جاءت دعوة المملكة العربية السعودية لحوار جدة بين الأشقاء اليمنيين، بعد حالة فوضى شهدتها عدن على إثر الفتنة بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وتنبع دعوة المملكة للحوار وحل الخلافات سلمياً من استشعارها لمسؤولياتها تجاه الأشقاء في اليمن. وتأتي دعوة المملكة لحوار جدة في أجواء متوترة تشهدها محافظاتجنوب اليمن بعد حراك المجلس الانتقالي، بإعلانه السيطرة على المراكز الخاصة بالحكومة الشرعية. وتخدم استجابة الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي لدعوة المملكة للحوار، الشعب اليمني أولاً وأخيراً؛ لأن منطق استخدام السلاح لتحقيق مكاسب سياسية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفرقة والانقسام، وزرع العداوات والأحقاد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد، واستمرار سفك الدماء بين الأشقاء. ويرى محللون سياسيون أنه لا يمكن لأي حوار سياسي بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي أن يحقق النجاح المنشود بالوصول لاتفاق ينهي الخلافات بينهما في ظل تصعيد عسكري، واستفزازات متبادلة بين الأطراف المشاركة أو من أحدها تجاه الآخر، وتستدعي المصلحة العليا من جميع الأشقاء اليمنيين التوحد واجتماع الكلمة بدلاً من المعارك الكلامية الجانبية، وتوجيه الجهود نحو إنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران على الشرعية ودحر المشروع الإيراني في اليمن. ويظل الهدف الأكبر لتحالف دعم الشرعية، الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، وأمان وسلامة شعبه، وإنهاء الانقلاب الحوثي على الشرعية، ولذلك فإن التحالف يرفض إشغاله عن تحقيق هذه الأهداف بصراعات وخلافات جانبية. ولا شك أن المملكة العربية السعودية معنية بحفظ أمنها وسلامة أراضيها، وأن أي اختلال سياسي وانفلات أمني في اليمن يؤثر على أمنها واستقرارها الوطني، لذلك تعمل جاهدة لحل جميع الخلافات بين الأشقاء في اليمن بالحوار الأخوي وتغليب الحكمة، والسير في اتجاه تطبيق محددات حل الأزمة المتمثلة في الالتزام بالمرجعيات الثلاث وهي قرار مجلس الأمن رقم 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وهو ما يلتزم به التحالف، وما يجب أن تلتزم به جميع الأطراف والمكونات اليمنية. وفي إطار جهود تقديم الخدمات الإنسانية، تبرز مبادرة "استجابة" التي أطلقها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان اليمنية، لعلاج المصابين جراء الأحداث الأخيرة، للتخفيف من آلام ومعاناة المتضررين والمصابين حسب ما تقتضيه حالتهم الصحية، وبموازاة جهود المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لحل الخلاف بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي على المستوى السياسي، سيستمر البلدان في أداء واجبهما الإنساني تجاه الشعب اليمني الشقيق. من جانبه، قال المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر: إن الخلافات السياسية يجب أن تحل بالتفاهم وعبر طاولة الحوار للوصول إلى حلول مرضية لكافة الأطراف خاصة أن هناك مشروعا إيرانيا خطيرا للسيطرة على المنطقة بشكل كامل، وأشاد الطاهر بدعوة المملكة لحوار جدة، معرباً عن أمله في تفاعل الجانب الحكومي اليمني، وكذلك التهدئة من قبل المجلس الانتقالي لتهيئة الأجواء لحوار ودي مثمر. وأكد الطاهر أن المصلحة العليا لليمن في الوقت الحالي هي توحد كافة الأطراف وتوجيه البنادق نحو عدو واحد، والعمل على قطع أقوى ذراع لإيران في المنطقة المتمثل في ميليشيات الحوثي الانقلابية بالطرق العسكرية وليس بالحوار؛ لأنه لا يمكن التحاور مع الميليشيات الإرهابية مثل ميليشيات الحوثي والقاعدة وداعش التي دائما ما تنقض العهود. وأشار الطاهر إلى البيان السعودي - الإماراتي الذي جاء في توقيت مهم، حيث كان "الإخوان المسلمين" والحوثيون يعملون على إحداث تصدع في التحالف العربي، وهذا البيان جاء بمثابة حائط صد لإيقاف مثل هذا المشروع، وللتأكيد على متانة العلاقة بين دولة الإمارات والمملكة، وفي نفس الوقت يظهر مدى فعالية التحالف العربي للضغط على كافة الأطراف لحل المشكلات السياسية بالحوار والتفاهم وتوحيد الصفوف وتوجيه البوصلة نحو هدف واحد هو محاربة الحوثيين وقطع الطريق أمام التكهنات التي كانت تتحدث عن وجود خلافات. وشدد الطاهر في تصريحات ل"الرياض" على أهمية الدور السعودي تجاه ما يمر به اليمن، حيث تقف المملكة دائماً مع الشعب اليمني خاصة في هذا الظرف الذي يعاني فيه اليمن من احتلال إيراني، وهناك أيضاً دور فاعل للإمارات، وكل ذلك في سبيل استعادة الشرعية وإغاثة المدنيين من الجانب الإنساني.