28 أكتوبر الفائت تاريخٌ لا يشبه سوى نفسه؛ فحينما دلفتُ باب ذلك المجلس الملكي الأخضر لأول مرة ملبيةً دعوة حضور اللقاء الذي أيضاً لا يشبه إلا نفسه وكيف لا والثقافة والإعلام في حضرة مجلس الأب وملك الحزم والعدل والثقافة القريب من الإعلام والإعلاميين والقارئ للأنساب والسير وللتاريخ. فحينما شرفتُ بالسلام على سموّه والتعريف بنفسي واسمي لم أتفاجأ من سؤاله أطال الله في عمره عن أهلي وحضرتني حينها تلك المحاضرة التي عُقدت قبل بضع سنوات في المدينةالمنورة في الجامعة الإسلامية تحديداً وشرفتُ كذلك بحظوة ترشيحي لتقديمها والتي كانت تحمل عنوان: الأسس الفكرية التي قامت عليها الدولة السعودية، أمّا المُحاضِر فقد كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله . أن تحظى بتقديم كلمة في حضرة ملك هذا أمر؛ وحينما يكون الملك القارئ للتاريخ، والمطّلِع على الوثائق والمتابع للإعلام هو المحاضِر والثقافة والإعلام في حضرته فذلك أمر آخر! أذكر جيداً ما ضمّن الملك حفظه الله محاضرته من استشهادات من كتب التاريخ مؤكداً على الأسس الفكرية التي بُني على أساسها هذا الوطن، الأسس الفكرية التي تحدث عنها الملك حفظه الله لم تكن معزولةً عن الاستشهاد التاريخي؛ وكيف أمتعنا برجوعه تارةً إلى مؤرخين عرب مثل المؤرخ: عثمان بن بشر، وتارةً أخرى بمؤرخين أجانب مثل استشهاده بالمؤرخ الفرنسي: فيلكس مانجان. في كلمة معالي وزير الثقافة والإعلام التي ألقاها أمام الملك -حفظه الله- حينما تحدّث عن دور الثقافة والمثقف في حماية وطنه ومكتسباته تتبلور أهمية الدور الثقافي المتمثل في الفعل الثقافي للمثقف بما يعبر عن قدرات ذلك المثقف أو المثقفة على مشاركة ذلك الجندي المرابط على ثغر من ثغور الوطن كلٌّ بسلاحه أو بقلمه أو عمله شريك في الدفاع عن وطنه ومنافحاً عن محاولات استهدافه أو التربص بشبابه ومكتسباته. لذلك يُحسب لوزير الثقافة والإعلام ووزارته توجيه الدعوة للشخصيات الثقافية والإعلامية في لقاء الملك بالإعلاميين، لدور الثقافة والمثقف من ناحية ولأن الإعلام لم يبت ترفاً بل ضرورة ووسيلة حرب ناعمة؛ عليه فإنّ أخطر سؤال يُمكن أن يواجه به نفسه أي مسؤول ثقافي أو إعلامي هل هناك إعلام وطني وإعلام مضاد أو غير وطني؟! إن كنّا سنتفق أن لإعلام كل مؤسسة أجندته فإن الخلفيات السياسية والمشروعات الأيديولوجية تُحوّل الدور الإعلامي إلى وسيلة حرب ناعمة تقل كلفة مادية عن العسكرية كثيراً ولكنها قد تتفوق عليها في نتائجها العكسية بصورة أكبر مما قد يتصور! ولأن للإعلام قوة اجتماعية واقتصادية هامة في المجتمع، وهي قوة رئيسية في تشكيل الرأي العام، وبالتالي له تأثير قوي على الجهود الوطنية، كما أن الإعلام يؤثر بشكل مباشر على أفراد المجتمع من خلال قدرة وسائل الإعلام الوصول إلى فئات كبيرة من المجتمع تنطلق من قدرتها على مخاطبة جماهير عريضة في وقت واحد، وهذه خاصية من خصائص الإعلام الجماهيري بما يمكن معه التوجيه الجماعي نحو هدف أو قضية معينة واستنهاض الرأي العام لعمل ما سلباً أو إيجاباً وبث مشاعر معينة تحرك الجماهير نحو سلوك أو قرار محدد وكما هو معروف عن مجتمعاتنا أنها مجتمعات عاطفية فنجد كثيراً من وسائل وقنوات الإعلام تحاول أن تستميل الجمهور لصالحها عن طريق تحريك مشاعر العاطفة لديهم وقيادتها لما يخدم أجندتها أو مشروعاتها السياسية حينها علينا إعادة النظر في الاستراتيجيات الإعلامية والفكرية (الثقافية) ومدى قدرتها على مواكبة قوة الدولة العسكرية أو الأمنية وتشكيلها رافداً لها وإحدى أدواتها ووسائلها.. وللحديث بقية..