دراسات وتحليلات أجنبية عديدة، كانت تتوقع أن تكون مهاباد كردستان، على موعد جديد مع الاحتجاجات، وأضافت هذه الدراسات: إن الحرس الثوري، ومنذ ثمانية أشهر يتوقع انتفاضة غير عادية في هذه المنطقة، فقد تم اعتقال 1200 كردي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وكل التهم ليس لها علاقة بما يجري، كالاتهام بالتعرض للذات الإلهية، وتجارة الحشيش، والتعاون مع حكومات أجنبية، واليوم يبدو أن الأمور وصلت إلى مرحلة متقدمة، وبعد أشهر من دك بعض الجبال بالمدفعية، وصولا إلى كردستان العراق، بحجة متابعة مقاتلين أكراد، تقصف إيران مناطق متفرقة من مدينتي مريوان ومهاباد في الشمال الغربي لإيران. عمليات الاعتقال والمداهمة والاستهداف بالمدفعية والطائرات المروحية، أصبحت حالة يومية في مهاباد وقراها، غير أن أكراد اليوم، غير أكراد الأمس، فقد انخرط بعضهم في عمليات القتال الميداني في العراق ضد تنظيم داعش، وبعض منهم استفاد من الخبرات التدريبية في سوريا، إضافة إلى انفتاح سوق السلاح على العراق من مختلف الجهات، الأمر الذي كبد قوات الحرس الثوري خلال أسبوع واحد ما لا يقل عن 52 جنديا، واعتقال العديد من القيادات الميدانية للحرس الثوري. سيارات الإسعاف التابعة للقوات الأمنية في مهاباد كانت علامة واضحة على حجم الخسائر، حيث غطت أصواتها المدينة، والمستشفيات، التي اقتصرت هذه المرة على الوضع الطارئ بسبب الخسائر الكبيرة في صفوف الحرس الثوري، الأمر الذي دفع إيران، لتكوين قيادة عسكرية خاصة لهذه المنطقة، خشية تطور الأحداث، فيما تمارس إيران ضغوطا كبيرة على رئيس إقليم كردستان العراق مسعود برزاني، الذي طالب كلا من إيرانوتركيا بعدم استهداف أراضي الإقليم بحجة مطاردة المقاتلين الأكراد. حركة نقل عسكرية كبيرة تشهدها منطقة مهاباد الكردية، حيث يجري دعم وتزويد القوة الإيرانية للحرس الثوري، حيث يشير القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى أن سياسة الحرس الثوري، تدفع بالمواطنين لأن يصبحوا قوة مضادة، فعلى الرغم من أن الحزب قد تراجع مسافات وفي مناطق غير مأهولة بالسكان، إلا أن الوحدات الأمنية الإيرانية، مارست حملات اعتقال ودهم وتعذيب غير عادية في القرى والمدن الكردية، وأحرقت المزارع والبساتين وصادرت المنازل والسيارات، وعزلت المنطقة عن العالم، وأن الحرس الثوري أنشأ قاعدة عسكرية ميدانية في منطقة كوسالان الجبلية وفي مدينة سردشت ووضع مدفعيته الثقيلة في نقاط استراتيجية وفي مرتفعات المدينة، وأصبحت مهاباد اليوم منطقة عسكرية وأمنية خالصة. وتشير المعلومات إلى أن إيران تركز على منطقة سردشت الحدودية مع تركياوالعراق، حيث تعتقد إيران أن حزب «بيجاك» الكردي المقاتل، يستغل الملاذات الحدودية، خاصة بعد أن كبد الحزب الحرس الثوري الإيراني مئات القتلى والجرحى، وتأتي هذه الأحداث بعد محاولة إيرانية العبث في الإقليم العراقي، وذلك للضغط على الحكومة الكردية في اربيل، والتي تتقاسم السلطة مع بغداد، والتي تقيم علاقات نوعية مع تركيا وأمريكا وعدد من الدول العربية وبخاصة مع الرياض والقاهرة، ولقوات