أجمع مراقبون سياسيون ومحللون اقتصاديون وحقوقيون أن ال100 يوم التي انقضت من حكم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، نجحت في تحقيق كثير من الأهداف والتطلعات بصورة قياسية على كل المستويات والأصعدة محليا وإقليميا ودوليا بعد أن جمعت بين الإرادة والإدارة. القرارات شملت هيكلة مؤسسة الحكم، ومؤسسات الدولة ومجالسها السيادية بما يحقق التطلعات باعتبار الإنسان السعودي محور التنمية المستدامة، إضافة إلى قرار عاصفة الحزم التاريخي الذي أسهم في استقرار المنطقة وحماية الشعب اليمني وعودة الشرعية. لحمة وطنية المستشار والباحث في الشأن الدولي سالم اليامي يرى أن المملكة، شهدت خلال ال100 يوم التي انقضت من حكم خادم الحرمين الشريفين، قفزة هائلة على مستوى البناء الداخلي بشقيه السياسي والإداري التنظيمي، وانعكست هذه التطورات في تقوية اللحمة الوطنية، وصلابة الجبهة الداخلية، وبزوغ مشاعر تلاحم وطني، والتفاف من شرائح الشعب السعودي حول قيادته، خاصة بعد الانطلاقة الميمونة لعاصفة الحزم التي قادتها المملكة بوضوح وشفافية لعودة الشرعية في اليمن الشقيق، وما يشكله ذلك من استقرار وتجنب مخاطر توغّل القوى الأجنبية الطامعة في مقدرات الشعبين السعودي و اليمني، ومن ورائهما الشعب العربي ومقدراته وإرادته. وأوضح اليامي أن الجيل الشاب الذي تسلم مهماته في هذه المرحلة، مهد لتأسيس إرادة واعية وقادرة على دفع العمل السياسي السعودي إلى آفاق المستقبل بالشفافية والتعاطي الصادق بين الحاكم والمحكوم، وأبرز المؤشرات التي تلوح في الأفق الداخلي السعودي تؤكد زيادة كثافة ذلك التلاحم بفضل الوعي الجماعي للمواطنين الذين باتوا يدركون بوضوح أن شعار المرحلة وبهذه القيادة هو الإنسان السعودي أولا. ويضيف اليامي بأن المسار الثاني هو المسار الإقليمي الذي يشمل دول الجوار العربي والدول الإسلامية، وفي هذه الساحة تمكنت القيادة السعودية خلال هذه المرحلة من إعادة تشكيل كثير من أُطر العلاقة فيما بينها، هذا التشكيل حافظ على ثوابت السياسة الخارجية السعودية، وتحقيق مصالحها، ودرء الأخطار. وعن منظومة العالمين العربي والإسلامي التي تعلي من شأن مفاهيم الأمن والسلم الدوليين، وحفظ مصالح الأمة وكرامتها.. فالدفاع السعودي عن مقدرات الأمة في اليمن يشكل مساراً لبلورة علاقات عربية إسلامية قائمة على معاني العدل والخير للمنطقة وللأمة، مبتدئة بدول الجوار التي أصبحت في مواقفها المتراصة والمتناغمة في ظل هذه المواقف وكأنها بلد واحد، وربما هذه واحدة من الآمال التي ننشدها كمراقبين أن تتحول الظروف الطارئة في منطقتنا إلى أوضاع أكثر تقدما وتلاحما بين دولنا. وجهة دولية وفي ميدان العمل السياسي والديبلوماسي الدولي، أصبحت الرياض خلال هذه الفترة خلية تشهد الكثير من العمل واللقاءات السياسية والديبلوماسية بين قادة وزعماء ورؤساء حكومات دول الكل يمر بالرياض التي أصبحت وجهة دولية قادرة على صناعة القرار الدولي وقادرة على التأثير في مسارات الأحداث عالميا، ضمن آلياتها وثوابتها.. فهي دولة سلم وسلام وداعمة لكل جهود البناء والإعمار في العالم، وهي في الوقت ذاته تعلن وبصراحة وبدون مواربة أنها لن تسمح للمعتدين والطامعين والمغامرين بان يحققوا أوهامهم على حساب مصالح ورفاهية شعبها. ويختم اليامي حديثه بأن