يضم 3000 قطعة أبرزها راديو الملك فيصل و15 ألف كتاب من النوادر باتت إقامة المتاحف الشخصية من الهوايات التي تستهوي بعض المواطنين في مناطق ومحافظات المملكة، في ظل وجود فئات تتنفس التراث، وتعشق تاريخ الأجداد، وتهتم بقيم المواطنة، لتورّث التاريخ الوطني، وثقافة الأجداد، للجيل الجديد، وتعيد أنفاسه لمن تبقى من جيل الأمس ممن يعيشون بيننا اليوم. ومع تزايد إقبال المواطنين على تأسيس متاحفهم الشخصية لأسباب ثقافية أو فردية أو وطنية، أصبحت هذه المتاحف اليوم تمثل رديفاً للمتاحف الحكومية في حفظ الإرث الشعبي والأدوات والقطع التي أصبحت من الماضي، نظراً لقدمها والطريقة الحرفية القديمة المميزة في صناعتها، وندرتها في الأسواق اليوم، وأصبحت هذه المتاحف الشخصية تقوم بدور فعّال في خدمة المجتمع، من خلال حفظ المورث الشخصي، وتوفيره للزوار عن طريق التعليم، أو الترفيه والدراسة، بما تحتويه من أشياء ذات قيمة علمية، وفنية، وأهمية تاريخية وجعلها متاحة للجمهور. "الرياض" قامت بزيارة إلى متحف المواطن شخبوط بن صالح المري والذي أقامه في منزله الشخصي بمحافظة المزاحمية وفتح أبوابه للزوار من داخل وخارج المحافظة. حفظ التراث في بداية الحوار قال مؤسس وصاحب فكرة المتحف المواطن شخبوط المري: إن الفكرة بدأت معه كهواية القراءة والبحث في التراث وعشق تاريخ الآباء والأجداد، ومحاولة جمع كل قطعة تراثية لها ارتباط بالماضي، وعرضها في مجلسه الذي يستقبل فيه ضيوفه، والذي يقع في مساحة كبيرة بمنزلة بهدف حفظ تراث الآباء والأجداد من الضياع في خضم الحياة المدنية اليوم وثورة مواقع التواصل الاجتماعي، وتغير اهتمامات بعض أفراد هذا الجيل بالتقنية وصرخات الموضة، مما جعلهم يهملون تاريخ الأباء والأجداد، مضيفاً أنه ركز في تصميم هذا المتحف الشخصي على التاريخ القديم حياة الآباء والأجداد الذي عاشته الأجيال الماضية وبقيت آثارها حتى هذا العصر من خلال عرض بعض الأدوات التي جمعتها من هنا وهناك في مكان واحد وبنفس تصميم مساكن "الأولين"، ليتمكن جيل الصغار والشباب من زوار المتحف من الاطلاع عن كثب على طريقة الحياة اليومية لجيل الأمس وما كانوا يجدونه من مشقة وصعوبة في العيش، وكيف كانوا يواجهون ما يجدون من مشقة ويتعايشون معها في تلك الظروف ببساطة وسعادة ورفاهية، وليحمد جيل اليوم الله على ما ينعمون به من خيرات ومن أمن واستقرار وسهولة في المعيشة والحياة، بفضل ما توفره لهم الدولة من وسائل حديثه لمواجهة متغيرات الحياة والعيش برفاهية بمصاف الدول المتقدمة. صورة الماضي وأوضح شخبوط المري أن متحفه قبل أن يكتمل على هذه الصورة كان يعتبر مجموعة من المجالس ملاصقة لمنزله تستريح فيها الأسرة داخل المنزل، حيث كان المجلس الأول يحوي بعض القطع التراثية التي قام بشرائها من بعض الأسواق، التي تعرض بعض المقتنيات المرتبطة بتاريخ الأجداد وتاريخ المملكة خاصة ك"سوق الزل" وسط العاصمة الرياض، وبعض الأسواق التي تهتم ببيع المورث الشعبي في مناطق ومحافظات المملكة، خاصةً بعض القرى والهجر التي تتبع تلك المناطق، ومع مرور الوقت تم احتواء عدد كبير من تلك