لم تسقط هذه المفاهيم من السماء، إنما أوجدتها الأزمات السياسية، فقد ظهرت بذرتها الأولى عام 1789م، مع الثورة الفرنسية عندما أيد عموم من كان يجلس على اليسار من النواب التغيير الجذري، للخروج من سلطة رجال الدين، وليس الدين.. ورفض تحكم النبلاء في مقدرات كافة الشعب، ومن ثم التحول إلى النظام العلماني، ولا يزال ترتيب الجلوس نفسه متبعاً في البرلمان الفرنسي، وللثورة الفرنسية وكل الثورات السابقة والتالية لها خفايا لم تظهر بشكل عام، لكنها مبثوثة، لا يجدها إلا المتفحص لدقائق الحركات السرية التي مازالت تعمل لإسقاط الأديان السماوية، واستبدالها بشريعة غاب فوضوية بعيدة عن الشرائع الربانية، كذلك من أولوياتها تفتيت قوام الدول للسيطرة على الثروات.. يقول قائد البحرية الملكية البريطانية الذي شارك في معارك الحرب العالمية الأولى والثانية وليم كار في كتابه اليهود وراء كل جريمة، إن من أشعل الثورة الإنجليزية 1688م، هو نفسه الذي قام بإشعال فتيل الثورة الفرنسية من خلال مؤسسة روتشيلد وإمبراطورية المال اليهودية، بأدوات جماعة المرابين العالميين، بعد أن تآمروا مع حلفائهم وخططوا ومولوا الثورة الفرنسية الكبرى عام 1781 بالطريقة عينها التي خططوا بها ومولوا الثورة الإنجليزية. نمت البذرة بمال المرابين اليهود، وأصبحت شجرة كبيرة، تفرع عنها أقصان الحركات المتناقضة لضمان استمرارية الاقتتال بين الأمم والشعوب، فقد ساعدوا الفاشية، وبنوا النازية، وصنعوا لهما النقيض بظهور الحركات الشيوعية، والدول الاشتراكية، وأسسوا المنظمة الدولية الشيوعية أو الكومنترن في الاتحاد السوفييتي ليكون مرجعاً لكل من يطلق على نفسه يساري، وتحديداً أكثر الشيوعية، وكل تلك المنظمات ما كان لها أن تظهر لو لم يكن خلفها إمبراطورية يهودية امتلكت الرأسمال العالمي، وجعلت من المحرقة اليهودية التي أعدتها في مطبخها لليهود أنفسهم، لتصبح هذه المظلمة سيفاً مسلطاً بداعي العداء للسامية، وهنا يظهر لنا التراتبية في سلم المؤامرة، التي لن تنجز من دون صنع حركات متناقضة لضمان استمرار الحروب. هذه الصياغة المكتملة مهدت الطريق لكل من يعادي الأديان السماوية لاعتناق أثر واحدة من هذه الحركات، لتصبح بديلاً جاهزاً عن اللا دين، فالإنسان إما أن يكون متديناً لله وحده، بتبعية مطلقة تحقق حريته المنضبطة، أو يكون تابعاً لتلك الحركات البديلة عن دينه والمتاحة ليعبدها صاغراً، باسم التقدمية، بعد أن تتدثر بشعارات التحرر، والتغيير، والمساواة، وكل حرية قد تصل لحدود حرية الحيوان، ما عدا أن يقول بحرية الأديان.