البشمرجة دور كبير في تحضيرات عملية تحرير الموصل، إضافة إلى أن الأكراد وضعوا شرطا مهما للموافقة على تحرير الفلوجة، يقضي بتسهيل الخروج للمدنيين، وعدم دخول الحشد الشعبي للمدينة، وهو الشرط الذي لم تلتزم به بغداد، الأمر الذي دفع باربيل لرفض مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل القادمة. استئناف العمل العسكري بالنسبة للحزب الديمقراطي الكردستاني – إيران، جاء بعد إخلال إيران بالتفاهمات مع الحزب، حيث أوقف الحزب عملياته منذ عام 1979م- 1993م، وعاد الى استئناف هذه العمليات، بعد أن نقضت طهران وعودها مع الأكراد، وبدأت حملات اعتقالات موسعة، وبدأت تنفيذ سياسات التغيير الديمغرافي في مهاباد، حيث أعلن الحزب في منتصف عام 2015م استئناف عملياته العسكرية ضد الحرس الثوري الإيراني، بعدما اكتشف الأكراد مخططات إيرانية، للتدخل في شمال العراق وإسقاط الحكومة الكردية هناك بالتعاون مع نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق. وتشير مصادر مقربة من «بيجاك» والديمقراطي الكردستاني، إلى أن الحياة في مهاباد أصبحت جحيما لا يطاق، وعدد المعتقلين تجاوز 2000 شخص، والعديد من القتلى، والإعدامات التعسفية التي تهدف لكسر إرادة الأكراد، حيث عملت طهران على مساندة حزب العمال الكردستاني، لضبط حزب بيجاك، وإعاقة عملياته العسكرية، كما استخدمته أداة ضد اربيل، وضد تركيا، حيث وضعت تحت تصرفه ملايين الدولارات، وقدمت له الأسلحة الحديثة التي تم شراؤها عبر الحكومة العراقية. هذه الاحتجاجات والتي تأخذ طابعا مسلحا هذه المرة، كانت قد بدأت عام 2015م كحركة احتجاج سلمية، مطالبة بكف سلطة الحرس الثوري عن المدينة، عندما تم التدخل رسميا ضد أحد الاندية الكردية، لتصبح البطولة من نصيب ناد آخر مقرب من الحرس الثوري، وأيضا محاولة اغتصاب بعض الفتيات الكرديات في مقار عملهن في أحد الفنادق من قبل عناصر الحرس الثوري، حيث كان انتحار العاملة الكردية صيف 2015م برمي نفسها من نافذة أحد الفنادق هربا من محاولة اغتصاب، بوابة الاحتجاجات الكبيرة في المنطقة الكردية في إيران، حيث تم قمع هذه التظاهرت وقتل ما لا يقل عن 70 كرديا في مواجهات استمرت أسبوعا كاملا. ويبلغ عدد الاكراد في هذه المنطقة حوالي 12 مليون كردي، بينما لا تعترف السلطات الايرانية إلا ب 6 ملايين كردي، حيث ترفض ايران تسجيل العديد من المواليد الأكراد، خاصة للعوائل والأسر التي يكون من بينها أعضاء في «بيجاك» الكردي لم يتوقف نشاط الأكراد هذه المرة على المواجهة العسكرية، حيث تعمل طهران على محاصرة المنطقة حصارا تاما، ومنع دخول وسائل الإعلام، وقطع الانترنت والاتصالات، غير أن الأكراد يستعيضون عن ذلك باستخدام الشبكة الكردية في اربيل، وأجهزة الاتصالات التابعة لحكومة اربيل، وكذلك الانترنت في مواقع محاذية وحدودية، والتي بدأت بنقل الأحداث للعالم، فيما شكل الأكراد (الإيرانيين) لجنة في الدول الغربية، للتواصل مع هيئات حقوق الإنسان العالمية، ونقل ما يحدث في مناطق شنو وبيرانشار، وكشفت جمعية حقوق الإنسان في كردستان إيران، أن الاعتقالات