المقتنيات، مضيفاً: "شجعني بعض الأقارب على تطوير هذه الهواية ممن يقومون بزيارتي ويقدمون لي بعض القطع التي يعثرون عليها"، مبيناً أنه بعد أن تطورت لديه الفكرة وكبر الشغف والحلم بتحويل كامل المجالس إلى متحف شخصي وفتح أبوابه للزوار من سكان محافظة المزاحمية ومن كافة مناطق ومحافظات المملكة ممن تستهويهم هواية البحث في التراث وخصوصاً تاريخ المملكة. وأكد على أنه أراد أن يجعل متحفه الشخصي يختلف نوعاً ما عن بقية المتاحف الشخصية الأخرى، وقال: لقد قمت بتصميمه على شكل الأحياء القديمة التي كان يقطنها الأجداد سواء في التصميم الداخلي للغرف أو لنمط المعيشة التي كانوا يمارسونها، وكذلك على شكل بعض الدكاكين التي كان جيل الأجداد يبتاعون منها، وبعض فصول الدراسة التي كانوا يتلقون تعليمهم فيها، وبعض الألعاب التي كانوا يمارسونها، وقمت بضم بعض القطع التراثية التي حصلت عليها ووضعت كل قطعة في مكانها التاريخي التي كانت تستخدم فيه، لتكون بذلك صورة حية للحياة في الماضي. 3000 قطعة وذكر شخبوط المري أن متحفه الشخصي يحتوي على أكثر من 3000 قطعة تراثية تتنوع بين الأواني المنزلية التي كانوا يستخدمونها قديماً في الأكل والشرب؛ والدِلال والزير والمدْهَن الحجري الذي يوضع فيه الأكل، والمسرقة والتي وجدت في أماكن بالمزاحمية، إضافةً إلى مقتنيات عمرها ما بين 100 عام و60 عاما مثل طاحونة القهوة والبنادق، إلى جانب بعض السيوف ومنها أحد السيوف الذي كانت تقام فيه الحدود، وعدادات الكهرباء القديمة، والمنشار القديم، والسيكل، كما يوجد بالمتحف ركن الخشبيات ومنها ما يسمى "الصحفة"، و"الصيعان النبوية"، وهذه كانت أدوات للأكل، وتستخدم هذه الأدوات للصاع الذي يستخدم لزكاة الفطر، كما يعرض بالمتحف "الصميل"، أما ركن العروسة فيحتوي على "السحارة الخشب"، والتي يوضع بها أدوات الطيب ومكينة الخياطة، وهو من النوادر للمرأة قبل مئة عام، كما يوجد في ركن المرأة "الميزب" الذي يوضع فيه الطفل قديماً، مضيفاً أنه من محتويات هذا الركن "الطوفريات" قديماً وأدوات الحياكة و"النقيرة" التي يدق فيها القهوة، وطاحونة القهوة قديماً، و"الغضارة" التي تستخدم لشرب الماء قديماً، و"بيت الحطب"، و"الكمار" ويوجد بها المداخن القديمة والدلال والأباريق، مبيناً أنه يوجد "الموجات" ويدق فيها الهيل و"الشت" ويوضع فيها الفناجيل، وكذلك "المحماس" و"المبرد" و"المنفاخ"، وأيضاً يوجد في هذه الزاوية "المداخن النجدية"، وفي زاوية أخرى تلاحظون "المذياع" ويطلق عليه "الراديو" قديماً، إضافةً إلى الترامس القديمة وبعض الفرش الذي يعود تاريخ بعضها إلى سبعين عام، مشيراً إلى أنه يضم المتحف البيت القديم على المصاحف والتي كان يحرص عليها الأجداد وعلى اقتنائها بمنازلهم وملازمتها وتلاوتها، وفي ركن آخر ترون "الحربة" و"الرمح" وبعض الأشرطة القديمة و"تليفون أبو هندل". جلسة المشراق وفي ركن التعليم أوضح شخبوط المري أن هذه الركن تم إعداده بعناية ويضم السبورة القديمة والطاولة القديمة التي كان يجلس فيها اثنان أو ثلاثة طلاب، وبعض المجسمات التي تحاكي صورة الطلاب وطريقة دراستهم