أكد خبير ودبلوماسي أميركي أن قرار مجلس الشيوخ الأميركي بشأن المملكة وُلد ميتا، ويشرح لورنس كورب، الباحث والمساعد السابق لوزير الدفاع الأميركي، ل»الرياض» أبعاد هذا القرار الذي يراه رمزياً ولا يملك المؤهلات ليصبح قراراً سارياً يرى النور، حيث يقول «الجمهوريون حتى اليوم يتمتعون بغالبية في مجلس النواب، الأمر الذي نستبعد بسببه استبعاداً كاملاً قدرة الكونغرس على تمرير هذا القرار وإخراجه من أروقة الكونغرس لأن غالبية الجمهوريين يملكون قناعة مبدئية بأن وقف دعم السعودية يعني دهورة الأمور وليس تحسينها.. ولكن إذا حصل وخرج، سيكون بحاجة لموافقة الرئيس الذي بامكانه استخدام الفيتو لنسف القرار برمته». وأشار كورب الى أن الرئيس كان واضحاً في كلامه، حيث قال إنه سيبقى داعماً قوياً للحكومة السعودية ممثلة بالملك وولي العهد ولن يقوم بتطبيق أي ضغوطات على المملكة في هذا السياق». ويقول كورب إن قرار مجلس الشيوخ هو قرار كيدي لمعارضة ترمب ومبادئه، أكثر من كونه قراراً ضد السعودية، مردفاً: «البعض يبسط العلاقة بين الولاياتالمتحدة الأميركية والسعودية على أنها علاقة مبنية على أساس استيراد النفط من السعودية وتوريد السلاح لها، إلا أن الحقيقة هي أنها علاقة غير حزبية متشعبة ويرتبط كلا البلدين بالتزامات مهمة تجاهها» ويرى كورب أن الأزمة الحالية لا تذكر أمام تحديات سابقة قاومتها هذه العلاقة تمثلت بحملات منظمة ومدروسة ضد السعودية ومنها هجمات 11 سبتمبر والتي حاول أعداء السعودية استخدامها والاستفادة منها، لضرب هذه العلاقة التي أثمرت إنجازات عالمية مهمة بعد الحرب العالمية الثانية من محاربة الشيوعية إلى الجماعات المتطرفة. ويشير كورب إلى قناعة سائدة في واشنطن بأهمية العلاقة الوثيقة مع السعودية مذكراً بقرار الرئيس الديموقراطي الأسبق باراك أوباما الذي استخدم الفيتو لمنع جاستا، الأمر الذي كان سيفعله أي رئيس ديموقراطياً كان أم جمهورياً. ويضيف، علاقتنا هدف للكثير من الأعداء، بعض الحقائق قد تأخذ وقتاً حتى تتكشف، لكنها ستنكشف أخيراً، كما كشفت الوثائق التي حصلت عليها CIA بعد أكثر من عقد من الزمن صلات إيران العميقة بتأسيس القاعدة وتوجيهها لتوتير العلاقة السعودية - الأميركية. علاقة استراتيجية بالإضافة إلى المصالح العملية والتنسيق الأمني والعسكري القائم بين البلدين، يرى كورب أن ما يدفع إدارة ترمب للتمسك بقوة بالعلاقة مع السعودية هو حاجة هذه الإدارة لإشراك السعودية لإنجاح أهم استراتيجياتها للمنطقة: 1 - الاستراتيجية ضد إيران: منذ وصول الخميني إلى الحكم، وضعت إيران نفسها في خط مناهض لأميركا والدول الغربية، وتلعب دوراً كبيراً في ضرب الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط وتقديم المساعدات لمنظمات مثل القاعدة والإخوان المسلمين وحزب الله. بالنسبة لإدارة الرئيس ترمب، الخطر الايراني هو خطر أساسي لا يهدد مصالح دول المنطقة وحسب، بل حذرت الإدارة من اختراق ايران لساحة أميركا الشمالية، ووجود عصابات تابعة لحزب الله تعمل داخل الولاياتالمتحدة الأميركية. بعد الفوضى التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط عقب العام 2011، وبقاء دول الخليج بقيادة السعودية محصنة ضد هذه الفوضى، لم يبقَ لأميركا شريك عربي قوي يقف ضد التمدد الإيراني كما السعودية. بالنسبة للرئيس ترمب الاستراتيجية ضد إيران تصبح استراتيجية أولية يعول عليها كثيراً في ظل جاذبيتها واهتمام عدد من أشهر المشرعين الديمقراطيين لها وانتقادهم لأوباما على تهاونه معها مثل ايلوت انجل وايد رويس.. بالنسبة لشريحة كبيرة من ساسة الولاياتالمتحدة، فإن تدمير قدرات النظام الإيراني ومنعه من تطوير الصواريخ البالستية وبناء مفاعل نووي وزعزعة أمن المنطقة هو منع لكوريا شمالية جديدة خطيرة وسط الشرق الأوسط .. إنجاز تجاهله أو أجله عدد من الرؤساء الأميركيين.. وهو هدف كبير يعول عليه ترمب وإدارته. 2 - السعودية تستثمر في التكنولوجيا: من أهم ما يحافظ على التفوق الأميركي ضد عمالقة اقتصاديين آخرين كالصين هو الابتكار التكنولوجي الأميركي المتفوق والمتقدم والذي لا يزال غير متوفر في دول أخرى رغم تقدمها. وتعمل الدول المستقرة والتي تتمتع بنظام معيشي جيد على الإنفاق في مجال التكنولوجيا والمشاركة في الأبحاث العلمية الأحدث في العالم والتي تأخذ أميركا حيزاً كبيراً منها، ولعقود، كانت الدول الغربية هي من يتحمل هذه المصاريف وهذا ما تسبب في احتكارها لهذا القطاع، اليوم باتت الاستثمارات السعودية في مجال التكنولوجيا والبحث التكنولوجي في مقدمة الاستثمارات العالمية.. فالسعودية شريك في مؤسسات تكنولوجية مهمة في وادي السيليكون، مقر صناعة أهم الابتكارات في العالم، وحيث يتركز التوجه الديموقراطي. حتى اليوم ترى هذه المراكز التكنولوجية الضخمة والتي يغلب عليها هوى يساري و ديموقراطي، ضرورة كبرى في الاستمرار بالشراكة مع السعودية لأنها علاقة تنتج الأفضل للبلدين وللبشرية، وهذا ما عبر عنه بيان أكبر مركز علمي في العالم وهو «معهد ماساشوستس للتكنولوجيا» قبل أيام حيث جاء فيه: علاقتنا مع السعودية إيجابية، نثمنها، وستستمر. 3- السبب الثالث الذي يجعل أميركا ممثلة بإدارتها تحارب أي عامل لتوتير العلاقة مع السعودية هو أن ترمب قضى طيلة أيام حملته مهاجماً سلفه أوباما متهماً إياه بتخريب العلاقات بحسب زعم ترمب مع أقرب الحلفاء، ترمب الذي خرب العلاقات مع الحلفاء الأكثر قرباً مثل أوروبا وكندا، يحتاج أن يحافظ على علاقته مع البلد الذي اختاره وجهة خارجية أولى له وعلى العلاقة معه لإرساء الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وهذا يجعل الإدارة تستمر بالدفاع عن العلاقة الأميركية مع السعودية في ظل استراتيجية متوازنة اتبعتها السعودية مع إطلاق رؤيتها للعام 2030 قامت على تنويع العلاقات وجذب قوى ثانية كالصين وروسيا للاهتمام ببناء تحالفات استراتيجية مع السعودية.