رغم أنّها لم تكن المرّة الأولى التي أتشرّف وأدلف فيها باب سيدي خادم الحرمين الشريفين ذلك الباب الذي لم يعهده أكثر من 33 مليون مواطن سعودي إلا مشرعاً لهم ومنذ أن كان ملك الحزم والعزم حاكماً للرياض سوى أن هذا الشرف الذي يحلم فيه كل مواطن بالسلام على ملك الحزم والعزم هي أمنية وأيّما شرف. سيبقى صباح ولقاء يوم الاثنين الخامس من ذي القعدة 1440ه الموافق 8 يوليو 2019 عالقاً في ذاكرة كل إعلامي يمثل هذا الوطن ممن حظي بهذا الشرف، كيف لا وهذا اللقاء للتاريخ لقاء المجد بالتاريخ لقاء القائد بقادة الرأي والفكر والقلم لقاء يثبت بأن الجندي بسلاحه على ثغرة من ثغرات الوطن والإعلامي بحسّه وفكره وقلمه هما سيّان في ميادين الحرب والذود عن الوطن. هذا ولأن للإعلام فوة اجتماعية واقتصادية مهمة في المجتمع، وهي قوة رئيسة في تشكيل الرأي العام، وبالتالي له تأثير قوي على الجهود الوطنية، كما أن الإعلام يؤثر بشكل مباشر على أفراد المجتمع من خلال قدرة وسائل الإعلام الوصول إلى فئات كبيرة من المجتمع تنطلق من قدرتها في مخاطبة جماهير عريضة في وقت واحد، وهذه خاصية من خصائص الإعلام الجماهيري بما يمكن معه التوجيه الجماعي نحو هدف أو قضية معينة واستنهاض الرأي العام لعمل ما سلباً أو إيجاباً وبث مشاعر معينة تحرك الجماهير نحو سلوك أو قرار محدد وكما هو معروف عن مجتمعاتنا أنها مجتمعات عاطفية فنجد كثيراً من وسائل وقنوات الإعلام تحاول أن تستميل الجمهور لصالحها عن طريق تحريك مشاعر العاطفة لديهم وقيادتها لما يخدم أجندتها أو مشروعاتها السياسية حينها علينا إعادة النظر في الاستراتيجيات الإعلامية والفكرية (الثقافية) ومدى قدرتها على مواكبة قوة الدولة العسكرية أو الأمنية وتشكيلها رافداً لها وأحد أدواتها ووسائلها. ومن منطلق أن الصحافة تُعدّ أهم وسائل الإعلام وتُشكّل قوة ناعمة للدولة في حربها الإعلامية وتُضاهي قوتها العسكرية وظهر ذلك جلياً في الصحافة السعودية التي لم تكن في معزل عن أحداث الوطن وقضاياه السياسية في معالجتها الصحافية عموماً، وفي اهتمام كتّاب الرأي العام بتلك القضايا السياسية وتناولهم لموضوعاتها في زواياهم وأعمدتهم على وجه خاص، وتوعية المجتمع وتشكيل الرأي العام المحلي والعالمي، من خلال تحليلاتهم، والتبصير بالحقائق، أو شرح المواقف السياسية الآنية، أو تقديم قراءات مستقبلية، أو وضع أطر للقضايا الوطنية والدولية. في لقاء الملك بالإعلاميين تأكيدٌ بأنّ الإعلام لم يعد ترفاً بل ضرورة ووسيلة ناعمة. إن كنّا سنتفق أن لإعلام كل مؤسسة أجندته فإن الخلفيات السياسية والمشروعات الإيديولوجية تُحوّل الدور الإعلامي إلى قوة ناعمة تقل كثيراً في كلفتها المادية عن الكلفة العسكرية ولكنها قد تتفوق عليها في نتائجها العكسية بصورة أكبر مما قد يتصور!