مع بداية الحرب التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين وخصوصًا إذا ما توسعت فإن قواعد التجارة العالمية التي وضعت عند تأسيس منظمة التجارة العالمية تكون قد اهتزت. وهذا سوف يؤثر على مصداقية هذه المنظمة وربما وجودها طالما أهم أعضائها لا يلتزمان بقواعدها. ويخطئ من يظن أن أضرار هذه الحرب سوف تقتصر على البلدين المتحاربين تجاريًا. فهذه الحرب تدور بين أضخم اقتصادين في العالم. ولذلك فإن آثارها سوف لن تنحصر عليهما، بل سوف تصيب الاقتصاد العالمي كله وتصل نتائجها إلى جميع البلدان. إن المعركة، كما يبدو لي، سوف تكون شرسة. فهي حتى وإن تمكنت الدبلوماسية من احتوائها والسيطرة عليها لبعض الوقت فإن الصراع الاقتصادي بين الولاياتالمتحدةوالصين قادم لا محالة. لأنه صراع على الأولوية في العالم وما يترتب على ذلك من مزايا تفضيلية في العديد من المجالات. فالولاياتالمتحدة لن تقدم مفتاح هذه الميزة للصين على طبق من ذهب. من ناحية أخرى فإن الصين قبل أن تأخذ الموقع الأول من الولاياتالمتحدة وتحصل على المصالح المترتبة على ذلك الموقع، وهي كثيرة، يلزمها أن تثبت ليس فقط للولايات المتحدة وإنما للعالم أيضًا إن لديها بدائل اقتصادية ومالية أفضل مما هي موجودة في الوقت الراهن. فطلب الصين من شركائها التجاريين قبول العملة الصينية كوسيلة دفع للتبادل التجاري بينها وبينهم غير كافٍ لتحويل اليوان إلى عملة صعبة. فعلى الصين قبل ذلك أن ترفع القيود التي تحول دون تدفق اليوان على الأسواق العالمية وتداوله في كافة أنحاء العالم بكل بحرية. وحتى هذا ربما يكون غير كافيًا.فتغطية اليوان بالاقتصاد الصيني كما هو حال الدولار لن يدفع العالم للتحول عن هذا الأخير. فالصين تحتاج قبل ذلك إلى أغراء العالم بتداول عملتها. وأحد الوسائل ربما تكون ربط اليوان بالذهب. فهل لدى الصين من الذهب ما يكفي لذلك؟ الأمر الآخر هو إن الصين ليس اليابان. فهذه الأخيرة لا تنافس الولاياتالمتحدة على الهيمنة-على الأقل في الوقت الراهن. أما الصين فإنها تسير في هذا الاتجاه. فهل لدى الصين الإمكانيات العسكرية لمنافسة الولاياتالمتحدة؛ وماذا عن العلوم الأساسية والتكنولوجيا والثقافة والصحة التي يحتل الأميركان حتى الآن مركز الصدارة، ويحصدون كل عام جوائز نوبل في هذه المجالات قبل غيرهم. إن الصراع على الصدارة له مقومات عدة غير الاقتصاد فإذا كان ليس لدى الصين غير الناتج المحلي الإجمالي فعليها أن تعيد حساباتها. فالعالم لن يتخلى عن الولاياتالمتحدة ويقف خلفها قبل أن تتمكن من تقديم الأفضل في كافة المجالات. Your browser does not support the video tag.