تُعد الزيارات التفقدية لملوك هذه البلاد لكل مناطقها منهجاً ثابتاً منذ عهد المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز –طيب الله ثراه–، الذي كان شديد الحرص على تفقد أحوال الرعية أينما كانوا، وسار على نهجه أبناؤه البررة من بعده، في صورة تعكس مدى التلاحم والترابط بين القيادة والشعب، وفي كل زيارة ميمونة فإن بشائر الخير تحل معها أينما حلت، حيث يتم التوجيه الكريم بإنشاء كل ما يحتاج إليه المواطنون من صروح طبية وتعليمية وخدمية وغيرها، كذلك تتم مناقشة جميع الاحتياجات وكل العوائق التي تقف حائلاً في طريق التنمية، ويتم وضع الحلول العاجلة لها والعمل على ذلك. تنقيب عن الزيت ما من منطقة في مملكتنا الغالية إلاّ وقد حظيت بزيارة كريمة من الملك عبدالعزيز –طيب الله ثراه– سواء أثناء الفتوحات والتوحيد، أو ما بعد التوحيد والاستقرار، فشملت الزيارات المناطق الشمالية والشرقية والجنوبية والغربية والوسطى، التي تغطي كل شبر من هذه البلاد، ولم تقتصر هذه الزيارات على تفقد أحوال الرعية فقط، بل تعدت ذلك إلى متابعة كل ما يهم ارتقاء الوطن وضمان دخل ثابت ومتزايد له، لذلك أولى الملك المؤسس جل عنايته لمشروع التنقيب عن الزيت في أراضي المملكة، وتابع بنفسه تطور أعمال شركة ستاندارد أويل أوف كاليفورنيا -أرامكو-، حيث كانت أول زيارة رسمية بدأها جلالته للشركة ومنشآتها في الثامن من ربيع الأول من عام 1358ه عن طريق البر في موكب مؤلف من السيارات، وتضمن برنامج زيارته تلك تفقد منشآت الشركة في الظهران وراس تنورة، وافتتاح مجرى انتقال الزيت إلى أول باخرة شحنت بالزيت السعودي إلى الخارج، كما زار القطيف والدمام والخبر وأبو حدرية وجبل القرين، وأسهمت هذه الزيارة في دعم أعمال الشركة، خاصةً في المرحلة التي تلت اكتشاف الزيت بكميات تجارية في المنطقة الشرقية. وقد أعقبت تلك الزيارة زيارة ثانية تاريخية في الثامن والعشرين من صفر لعام 1366ه الموافق للحادي والعشرين من يناير عام 1947م؛ لتفقد عمليات شركة الزيت الأميركية العربية قادماً على متن قافلة من ست طائرات من طراز دوجلاس ذات المحركين، واستمرت الزيارة خمسة أيام كانت حافلة بعديد من المحطات التي تم خلالها الاحتفال بهذه الزيارة التاريخية، التي استعدت لها الشركة بوقت طويل، فقد كانت استضافة الملك لدى الشركة أمراً غير عادي. مكةوالمدينة وحظيت المدينتان المقدستان مكةوالمدينة باهتمام بالغ من قبل المؤسس الراحل وأبنائه الملوك من بعده، وكانت الزيارة لهما شبه دائمة، وفي هذا العهد الزاهر تحظيان باهتمام بالغ ومتواصل من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله–؛ حيث شرّف الحفل الكبير الذي أقامه أهالي منطقة مكة المكرّمة احتفاءً بتوليه مقاليد الحكم في المملكة، وشاهد الملك عدداً من المشروعات التطويرية والتنموية التي تنفّذها الحكومة الرشيدة، من أجل راحة ورفاهة المواطنين والمقيمين وقاصدي هذه المنطقة المقدّسة من الحجاج والمعتمرين والزائرين، والمتمثلة في مشروع قطار الحرمين الشريفين ومشروع جبل عمر وجبل خندمة، ومشروع توسعة الساحات الشمالية للمسجد الحرام، إضافةً إلى المشروعات التطويرية الجاري تنفيذها في محافظتَي جدة والطائف. وفي كل عام، فإن خادم الحرمين الشريفين يصل إلى مكةالمكرمة في رمضان لقضاء العشر الأواخر فيها، كما يقوم بزيارتها في موسم الحج للاطمئنان على راحة ضيوف الرحمن عن كثب، كما تحظى المدينةالمنورة باهتمامه وتفقده، حيث قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بزيارة إلى المدينةالمنورة في وقت سابق، وشرف حفل الأهالي، ثم دشن مشروع محطة التحلية وتوليد الطاقة -المرحلة الثالثة-، وموسوعة معمار المسجد النبوي الشريف، ومشروع إنشاء مستشفى الملك فيصل التخصصي. تأييد ومؤازرة واستمراراً للنهج الذي أسسه المؤسس الملك عبدالعزيز –طيب الله ثراه- في زياراته التفقدية لكل مناطق المملكة، فقد سار أبناؤه الملوك من بعده على هذا النهج، ومن ضمن هذه الزيارات المباركة - على سبيل المثال - منطقتا القصيموحائل اللتان حظيتا أخيراً بزيارة كريمة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، فمنطقة القصيم كما ذكر ذلك الكاتب د.