بالجملة وأن عدد المعتقلين يفوق الوصف، وأنهم ينقلون إلى معسكرات خاصة بالحرس الثوري، مهمتها الرئيسية، الإبادة البشرية. وتشير المعلومات إلى أن الحرس الثوري متخوف جدا من انتقال التجربة الكردية في شمال العراق، الى اذربيجان الغربية، حيث بدأت اربيل كحكومة منظمة، وجيش نظامي، واتصالات وعلاقات دولية وإقليمية، وانتخابات برلمانية وحزبية، وملاذ آمن للاكراد من مختلف الدول المجاورة، وان هذا الوضع اعطى آمالا كبيرة لدى أكراد مهاباد، حيث بدأت أربيل تمثل الحلم بالنسبة لهم، الأمر الذي دفع بايران للتدخل مرارا في الشؤون الكردية، وشق الوحدة الوطنية لأكراد العراق، عبر استمالة بعض الأحزاب، ودعم التحركات الاحتجاجية ضد التمديد لمسعود برزاني رئيس اقليم كردستان، وتضيف هذه المعلومات بأن اوضاع الاكراد في العراق حتى في ظل الحكم السابق كانت الافضل بين جميع الدول من حيث التعليم والعمل والخدمات الانسانية، غير أن لأكراد ايران تاريخا في الاستقلال دام عدة اشهر في بدايات القرن الماضي، حيث عمدت ايران على مسح الحياة الاجتماعية والسياسية وهوية المنطقة، فقد اثرها 10 الاف كردي حياتهم في ثمانينات القرن الماضي. أيقن الاكراد أن الاستهداف الايراني لاقليم مهاباد استهداف مركب ومتعدد الجوانب، فهي تنظر بخوف للماضي عندما اقيمت جمهورية كردستان في الاربعينيات بدعم من الاتحاد السوفييتي، وكذلك تنظر الى مطالبات اقليم اذربيجان للانفصال، والعودة الى الدولة الأم، الامر الذي دفع بالاكراد الى امتهان العمل والاتصال السري بينهم، الأمر الذي أقلق السلطات الايرانية، التي بدأت لا تثق بهم مطلقا، وقد أطلق الأكراد على تنظيمهم السري (حماة روجهيلات) وهم قوة مدربة وسرية عملت على مواجهة جواسيس الاستخبارات الإيرانية، وتجار المخدرات. وتحاول السلطات الإيرانية، كسر الارادة الكردية عبر ترويج المخدرات في أوساط الشباب الكردي، كما استهدفت الحكومة الإيرانية المساجد في المنطقة، وذلك لأن 85% من الأكراد هم من المسلمين السنة. واستقدمت ايران افغاناً وباكستانيين للاقامة في كردستان، الا انهم حوربوا من الداخل، ولم يستطيعوا الإقامة لفترة طويلة، كون الاكراد اعتبروا ذلك جزءا من سياسة التغيير الديمغرافي التي تتبعها طهران. ولعل اللقاءات التي جمعت ما بين قوى المعارضة القومية في ايران، سمح أيضا بتبادل الخبرات والمعلومات، وشد أطراف النظام السياسي الايراني، حيث بدأت عمليات تكاملية ما بين عرب الاحواز وبلوشستان والاذريين والاكراد، غير ان الكرد لديهم امكانات ومجال حيوي لا يتوافر لغيرهم، الأمر الذي دفع بالسلطات الايرانية لمنع تعليم اللغة الكردية في المدارس، وبدأت عمليات السخرية من الأكراد، والمقارنة بينهم ومن يعيشون في طهران والمدن الأخرى، للتشجيع على الهجرة الداخلية، ويرى الأكراد أنهم محاربون قوميا ودينيا من ايران، اضافة الى عمليات التعذيب والاعتقالات المستمرة، وحظر الاحزاب او حتى زيارة كردستان العراق او التواصل معها. المعاناة الكبيرة التي يعيشها الاكراد، جعلتهم ضمن خيار واحد بلا استثناء وهو خيار المواجهة المباشرة مع