قبل نحو 65 عاماً وتحديداً في 11 رجب 1373ه الموافق 16 مارس 1954م، بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله–، قيادة مرحلة مهمة من تاريخ العاصمة السعودية عندما تم تعيينه أميراً لمنطقة بالرياض وهو في التاسعة عشر من عمره، قبل أن يُعيّن بعد عام واحد حاكماً لمنطقة الرياض وأميراً عليها برتبة وزير بتاريخ 25 شعبان 1374ه الموافق 18 أبريل 1955م. وأفنى مهندس الرياض الأول وراعي نهضتها الملك سلمان بن عبدالعزيز –أيّده الله- زهرة شبابه في قيادة مسيرة التنمية والنمو والتطور العمراني والحضاري بالمنطقة، مُواجهاً كافة التحديات وساعياً لتذليل جميع الصعاب التي ترافق هذه المسيرة المباركة، برؤيته الثاقبة بعيدة المدى وفكره الاستراتيجي، مُعتمداً على خطط شاملة وموجهة، وواضعاً سياسات شاملة وبرامج تطويرية أدت إلى تسارع النهضة الحضارية نحو إكمال الملامح المبدئية لمستقبل العاصمة وتحولها الاستراتيجي نحو مفهوم الحاضرة العالمية. وأشرف –رعاه الله– في السبعينات الميلادية على تأهيل مدينة الرياض لتواكب دورها الوطني مع تضاعف عدد سكانها، مع إرساء قواعد التطوير الحضري، وتأسيس البنية التحتية وشبكة المرافق العامة والخدمية والكهرباء والطرق، قبل أن تظهر الملامح الحديثة للعاصمة مع بداية التسعينات الهجرية وتكتمل عناصر إنجاز المخطط التوجيهي الأول لضبط توسع المدينة العمراني، كما كان –حفظه الله– شاهد على دور هيئة تطوير الرياض في دعم عجلة التنمية وإرساء منهجية فعَّالة للتنسيق بين الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص في وجود البنية التحتية والبيئة الإدارية المشجعة للاستثمار. بنية تحتية وأثبت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، قدرة عالية على المبادرة وتحقيق الإنجازات المتمثلة في مشروعات البنية التحتية الكبرى كالطرق السريعة والحديثة، والمدارس، والمستشفيات، والجامعات، إلى جانب المتاحف والاستادات الرياضية، وغيرها من مشروعات البنية التحتية الكبرى التي جعلت من الرياض عاصمة فريدة ومدينة مصدرة للمعرفة ورقماً صعباً في الريادة، وواحدة من أهم المدن المحورية والمؤثرة في صناعة قرار المنطقة والعالم، وكذلك أحد أغنى المدن في المنطقة ومركزاً إقليمياً للسفر والتجارة، وتمتد على مساحة عمرانية تجعلها إحدى أكبر مدن العالم مساحة. ووُصِف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ب"مُلهم نهضة العاصمة"، لدوره الكبير في صناعة الواقع التنموي الذي تعيشه الرياض، إضافةً إلى مقوماته القيادية ومهاراته الفائقة التي يتميّز بها وأسهمت في تأسيس نهضة العاصمة، واكتساب من تشرفوا بالعمل معه في إمارة الرياض وغيرها مستودعاً من الخبرات. وسخّر الملك سلمان جلّ وقته لخدمة المواطنين، والاستماع إلى مطالبهم وشكواهم من خلال لقائه بهم في مجلسه الأسبوعي، وجولاته التفقدية، وزياراته للمرضى، وكان مُحباً للعمل، ومستجيباً لكل من طالبَ إنصافه، وناصراً للمظلومين، وعادلاً يقف مع الحق، ما أكسبه مكانة كبيرة في قلوب الجميع. استعادة الذكريات وفي يوم الأربعاء 8 جمادى الثاني 1440ه الموافق 13 فبراير 