بعد السودان والجزائر المفترض أن ينتقل "الربيع العربي" إلى إيران ليصبح ربيعاً إسلامياًّ فهذا البلد يعاني أكثر كثيراً مما كانا يعانيان منه هذان البلدان العربيان وهو كان بعد ثورة عام 1979 قد تعرض ل "إرهاصات" سياسية واقتصادية وأمنية كثيرة وأيضاً لانتفاضات متعددة تم إخمادها وإن مؤقتاً بالعنف وبالقوة والمعروف أن السجون الإيرانية، وأولها سجن "إيفين" الشهير في طهران، تطفح حالياً بألوف المعتقلين عشوائياً وبلا محاكمات ومن بينهم مسؤولون كبار كان بعضهم قد تبوأ مواقع رئيسية. هناك الآن مشكلة الأقليات القومية وأيضاً المذهبية المتفجرة فالعرب، عرب عربستان، كانوا قد هدؤوا لفترة قصيرة بعد ثورة عام 1979 لكنهم ما لبثوا أن أستأنفوا "حركاتهم" الاستقلالية التي بقيت متلاحقة، منذ احتلال الشاه رضا بهلوي لهذا الجزء من الوطن العربي في عام 1925، والتي بقيت تقمع بأساليب وطرق دموية ووحشية خلال كل هذه السنوات الطويلة. ثم هناك الانتفاضة الكردية التي بقيت ما أن يتم إخمادها بالقوة الغاشمة حتى تنفجر مرة أخرى وتجدر الإشارة هنا إلى أن أول دولة كردية ظهرت إلى الوجود هي: "جمهورية مهاباد" التي تم إنشاؤها في عام 1946 برئاسة قاضي محمد الذي أعدمه الإيرانيون لاحقاً والملا مصطفى بارزاني الذي اضطر للجوء مع بعض ضباط قواته إلى الاتحاد السوفياتي وبقي هناك سنوات طويلة قبل عودته إلى العراق وإلى إقليم كردستان الذي يتمتع الآن بحكم ذاتي يقترب من صيغة الدولة بقيادة نجله مسعود بارزاني. وهناك أيضاً حركات "البلوش" المتلاحقة والمتفجرة الآن وحركات "اللور" على الحدود الإيرانية - الباكستانية وعلى الحدود الأفغانية ويبدو أن هناك تململاً لدى بعض القوى الآذارية وذلك مع أن "مرشد الثورة" علي خامنئي آذاري ومع أن هناك آذاريين كثيرين في مواقع المسؤولية ومع أن صفي الدين الأردبيلي الذي سميت باسمه الدولة الصفوية التي كانت احتلت العراق لفترة ظلامية طويلة هو آذاري بدوره. وهكذا وفوق هذا كله فإن ما زاد الطين بلة، كما يقال، هو أن إيران تمر حالياً في ظروف اقتصادية في غاية الصعوبة فهي بالإضافة إلى آفة الفساد المتفشية في شرايين الدولة كلها هناك التدخل الخارجي في شؤون العديد من الدول العربية وأيضاً الإسلامية هذا التدخل الذي يستنزف الإمكانات الاقتصادية لبلد تشكل عمليات محاولات تمدده الخارجية عبئاً ثقيلاً على شعبه فتواجد حراس الثورة الاحتلالي، إن في العراق وإن في سورية وإن في لبنان على اعتبار أن حزب الله "فيلقاً" في جيش الولي الفقيه كما قال حسن نصرالله، وأيضاً إن في اليمن، مكلف جداً ويدفع ثمنه فقراء الشعب الإيراني الذي غالبيته من الفقراء.