سطع نجم اللاعب الإنجليزي ديفيد بيكهام في الأندية التي لعب لها ومنتخب بلاده. وجاء للمنتخب الإنجليزي مدرب جديد اتخذ قراراً بعدم استدعاء النجم الشهير إلى المنتخب، وبعد عاصفة إعلامية وشعبية قرر عقد مؤتمر صحفي ليقول: "لقد اجتمعت مع ديفيد وأبلغته بكل صراحة أن أبواب المنتخب مغلقة أمامه!"، وبعد لحظة صمت وذهول من الجميع استدرك المدرب الموقف قائلاً: "أعني أنني قلت له إن الأبواب مفتوحة أمامه.."، يطلق على مثل هذه المواقف "فلتات اللسان" حينما ينطق اللسان بلاوعي بما يضمره المرء في داخله. وفي حال هذا المدرب بدل أن يهدئ الموقف نطق بحقيقة ما في قلبه بعد أن هرب لسانه عن السيطرة.. مقالة اليوم تناقش قضية فلتات اللسان.. أنتقل بكم إلى طوكيو في مطلع الألفية عندما كنت طالباً للدراسات العليا باليابان حيث طلب مني تقديم حفل استقبال رسمي بمناسبة اجتماع وزارء البيئة في اليابان والعالم العربي. وكانت وزيرة البيئة اليابانية وقتها (كوئيكي يوريكو) تخطف الأضواء لإجادتها العربية والإنجليزية ناهيك عن لغتها الأم مما أثار الغيرة لدى مسؤولين في وزارات أخرى. وحضر ذلك الحفل رئيس الوزراء الياباني وقتها (كويزومي جونئيتشيرو) الذي ألقى كلمة رحب فيها بالحضور قائلاً: "إن اليابان كلها ترحب بكم وخصوصاً الوزيرة كوئيكي". إلا أن المترجم الياباني القادم من مؤسسة أخرى لها حسابات مع وزيرة البيئة ترجم هذا الكلام بدون وعي بقوله: "الوزيرة كوئيكي هي الوحيدة التي ترحب بكم في اليابان!". ولك أن تتصور ملامح أوجه الحضور عند سماع تلك الكلمات. وما كان مني كمقدم للحفل بعد انتهاء كلمة رئيس الوزراء إلا أن أشرت إلى أن المترجم ذكر نصاً مغايراً بينما الترجمة الصحيحة هي أن اليابان كلها ترحب بكم وخصوصاً الوزيرة كوئيكي.. وبالعودة إلى فلتات اللسان، فيعلق (سيجموند فرويد) قبل ما يقارب المئة عام في إطار التحليل النفسي للسلوك بأن عقل الإنسان ينقسم لثلاثة أقسام هي: الأنا: وتمثل العقل الواعي الذي يتعامل به المرء مع المحيط لاكتساب الثقة والاحترام وفق التقاليد والعادات السائدة.. الأنا العليا: ويمكن التعبير عنها بالضمير وتمثل الأخلاق والقيم التي يؤمن بها المرء.. الأنا السفلى: وتمثل الغرائز والنزعات الشريرة التي يحرص المرء عادة على إخفائها وتظهر في الأحلام وتبدو من فلتات اللسان. وبشكل عام فقد كان سادة العرب يقولون: "ما تكلمت بكلمة حتى أزمّها" أي أرتبها وأنسقها. وكلما زاد حديث المرء كلما ازدادت احتمالات خروج اللسان عن السيطرة كما في المثل الصيني: "ثرثرة المرء مرآة أفكاره". وبشكل عام، فلتات اللسان فرصة لا تعوض لمعرفة خبايا ما تضمره النفوس. وإذا أردت ألا تقع في حرج من فلتات لسانك فإما أن تحرص على الصمت ووزن الكلام أو أن تكون صفياً نقياً ظاهرك كباطنك. وصدق المثل العربي: "ما يطفح به القلب ينزلق به اللسان".