هواية جمع التراث تعد من الهوايات المستمرة والمهمة في حياة عشاق التراث، والتي جعلت الكثير يحولون منازلهم أو يمتلكون محلات تراثية شاملة لجمع تلك المقتنيات الأثرية والتاريخية والتي يندر وجودها مع عامة الناس بالعصر الجاري، وهناك الكثير من عامة الناس لهم عشق دائم ورغبة صادقة في التعلق بمكونات وأدوات الماضي وحفظ مقتنياتهم الأثرية والتاريخية القديمة، وهذا ناتج عن حب الكثير من أبناء الوطن لهذا التراث العريق والمحافظة على تراث الاباء والأجداد. ولهاوي التراث واللوازم القديمة سعد المطر - من سكان محافظة الاحساء بقرية الطرف - قصة عشق مع الدلة الحساوية؛ حيث ارتبط منذ الصغر بجمال وطريقة تصميم شكلها الفني، واصفاً إعجابه بها كما يتعجب المهندس عندما يشاهد اعجوبة التصاميم الهندسية، أو فنان يشاهد لوحة فنية، فقد قادته الدلة الحساوية بجميع انواعها من الرسلان والقرشية والقرني إلى اقتناء جميع انواع الدلال العراقية والعمانية، ثم اتجه إلى اقتناء جميع لوازم المجلس القديم من المنفاخ والمحابيس والمبرد للقهوة، ثم تحول إلى العديد من اللوازم التراثية من الاسلحة ولوازم البقالة والكاميرات والراديو وأدوات الحلاقة، ليحول مجلس المنزل إلى منزل يحاكي فيه القديم والتراث الحافل كأنه حياة الاجداد بصورة مصغرة. حيث يرى المطر أنه يقرأ في سطور التراث قصة الاجداد وما خلفوه من حرف وصناعات يدوية، خصوصاً وأنه ظهر جيل لا يعرف عن تاريخ أجداده ولا كيف كانوا يعيشون، كما أن التراث القديم يمثل لكل مجتمع لوحة فنية تعكس مدى عمق هذا الماضي في نفس أهله، فهو يعتبر أساسا تستقي منه المجتمعات إبداعاتها في حاضرها ومستقبلها، فكل أمة تفخر بما لديها من تراث وتاريخ قديم، فأمة بلا تراث أمة بلا حضارة ولا قيم، والمجتمع السعودي يتميز عن غيره من المجتمعات الأخرى. ومن مصادره في اقتناء القطع الاثرية: الأسواق الشعبية ومن بعض الأصدقاء، بالإضافة لسفره للبحث عن مقتنيات أخرى، كما انه يحرص عند شرائه القطعة أن تكون أصلية ولا يوجد بها أي اضافات او تعديل، فهو مع الخبرة بات يعرف القطعة الاصلية من غير الأصلية، والبعض منها إلى أي زمن تعود، كما يحرص على استشارة اصحاب الخبرة العريقة في القطع. وعن ارتباطه بالتراث، قال: منذ بداية حياتي وأنا في مقتبل العمر أجد نفسي عاشقا لكل قديم، وكل ما يذكرني بتاريخ الأجداد العريق، وحب التراث القديم كبير، وأجد نفسي متعلقا دائما ومن الصعب الاستغناء عنه، فروحي متعلقة به، فأنا أتمنى أن يعود بي الزمن لمعرفة إجابة اسئلة كثيرة عن الماضي، منها تفاصيل الدلة الحساوية، حيث ان الكثير ينسب بعض الدلال الحساوية لصانع معين، ولكن هناك كثير من الصناع صنعوا نفس الدلة وبنفس التصميم. كما انه يحرص على لقائه مع مجموعة من عشاق التراث الذين تربطهم به صلة حب الآثار القديمة، وذلك للحديث عن التراث واخباره، ويقدم شكره وعرفانه للذين وقفوا معه وساندوه بأفكارهم وبمساعدتهم بالحصول على معظم القطع التي يزخر بها متحفه ويقول لهم: شكرا لكم على ما قدمتوه لي فستظل كل قطعة وفرتموها لي وساعدتموني على الحصول عليها شاهدة لكم وبصمة بيضاء لن انساها. وعن امنياته قال: اتمنى من إدارة المتاحف والآثار أن تسلط الضوء على عشاق التراث القديم أصحاب المحلات الصغيرة؛ حتى لا تنقرض هذه المقتنيات القديمة؛ لأنها تعتبر ثروة ورثها الآباء والأجداد لأهالي محافظة الاحساء، فيجب المحافظة عليها، وما نتمناه من إدارة الآثار والمتاحف أن تنشئ مجمعا حتى ولو كان صغيراً يجمع جميع هواة جمع المقتنيات والتراث بمكان واحد، بدلا من تفرقهم حتى يسهل على الزائر المحافظة على التوجه للمجمع للتعرف على معالم الأحساء.