهات شِعرًا ونثرًا! لم يغب عن خيالي وأنا أستذكر الحدث هنا في توثيق المذكرة استحسان الجمهور العَجَميِ دراميتي الإلقائيَّة من على منصَّة الإلقاء التي كانت تشاطرنيها أستاذة الأدب العربيِّ الدكتورة نرجس كنجي، التي قدَّمتني بديباجة إشادة ساحرة متناغمة وسحر أصفهان الذي لامس أحاسيسهم ما إن فتقتُ رتق صمت القاعة شاديةً: أصفهَانَ الحُسنِ ما أحلى رُبَاهَا وجمالُ الكونِ من نجوى هَواها منذ أن عانقتَها لم أنسها قد سَباني عِشقها؛ قلبي اشتَهَاها وسَباني حُسنها في ليلٍ صيفٍ فنَظمتُ الشِّعرَ شوقًا في لِقَاها كُلُّ عِشَّاقِ الهَوى قد قصدُوها يَبتَغُونَ الحُبَّ في نِجمِ سَنَاهَا عَشَقُوها دُرَّةً تسبي الحِجَا كَسَتِ العِشقَ جلالًا وكسَاها وقد كنتُ كثيرًا ما أستشهد عند الأكاديميين السُّعُوديين بملاحظة عميد كليَّة اللُّغات الدكتور دِلشاد حول نقص المراجع الأدبية والمصادر المعلوماتية في الجامعات الإيرانية عن الأدب السّعُوديِّ واحتياجات طلاَّب اللُّغة العربيَّة فيها إليها ولربَّما بعض أشعاري البسيطة تعد الأولى من نوعها التي درَّستها الدكتورة نرجس كنجي لطلاَّبها في قسم اللُّغة العربيَّة وما أعرف إن كنتُ قد تركتُ بصمةً سُعُوديَّة حِجازيَّة إبداعيَّةً وإن كانت خديجة الأثر؛ مبتورة التَّكوين؛ منقوصة النَّشأة لديهم! لكنها ومضة بارقة تشي للآخر أنَّ يلتفِتَ إليها بنظرةٍ خاطِفة وإن كانت باهِتة! يتبع .. اعتدال ذكرالله