المملكة في المحصلة النهائية تعيش مرحلة بناء داخلي لهياكلها السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والبشرية ضمن رؤية واعية ومحددة الأهداف تعلي من شأن الوطن وعزته، وتعظم من حقوق الناس وتحقق متطلباتهم، وهي في الوقت ذاته تقود محاور البناء والاستقرار في المنظومتين العربية والإسلامية لترسيخ أسس البناء والتطور والقوة. ويرى المستشار والمحلل الاقتصادي فضل البوعينين، أن مئة عام من القرارات الحاسمة التي اتخذها الملك سلمان بن عبدالعزيز شملت الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية مع بداية حكم الملك سلمان، إذ أشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى أن الملك سلمان أنجز في عشرة أيام ما لم ينجزه الزعماء في مئة يوم، وهي شهادة بالقرارات الحاسمة والحازمة التي اتخذها منذ توليه الحكم. ويضيف البوعينين أن الوطن والمواطن هما محور اهتمام خادم الحرمين خلال الفترة الماضية لتحقيق التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في مناطق المملكة، والعدالة لجميع المواطنين، ووضع الحلول العاجلة التي تكفل توفير السكن الملائم للجميع، ومعالجة البطالة وبناء الاقتصاد وتحقيق هدف تنويع مصادر الدخل. ويؤكد البوعينين أنه بالتركيز على الشأن الاقتصادي فإن ترتيب بيت الحكم هو من أهم القرارات ذات التأثير على الشأن الاقتصادي بسبب انعكاساته الإيجابية على الأمن والاستقرار، باعتباره القاعدة الرئيسة لبناء الاقتصاد، فالاستقرار السياسي، والأمني والاقتصادي السعودي، يُبنى في أساسه على استقرار الحكم، فلا يمكن أن تهنأ الشعوب بالتنمية الاقتصادية، الاجتماعية، الحضارية، والفكرية، وإن تهيأت لها الثروات، ما لم تتوفر لها مقومات الأمن والاستقرار اللذين يعتمدان بشكل كبير على الاستقرار السياسي، فأصبح من المستحيل الفصل بين الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية والتنموية للترابط الوثيق بينها، ما يستوجب خلق تنظيم إداري قادر على الربط بينها بكفاءة، وهو ما أحدثه الملك سلمان بن عبدالعزيز من خلال الهيكلة النوعية للحكومة، التي جاءت لتحقيق كفاءة وجودة المخرجات، لذا فإن قرار عاصفة الحزم من أهم القرارات الحاسمة التي قادت لتعزيز الأمن والاستقرار، وبالتالي الأمن الاقتصادي الذي كان سيتأثر سلبا لو سيطرت إيران على اليمن وهددت كامل منطقة الخليج. تنسيق وتكامل وأشار إلى أن قرار الملك بإلغاء الأجهزة واللجان والمجالس وتوحيدها في مجلسين للشؤون السياسية والأمنية وآخر للشؤون الاقتصادية والتنمية هو الخيار الأمثل للحكومة بهدف خلق جهة عليا قادرة على توجيه الاقتصاد والتنمية، والأمن والسياسة وفق رؤية استراتيجية تكاملية تسهم في تحقيق الأهداف الوطنية، إضافة إلى ما يحققانه من تعزيز عملية اتخاذ القرارات وجعلها أكثر فاعلية، بتنسيق العمل في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية بما يحقق شمولية الأهداف الوطنية، وكذلك الفصل بين البعدين الأمني والسياسي في الجوانب التنفيذية قد يخلق بعض المشكلات لاختلاف الرؤية وآلية العمل وحجم المخاطر المترتبة على القرارات المتخذة من المؤسستين الحكوميتين، ما يستوجب تحقيق السقف الأعلى من التنسيق والتكامل بين المؤسسات المعنية بالشؤون الأمنية والسياسية، وتناغم القرارات الصادرة