مازلتُ عالقةً معك يا صديقتي ومنذ قرابةِ 10 أعوام! ما زالت اللحظات شاخصةً أمامي، والذهول يسربل كل تفاصيلي! والفرار من تلك الحقيقة التي تصفعني من كل الجهات .. الأماكن الخاوية منهم! الزوايا الباكية .. الأحاديث المتهدجة وتلك الدعوات التي كنت أتوسل الجميع أن يصمت عنها أصوات البكاء والمواساة ما زلت أذكر لملمة من حولي لوعثاء ألمي وكآبة حزني وبعثرة فكري! رائحة الموت ! كان للموت رائحة !! كانت تخنق روحي وتقطع أنفاسي ورائحة أمي وأبي عالقة في حنايا روحي وثنايا ذاكرتي لكني لا أتنهدها براحة كالسابق ولا أتنفسها لأشعر بالحياة كما تعودت ! ما زلت أذكر محاولات عقلي لاستيعاب فكرة الغياب الأبدي الانتهاء اللاعودة !! كم كنت أقرع الأبواب بكل رجاء أن يفتح هذا الباب الذي ما أغلق في وجهي يوما ! وأنادي بتوسل كي أسمع الأصوات التي لم تخذلني يومًا لم تتركني في زمهرير الصمت وصقيع الوحدة ومذاق الغياب الطويل المر .. تلك اللحظة ستبقى كالطعنة في الخاصرة لا هي تجهز علينا ولا هي تنسل منا فنبرأ منها! تلك اللحظة سنعيشها فيما تبقى لنا من عمر.. لن تغادرنا معهم ولن تأخذنا إليهم سنبقى عالقين فيها رغم كل ما يمر بنا من أحداث وسنقف عندها لنعيشها بكل قسوتها وسحقها لأرواحنا ونحن راضون ومحتسبون ونحن مسلمون وبكل رجائنا وحاجتنا وفاقتنا نعلم حقًا إنا لله وإنا اليه راجعون.