في المكتبات والجامعات اليوم مئات الكتب والدراسات التي تبحث في صورة الإنسان العربي لدى الأميركيين أو الأوروبيين أو حتى في روسيا وآسيا. وتكاد تجمع هذه الدارسات على أن الصورة الذهنيّة السلبيّة عن العرب مترسخة لدى معظم الشعوب. وحين يأتي التحليل والتفسير تجد من يعزو ذلك إلى المستشرقين والاستعمار وفي الدراسات الحديثة يتم التركيز في توجيه تهمة تشويه صورة العرب إلى إسرائيل والإعلام وهوليوود ونحو ذلك. وبطبيعة الحال هذه الاستنتاجات ربما تكون جزءاً مهماً من حقيقة تكوين هذه الصور النمطيّة السلبيّة عن الإنسان العربي. ولكن الحقيقة المرة تقول أيضاً إن السلبيات والتناقضات السياسة والثقافيّة في المجتمع العربي مسؤولة بشكل أكبر عن بناء وتعزيز الصور السلبيّة لواقع المجتمع العربي وإعطاء هذه "المزاعم" مصداقيّة أكبر. ومن هنا لا بد أن نسأل أولاً عن حقيقة صورة الإنسان العربي لدى "شقيقه" العربي. مثلاً هل الصورة الذهنيّة المتبادلة بين عرب المشرق والمغرب تسر الباحثين إذا بحثوها؟ وكيف هي صورة الإنسان المصري والسوداني في الخليج؟ وما صورة الخليج وأهل الخليج في الرواية والقصة وفي أفلام السينما العربيّة؟ وما صورة عرب الجنوب عند عرب الشمال في بلاد الشام وفي العراق وفلسطين؟ وكيف يصور عرب الخليج أشقاءهم العرب في كتاباتهم وفي الدراما وفي تغريداتهم التويتريّة اليوم؟ كيف نلوم الغرب والشرق على تسويد الصورة ونحن من يقدم الصور السوداء عن أنفسنا وعن بعضنا البعض. أذكر أنني التقيت طالباً عربياً قبل بضع سنوات بعد انتهاء ندوة شاركتُ فيها في جامعة بلده وهو يسألني الرأي في موضوع دراساته العليا عن الصورة الذهنيّة للعرب في بريطانيا، وحين طلبت منه التفكير في دراسة صورة الخليجي في القصة والرواية أو الدراما في بلده رد بسرعة: لا تحتاج دراسة فهي صورة سلبيّة في الواقع وفي الأعمال الدراميّة والأدب كذلك. كان رد ذلك الباحث يلخّص –قبل جماهيرية تويتر- عمق مأساة نظرة العربي لأخيه العربي. هذه القضيّة التي تحتاج منا اليوم إلى دراسات مستقلة تشخص الأسباب والنتائج وتضع الحلول الاستراتيجيّة. ومن أراد فحص ملامح هذه المأساة لدراستها ربما عليه البدء بتأمل محتوى "تويتر" والتعليقات العربيّة على بعض مواد قنوات ومنصات الإعلام الجديد. * قال ومضى: كيف تعاتبني على خطئي وأنت تخوض في مستنقع الخطيئة.