جاء الموقف السعودي في قضية جمال خاشقجي -يرحمه الله-، ليؤكد من جديد ما تكفله الدولة وفق (المادة 26): «تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية»، والتي كفلها النظام الأساسي للحكم، والمملكة قائمة على أساس العدل منذ تأسيسها لا تتوانى عن تطبيق أحكامه على الجميع سواسية في ظل النظام والقانون. القضاء السعودي له مواقف تاريخية ومعروفة في الإجراءات الحازمة التي تتخذها في مثل هذه القضايا، يضاف إلى التوجيهات الملكية بسرعة إنهاء التحقيق وإظهار الحقيقة كاملة، واتسمت تصريحات النائب العام ووزير الخارجية، بالصراحة والوضوح وبنفس الوقت حازمة وملجمة وكافية ضد كل من زيف واختلق الأكاذيب محاولا طمس الحقيقة ومطالبا بتسيس القضية، والتي سعت لها أطراف عدائية خارجية ساعدتها أطراف إقليمية لتحويل الرأي العام وتحويل القضية الجنائية إلى سياسية، لخلق فرقة في العالم الإسلامي وتحريض الدول الصديقة لاتخاذ مواقف عدائية ضد المملكة، لكن رصانة البيان وقوته وصداه جعل كثيرا من دول العالم والمنظمات الدولية والإقليمية وقفت مؤيدة واعتبرته تنفيذا صادقا للوعود التي وعدت بتحقيق حكم نزيه وواضح وحيادي ومستقل لا يخضع للابتزاز والإملاءات الدولية لحسابات ومواقف تجاه قضايا إقليمية محددة متخذه من العدالة وسيادتها مبدأ ثابت، مما دعا تلك الدول للإشادة بالإجراءات التي اتخذتها المملكة، معتبرة هذا البيان في الاتجاه الصحيح في التحقيق ومطابقا لما عرف عن نهج الشفافية والعدالة للقضاء السعودي. إن من يعتقد أن المملكة وسيادتها هي مجال لتحقيق أهدف ولاستغلال حادث المواطن السعودي للمزايدة والسير كستار لتصفية حسابات تحت مسميات العدالة أو الإنسانية، هو واهم جدا وجاهل فالمملكة حصن حصين يقف صدا منيعا وقويا بوجود قيادته الحكيمة ومؤسساته القضائية ووفاء وإخلاص وردة فعل مواطنيه المعهودة بالوقوف دائما وفي كل الأزمات خلف القيادة من خلال صور التأييد بمواقع التواصل الاجتماعي والوسائل الإعلامية المختلفة، يضاف الى ذلك أن المملكة سياستها تتسم بالوضوح والشفافية مع القضايا والمستجدات الإقليمية وثوابتها راسخة مع التزامها بكافة المعاهدات والمواثيق الدولية، انطلاقا من مبادئ الشرع الحنيف القائم على المحبة والسلام واحترام سيادة المملكة واستقلاليتها على أراضيها وفِي قرارها، باعتبارها دولة محورية ومعتمد عليها في صياغة قرارات إقليمية دولية من خلال النطق باسم العالمين العربي والإسلامي، ومن خلفها حوالي مليار ونصف مسلم حول العالم فهي المرجعية الأولى. هذه الحملة المغرضة والجائرة لن تنل ولن تمس سيادة هذا الكيان أو تؤثر على مكونه ونسيجه الاجتماعي، وسلامة أراضيها وهذا خط أحمر تعيه كل الدول التي تعرف حجمها وثقلها الاقتصادي والمالي والاستثماري على المستوى الإقليمي والدولي، فهي تعتبر إحدى مجموعة الدول العشرين بالإضافة إلى اتفاقياتها مع الدول العظمي بعلاقات استراتيجية تستطيع أن تتحرك وفق مصالحها الوطنية متى ما شاءت في الوقت والزمن. إن هذه الحادثة والأزمة تتطلب منا سرعة صياغة استراتيجية على ضوء ما حصل من استنتاجات من هذه الحملات الإعلامية العدائية، وتحليل مضامينها والأخطاء التي أتاحت سلب المساحات الإعلامية المفرغة من تواجد إعلامي وطني على الصعيد الرسمي والخاص يكون بحجم بلادنا، ورسالتها العظيمة لعبور المرحلة الحالية وما بعدها، وتجاوزها بإذن الله.