قديماً، إضافةً إلى مجسم يعكس صورة المعلم قديماً وتبدو "العصا" التي كانت بيده دائماً، إلى جانب وسيلة العقاب قديماً "الفلكة"، والتي كانت تستخدم كعقاب للطلاب المشاغبين، كما يحوي الركن بعض الكتب القديمة والتي مضى عليها أكثر من 60 عاماً. ووصف طريقة اجتماع الأجداد قديماً عبر ما يسمي ب"المشراق"، قائلاً: هذا الجزء أعطيته أهمية خاصة داخل تصميم المتحف، حيث يجتمع كبار السن قديماً في مكان يسمى "المشراق" يجلسون مع بعضهم البعض لشرب القهوة ويتبادلون الحديث مع بعضهم البعض، وفي هذه الركن يرى زوار المتحف كيف كان اجتماع كبار السن قديماً وطريقة تواصلهم مع بعضهم البعض وكيف كانت البساطة قديماً. وفي المتحف لم يهمل المري طريقة الاستهلاك قديماً حيث تم الاعتناء في ركن خاص لها، وتم تصميم ما يطلق عليه قديما "البقالة"، مؤكداً اعتناءه بها لارتباطه في طفولته فيها كأي طفل، وأن هذا الركن يشرح كيف تطورت اليوم مع مرور الزمن في تصميمها وفي محتوياتها، حيث يمكن لزوار المتحف مشاهدة بعض المنتجات الاستهلاكية في الماضي وتشتمل على منتجات متنوعة كانت مشهورة في الزمن الماضي، ويحرص على الأطفال عليها، كما تحرص الأسرة على استهلاكها، لافتاً إلى أنه توجد العبارة الشهيرة في غالبية البقالات والدكاكين "الدين ممنوع والزعل مرفوع والرزق على الله"، ذاكراً أنه يحتوي هذا الركن والمعني بالتجارة في الماضي والمنتجات الاستهلاكية أيضاً نماذج لبعض العملات السعودية المتنوعة كالعملات الورقية، والعملات المعدنية -الهلل-، حيث بدأت الصور تظهر على العملة في عهد الملك خالد -رحمه الله-. راديو الملك فيصل وأشار شخبوط المري إلى أن المتحف يحوي على عدد من الخشبيات والتي وضعت في أماكن متعددة بالمتحف ومنها "الصفعة"، و"الصيعان النبوية"، ولكل قطعة حكاية واستخدام في الماضي، مضيفاً أن من أبرز محتويات متحفة الشخصي راديو الملك فيصل -رحمه الله-، والذي يحوي "خارطة العالم" و"أريل" اشتراه من أحد كبار السن ووضعه في مكان بارز ليطلع عليه زوار المتحف، مبيناً أنه في ركن السيوف بالمتحف يتم عرض عدد منها مثل "السيف العثماني" وعدد من السيوف الأخرى التي لها قيمة تاريخية، كما يحوي هذا الركن سيفا تم بواسطته تنفيذ عدد من الحدود الشرعية للمحكوم عليهم في بعض القضايا بالمملكة. وفي ركن من المتحف خصّص شخبوط المري مكتبة للزوار للاطلاع والقراءة، ذاكراً أن هذه المكتبة تحوي ما يقرب من 15 ألف كتاب في مجالات متنوعة وغالبيتها من نوادر الكتب، ومنها كتاب "شرح تفسير المؤمن"، ومن مميزات هذا الكتاب أنه يشرح من دون أن تضع النقاط على الحروف، إضافةً إلى كتب متنوعة طبعت قبل مئة عام أو أكثر، منوهاً في نهاية حديثه بالجهود التي تبذلها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الحثيثة الرامية إلى حفظ الموروث الشعبي، وتشجيع الهواة، بهدف حفظ التراث الوطني، وجعله متاحا للاطلاع عليه من قبل الزوار في كل منطقة ومحافظة. جلسة المشراق في الماضي الصميل وطريقة صناعة الإقط في الماضي التعليم وهيبة المعلم في حياة الأولين من أعمال المرأة قديماً داخل المنزل