من جهات وزارية مختلفة، فتوحيد المرجعية يسهم في تناغم القرارات وجعلها تسير في اتجاه واحد لا يمكن اختراقه. معايير الحوكمة ويستطرد البوعينين بأن من القرارات المهمة تلك المتعلقة ب "إعادة الهيكلة" وفي مقدمها إعادة ترتيب الأجهزة التي تشرف عليها وزارة المالية أو ترتبط بها تنظيمياً وربطها بالوزارة المختصة، وبخاصة الأنشطة الاقتصادية التي سيتم تحويلها إلى وزارة الاقتصاد والتخطيط، إضافة إلى تحويل الصناديق التنموية والاستثمارية المتخصصة للوزارات المختصة. وربط البنك السعودي للتسليف والادخار بوزارة الشؤون الاجتماعية، وإسناد صندوق التنمية الصناعية إلى الجهة التي كان من المفترض أن تشرف عليه منذ البداية وهي وزارة التجارة والصناعة، الأمر عينه ينطبق على صندوق التنمية الزراعية المرتبط مهنيا بوزارة الزراعة، ومن القرارات المفصلة في الجانب الاستثماري فصل صندوق الاستثمارات العامة عن وزارة المالية من أجل معايير الحوكمة والرقابة ذات العلاقة بفصل الصلاحيات بين إدارة الخزينة والاستثمارات الحكومية، فربط الأجهزة المالية بالجهات المختصة يهدف إلى تحقيق الكفاءة، ودعم الوزارات المعنية بتحقيق أهدافها وإعادة تشكيل المنظومة المالية الهادفة لخدمة الاقتصاد، وإيجاد منظومة مالية متكاملة قائمة على الاستقلالية التامة وخاضعة لرئاسة الوزراء. تنمية مستدامة ويقول رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أستاذ الحقوق والعلوم السياسية جامعة الملك سعود الرياض الدكتور مفلح ربيعان القحطاني، إن ما يتمتع به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، من خبرة في العمل السياسي، وقربه من هموم المواطن إبّان توليه إمارة الرياض جعله قادرا على تحقيق منجزات تاريخية وكبيرة في مجال حقوق الإنسان على الصعيد الداخلي والإقليمي، فكان إلغاء بعض الأجهزة واللجان والمجالس وتوحيدها في مجلسين للشؤون السياسية والأمنية وآخر للشؤون الاقتصادية والتنمية ما عزز إجراءات الشفافية، والعمل بأنظمة تقنية بعيدا عن البيروقراطية التي تضر بحقوق المواطنين، وكان هذا القرار من أهم القرارات التي اختصرت الزمن من أجل الإنجاز والعمل لقضايا الحقوق والواجبات الأمر الذي من شأنه القضاء على الفساد بكل أنواعه، والسير في منظومة تعتمد الشفافية مبدأ، والإنجاز غاية، فيما كانت عملية عاصفة الحزم قرارا صائبا لحفظ حقوق الشعب اليمني وحماية أمن واستقرار الشعبين السعودي واليمني على حد سواء، وكان قرار الحرب شجاعا، أتى ليتزامن مع إعادة هيكلة البناء الداخلي لمؤسسة الحكم في البلاد، ومؤسسات الدولة التي تستهدف الوفاء بمتطلبات الحياة الكريمة، والتنمية المستدامة للشعب السعودي، انطلاقا من القرآن والسنة، والأنظمة المرعية في الدولة التي جعلت الإنسان السعودي أولا. كما سجّلت الأيام ال100 التي انقضت من حكم الملك سلمان مواقف شهد العالم تفاعل الملك شخصيا معها من قضايا المواطنين على المستوى الفردي والتي وصل القرار فيها إلى إعفاء وزراء من مناصبهم وفاء بحقوق المواطنين، وإلزاما للمسؤولين بضرورة أداء واجباتهم على الوجه الأكمل. ويضيف الدكتور القحطاني نتطلّع لتحقيق المزيد من النمو والتطور في كل المجالات السياسية والاقتصادية والحقوقية والاجتماعية بما يحقق تنمية مستدامة لهذه الدولة الفتية في عهدها الجديد.