السلطات الايرانية، حيث يعيش الاكراد في اوضاع اقتصادية مأساوية رغم ان منطقتهم تعد من أفضل المناطق الحدودية مع العراقوتركيا، وأن ايران قلصت حجم الدعم التنموي للمنطقة ضمن سياسة مدروسة تهدف الى دفع الاكراد لمغادرتها والبحث عن عمل في مناطق أخرى. وظل الأكراد يأملون أن تبدأ إيران سياسات جديدة باتجاه الأقليات، ومنحهم حقوقا خاصة، إلا أن آمالهم قد تبددت حتى مع مجيء حسن روحاني، إذ تشير المعلومات، إلى أن فترة روحاني قد تجاوزت الحدود في التعاملات الامنية، ولا يملك روحاني سلطات داخلية مؤثرة. هذه الأوضاع المأساوية كانت سببا رئيسيا في ترك العديد من الشباب الكردي حياتهم العادية والمدنية والالتحاق بالبشمرجة، نظرا لما يشاهدونه يوميا من إهانة واعتقالات وموت وبطالة، فلم يعد أمامهم خيارات أخرى، غير خيار المواجهة الدامية، واي طلب للادارات الامنية يعني الاعتقال لعشر سنوات على الاقل، او الخروج بعاهات وحالات من الصرع، وأدى ذلك الى تبديل نقاط واتجاهات الصراع. ويروي مسؤول ميداني في الحزب الديمقراطي الكردستاني- ايران، أن ايران خططت لدفع تنظيم داعش باتجاه مضاد لاربيل، وتعزيز الاشتباك معها، وذلك لدفع الاكراد لاستخدام البشمرجة ضدها والعمل على استنزاف اكراد العراقوايران، وجعلنا وقودا ضمن المخططات الايرانية في المنطقة، ضد تركيا وضد العرب السنة، ولكننا نعلم هذه المخططات، وان صدامنا الحقيقي هو مع الثورة الاسلامية وليس مع الدولة الاسلامية الآن، لان أكراد العراق يتكفلون بواجب مواجهة داعش لكن ليس تحت اطار المصالح الايرانية، وهذا سر الدور الايراني المضاد لحكومة برزاني. لماذا هذا التوقيت لاشتعال الاحتجاجات الكردية؟ حيث تؤكد المعلومات ان الايرانيين بأتوا اكثر تخوفا من الماضي، وان عملهم على تقسيم العراق الى اقاليم، وكذلك سوريا من الناحية العملية، لن يكون بعيدا عنهم، حيث بدأ الأكراد استغلال الفرص المتاحة، فالتقسيم لن تكون إيران بعيدة عنه، إذا ما حدث في العراق، حيث تمكنت القوى الكردية في مهاباد من بناء القاعدة التنظيمية المتكاملة، والقوة السرية، والإدارة العامة، والمشاركة العملاتية الميدانية، واكتسبت خبرات عسكرية وأمنية وسياسية لم تكن لديها في السابق، وانفتحت اقليميا ودوليا، وبدأت أكثر نضجا وتأثيرا من الماضي، إضافة إلى أن إيران التي دعمت المحاصصة الطائفية في العراق، وساهمت في التقسيم العراقي، أصبحت أكثر خوفا في الداخل، حيث ارتفعت درجات استخدام القوة، وتحولت إيران إلى دولة بوليسية، حيث تنظر إيران إليهم باعتبارهم قنبلة موقوتة، ومشكلة قادمة جاهزة للانفجار، حيث تعمد إيران اليوم إلى توزيع ودعم المشكلات على الدول المشكلة للاقليم، كي تأتي أعمالها في إطار إقليمي. ويرى محللون أن استدعاء إيران للمشكلات الإقليمية والعبث الأمني في البحرين واليمن، ودعم التفجيرات في تركيا، وقصف بعض المناطق والقرى في كردستان العراق، يوضح حجم الوضع المتوتر في إيران، خشية من استغلال الأكراد الوضع المتوتر في المنطقة، لفرض أمر واقع جديد في مهاباد، والحصول على مكتسبات كما حصل أشقاؤهم في العراقوسوريا.