من أهم أسباب الحروب على مرّ التاريخ التعصب الأعمى لدين أو مذهب كما حصل في أوروبا منذ القرن الرابع عشر واستمر أكثر من ثلاث مئة عام، أو لأسباب اقتصادية، وأحياناً تكون الحروب لأسباب قومية وتاريخية كما حصل في الحربين العالميتين.. من يقرأ التاريخ جيداً يعلم أن الحروب والقلاقل مثلها مثل الرخاء والاستقرار لا تتنزل من السماء ولا تحدث بين يوم وليلة، بل إن لها أسبابها وبواعثها التي تتكرر في كل زمان ومكان، ومن أهم أسباب الحروب على مرّ التاريخ التعصب الأعمى لدين أو مذهب كما حصل في أوروبا منذ القرن الرابع عشر واستمر أكثر من ثلاث مئة عام، أو لأسباب اقتصادية، وأحياناً تكون الحروب لأسباب قومية وتاريخية كما حصل في الحربين العالميتين، ومن أهم أسباب الحروب الأهلية بشكل خاص الفساد والجشع وانتشار الفقر والجريمة، ومن أسباب الحروب وأكثرها دموية الدكتاتورية كما رأينا في الحرب العالمية الثانية وانفراد هتلر بالسلطة المطلقة، ومع صدام في غزو الكويت وفي ما جرى في مناطق مختلفة من العالم العربي خلّفت دولاً غير مستقرة كالصومال وليبيا وسورية، وقد قامت الحرب الأهلية الأميركية بسبب جشع الإنسان وإصراره على نظام الرق في الجنوب ومعارضة الشمال الأميركي لذلك. والعالم العربي يعيش في مخاض عسير وتحديات كثيرة منذ بداية الخمسينات من القرن الماضي، ولو بحثنا عن الأسباب لوجدنا أن معظم الأحداث والحروب كان لها علاقة بقيام العدو الإسرائيلي وما أعقبها من انقلابات عسكرية جلبت الدمار وأصّلت للفساد ودمرت الاقتصاد حتى أصبحت عملات الدول التي ابتليت بالانقلابات لا تساوي واحداً في المئة من قيمتها قبل الانقلاب. وحين ندقق في علاقة إسرائيل بذلك نجد أنها قد وضعت خططاً بعيدة المدى لبناء قوتها وإضعاف الدول العربية خاصة الكبيرة والمجاورة لها، وأرى أن السبب في نجاح خططها هو وجود القابلية لتنفيذ تلك المخططات كان بسبب الفساد وغياب الحريات ووجود التعصب الديني أو القومي الذي سمح بقيام أحزاب دينية أو قومية أو حكومات تتبنى ذلك كالثورة الإيرانية أو النظام التركي القائم اليوم، وعلينا أن نتذكر جيداً أن الحروب والقلاقل مثل الأمراض تهاجم الأجسام القابلة للعدوى بسبب ضعف البنية أو عدم اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية. ولكن رغم ما تزدحم به سماء الوطن العربي من غيوم كثيفة سوداء داكنة إلا أنني أرى أن الحلول ممكنة وواضحة والنماذج موجودة فها هي المملكة العربية السعودية تتجه بقوة نحو بناء الدولة الحديثة القوية باقتصادها المتنوع، وكما نرى في مصر التي وضعت ثقلها لتصحيح الاقتصاد ووضعت الأسس لبناء الدولة القوية ببنيتها التحتية ومرافقها وتقليل نسب البطالة وتوفير العيش الكريم والقضاء على العشوائيات، ومثلهما الإمارات العربية المتحدة التي وضعت الأولوية للاقتصاد فأصبحت الدولة العربية الأولى في السياحة وما تتطلبه من موانئ جوية وخطوط طيران وغيره. وعليه أرى أن العالم العربي إن أراد الخروج من هذا النفق إلى الفضاء الرحب عليه أن يركز على النقاط الآتية: أولاً. يجب أن تكون الأولوية لحل القضية الفلسطينية فلا استقرار ولا تنمية في الوطن العربي في ظل استمرار العدو الإسرائيلي في مخططاته وفي ظل هذا الانقسام الخطير بين قيادات الشعب الفلسطيني، وعلى القيادة الفلسطينية أن تخرج من ذلك الإطار الضيق في الرفض المستمر دون وجود البدائل أو حتى قبل معرفة التفاصيل، بل الأخذ ثم المطالبة بالمزيد، ودراسة كل ما يطرح بعناية وعقلانية. ثانياً. الاقتصاد هو الأساس لكل ما عداه من قوة، فلا استقرار سياسياً ولا قوة عسكرية ولا أمن من دون اقتصاد قوي يؤمن للمواطن العربي الحد الأدنى من العيش الكريم ومنه التعليم والصحة والوظيفة والسكن، والاقتصاد هو توجه قيادة الدولة، فمتى ما وضعت القيادة العليا الرؤية والأهداف تذللت الصعاب بشرط مكافحة العدو الأول للاقتصاد وهو الفساد بنوعية المالي والإداري، مع التركيز على البحث المستمر عن القادة الشجعان وتمكينهم ليقودوا التحول بكل أخطاره ومصاعبه وتحدياته. ثالثاً. الدول العربية تواجه هجمات شرسة من كل اتجاه لذا فهي بحاجة ماسة للحد الأدنى من التوافق والتعاون المشترك الذي يفوت الفرصة على التدخلات الخارجية ويحقق الربح لجميع الأطراف، ومنه مدُّ يد العون للدول العربية الأقل نمواً ليس على شكل قروض فقط، ولكن مشروعات تعليمية وصحية وتنمية تعود بالنفع على الطرفين وقبول المزيد من الطلبة في جامعات الدول العربية وليعودوا بعد ذلك قادة في القطاعين العام والخاص. التركيز على تنمية الداخل والتعاون مع الدول الصديقة والمؤثرة وتجنب الحروب بقدر المستطاع كفيل بتحقيق الاستقرار والوصول إلى مصاف الدول المتقدمة بإذن الله.