2019م، زار الملك سلمان بن عبدالعزيز، قصر الحكم في حي المربع بالرياض، واستعاد التاريخ وذكريات أكثر من خمسة عقود فيه، أشرف خلالها على عملية تحول المنطقة من بلدة متوسطة الحجم يسكنها حوالي 200 ألف نسمة إلى أحد أسرع العواصم نمواً في العالم العربي اليوم، فمن هناك وُلِد، ونشأ، وتعلم، وعمل، وعاد ملكاً وقائداً للأمتين العربية والإسلامية. وقال صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض: "في هذا اليوم المبارك نفخرُ في إمارةِ منطقةِ الرياض بتشريفكم لنا في لفتةٍ أبويةٍ كريمة، وزيارةٍ تاريخيةٍ، في مكان ليس بغريبٍ عليكم فأنتم رعاكم الله تَعْرِفُونَهُ ويَعْرِفَكُم كيف لا وأنتم قد نشأتم بين أحضانه وصَنَعْتُم أمجاده وأسّستُم لبُنيانه وأرسيتم أركانه في علاقة عشق للمكان والزمان وقصةٍ للوطن ترويها الأجيال فتركتم أثراً لا يمحى ومنهجاً لا يحيد عن الحق والهدى". ولم تتوقف زيارة الملك المفدّى لهذا القصر التاريخي على استعادة الذكريات فحسب، بل انطلق مجدداً لنقل "عنوان كتاب المملكة" كما وصفها –حفظه الله- إلى مصاف العواصم العالمية، بتدشينه جملة من مشاريع الخير والنماء في منطقة الرياض، تمهّد لقفزة تنموية نوعية تشهدها منطقة الرياض ومحافظاتها ال22، لجعلها أكثر نماءً وازدهاراً. بيئة جاذبة أمسية تنموية، تلك التي رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في مدينة الرياض، أمسية يحيطها الرعاية الملكية الكريمة، وتطلعات وطن يسرع الخطى نحو الغد المشرق، وصور مشرقة لتواصل مسيرة النماء، والقيادة الحكيمة تغدق رعايتها على خطط تطوير مناطق المملكة وتنميتها من خلال التوجيهات السديدة، والوقوف على المشروعات التي تلبي احتياجات الوطن والمواطنين حاضراً ومستقبلاً، وفي إطار هذه الاستراتيجية الراكزة كانت الجولة التي قام بها مؤخراً خادم الحرمين الشريفين إلى عدد من المناطق مدشناً مشروعات تنموية، وواضعاً حجر الأساس لبعضها، وامتداداً لتلك الجولة كانت رعايته تدشين وإطلاق مشروعات الرياض العاصمة والمنطقة تحقيقاً لأهداف رؤية 2030 التي ترمي إلى جعل المملكة كلها بيئة جاذبة للاستثمار، وحاضنة لريادة الأعمال، بما يعكس الصورة الحقيقية للنهضة الحضارية التي تشهدها بلادنا الغالية. آفاق حضارية قيمة مضافة هائلة تضخها مشروعات تسهم عائداتها الاقتصادية والاجتماعية في اطراد نماء العاصمة، لتمضي مزهوة نحو آفاق حضارية جديدة، فالرياض التي رعى الملك سلمان عرسها، وأطلق دخولها مرحلة جديدة في مسيرة النماء، هي المدينة الناهضة التي وضع أسس انطلاقتها، وتابع حراكها منذ مرحلة خروجها من "سور الرياض" إلى فضاءات المدن العصرية الرحبة، حتى امتدت خارطتها العمرانية، وما تزال تنمو وفق استراتيجية محكمة، فما بين سلمان والرياض علاقة متجذرة متعمقمة، ضاربة في التاريخ، حيث تعيش حالة تنموية جديدة، نوعية في مواصفاتها، لذلك الأجدر أن نقول: إن الأمسية التنموية تضع الرياض العاصمة في قلب الحدث المحقق لأهداف رؤية 2030. الملك وولي العهد وأمير الرياض ونائبه ووزير الداخلية ولي العهد وأمير الرياض ونائبه يحملون لوحة مقدمة لخادم الحرمين