هذا المقال ليس دعوة للحرب، وإنما استكمال لما جاء في الأسبوع الماضي، فنحن الآن في حروب تجارية تتطور تدريجيًا إلى حروب مالية بين أكبر الفضاءات الاقتصادية في العالم، ومن الواضح أن محورها الأساسي يدور بين الصينوالولاياتالمتحدة، فالناتج المحلي الإجمالي الصيني مقاس بالقيمة الشرائية لليوان قد تعدى ناتج الولاياتالمتحدة الإجمالي، وهذا ليس نهاية المطاف، فالتقديرات تشير إلى أن الاقتصاد الصيني سوف يصل في العام 2050 إلى 54 ترليون دولار، في حين أن حجم الناتج المحلي الإجمالي الأميركي عندها لن يتعدى 38 ترليون دولار، أي أن الصين يتوقع لها أن تتقدم بشكل كبير. ولهذا ولتغيير هذا المسار تدور رحى الحرب التجارية، وإذا فشل الاجتماع القادم بين قادة الولاياتالمتحدةوالصين في التوصل إلى نتائج مرضية للطرفين، فإن الحرب الاقتصادية سوف تستعر بشكل أكبر، فالولاياتالمتحدة حينها ربما تفرض رسوماً جمركية على جميع وارداتها السلعية من الصين وتقدم على إلغاء ديونها لها. ولكن حتى وإن تم التوصل إلى نتائج توقف التصعيد بين الطرفين، فإنها سوف تكون بمثابة هدنة اقتصادية، فلا الصين مستعدة على المدى الطويل أن تقيد نفسها بالتزامات تحد من نموها، ولا الولاياتالمتحدة سوف ترضى عن حل لا يضع حداً للمسار الاقتصادي الصاعد للصين، فالثانية لن تنتظر قدرها المحتوم لتصبح دولة ثانوية في العام 2050. إن الحروب العالمية الكبرى هي حروب اقتصادية في نهاية المطاف، بما فيها الحربان العالميتان الأولى والثانية. فإذا كان الوضع الاقتصادي الآن شبه محسوم لصالح الصين فإن الوضع العسكري ليس كذلك. فالقوة العسكرية للولايات المتحدة لا تزال أقوى من الصين بكثير. فهي الدولة الوحيدة التي تمتلك 11 حاملة للطائرات و22 طرادًا و65 مدمرة و70 غواصة، في حين لا تملك الصين غير حاملتين للطائرات إحداها موروثة عن الاتحاد السوفيتي والثانية نسخة مشابهة لها من صنع الصين. كما أن مدمراتها لا تتعدى نصف عدد المدمرات الأمريكية بكثير. ولكن إذا أخذنا بعين الاعتبار معدلات نمو التسلح الصيني التي تنتج كل شهر سفينة كورفيت Corvette، ونوعية عتادها الجديد، فإنه من حق الولاياتالمتحدة ألا يستقر لها بال. من هنا، فإذا فشلت الحرب التجارية - المالية، في وقف نمو الاقتصاد الصيني، فإن الولاياتالمتحدة ربما ترى ألا خيار لها لوقف تقدم الصين الاقتصادي عليها غير الحرب الساخنة، فالولاياتالمتحدة ما لم تهزم الصين عسكريًا الآن فإنها لن تتمكن من ذلك في المستقبل، فالصين تسير بسرعة للتحول إلى جبروت عسكري لا يقل عن جبروتها الاقتصادي.