عبدالعزيز بن سليمان المقبل الذي قال لقد كان الملك عبدالعزيز -رحمه الله- كثير التردد على مدينة بريدة إبان توحيد البلاد وبعده، ولا تحصى زياراته لهذه المدينة، لما يجد عند أهلها من التأييدين المادي والمعنوي والمؤازة بالنفس والنفيس، وكان الملك كما يحدثنا الرواة يزور مدينة بريدة كل سنة، وذكر نماذج من زياراته المتأخرة فقط: ففي سنة 1346ه قدم الملك عبدالعزيز إلى مدينة بريدة بموكب عظيم ونزل قصر الحكم فيها، وفي سنة 1357ه قدم الملك عبدالعزيز إلى مدينة بريدة ومعه ثلاثون من أنجاله، ونزل حي التغيرة وكان معه خمسة آلاف خيمة، ومن الجنود ثلاثون ألفا، وأكثر من ألفي سيارة، وأقام أياما في بريدة ثم اتجه إلى حائل، وفي سنة 1360ه عزم الملك عبدالعزيز على زيارة مدينة بريدة، فأصلحت الطرق الترابية، وقدم الملك يصحبه أنجاله ومعه ولي عهده سعود، ونزل حي التغيرة، وكان قد أُعد له ما يليق بمقامه، وكانت زيارته هذه بالمراسم العسكرية ولأول مرة، وأضيء الموقع بالكهرباء، وكان استقبال الأهالي له عظيما وحافلاً، وتميزت زيارة الملك سنة 1366ه لمدينة بريدة بأنها كانت زيارة مشهودة ومشهورة، ذلك أن الملك أمر أن يؤسس للقصيم مطار جديد في مدينة بريدة، فكان موقعه في «الودي» مكان جامع الراجحي حالياً وما حوله، ونصب مخيم ضخم في حي التغيرة بلغت مساحته تسعمائة ألف متر مربع تقريباً، فلما أن كان صباح 17 ربيع الثاني من تلك السنة خرج أهالي بريدة بأعداد غفيرة وجموع كبيرة إلى المطار انتظاراً لوصول الملك، وفي تمام الساعة الثانية والربع صباحاً بالتوقيت العربي، هبطت طائرة الملك وسبع طائرات أخرى وبصحبة الملك أنجاله وحرسه الخاص، ولما أن كان هذا أول قدوم للملك بالطائرة، فقد كان حدثاً مؤرخاً ومشهوراً، وقدر من حضر في تلك اللحظة بالآلاف. حفل ترحيبي أمّا جلالة الملك سعود فقد زار مدينة بريدة ثلاث مرات، كانت المرة الأولى بعد أن تولى الملك بثلاثة أشهر، ففي 1373/6/1ه، جاء الخبر بنية الملك سعود لزيارة مدينة بريدة، فنشط الأهالي للاستعداد لاستقبال الملك بما يليق به، فزينت المدينة بأقواس النصر والأعلام والأنوار، وأغلقت المحال التجارية، وعطلت أغلب الأعمال، فلما كان صباح يوم الأحد 6/11 خرج الأهالي وطلاب المدارس وصفوا صفين يرحبون بالملك، أما الزيارة الثانية للملك سعود فكانت سنة 1377ه، ففي يوم الأربعاء 27 جمادى الأولى قدم الملك سعود إلى مدينة بريدة، فاستقبل بحفاوة في المطار، وكانت المدينة قد تزينت بأبهى مما فعلت له من قبل، وأقيم حفل ترحيبي للملك في مطار بريدة، ألقيت فيه الخطب والقصائد، وأما الزيارة الثالثة للملك سعود فقد كانت في 25/ 4/ 1379ه، ففي يوم الثلاثاء قدم الملك سعود إلى مدينة بريدة، فخرج الأهالي بأعداد غفيرة لاستقباله ثمانون ألفاً أو يزيدون، وأنزلته العائلة الكريمة ذات الأفضال الجميلة والكثيرة آل راشد الحميد بيوتهم الجديدة في الراشديات -أحد أحياء بريدة الشمالية- بعد أن اجتهدوا في تأثيثها بأفضل الأثاث وأفخمه، وخلال وجوده حضر حفل التعليم في مدرسة الخالدية، وبقي في مدينة بريدة إلى يوم الجمعة، فحضر خطبة الجمعة في جامع بريدة، وكان الخطيب الشيخ محمد بن عبدالله بن حميد، فلما انتهى من الخطبة ونزل للصلاة قال: «يتقدم الإمام ليؤمكم في الصلاة»، فتقدم الملك سعود وصلى بالناس. احتفال بهيج أمّا جلالة الملك فيصل فقد قدم إلى مدينة بريدة في 1393/1/9ه، وقد أقيم له مخيم في حي المليداء أحد أحياء بريدة الغربية على مساحة واسعة، وكان الوقت ربيعاً، وفي ذلك المكان يكثر «الكمأ» -الفقع- فكان الملك إذا قام في الصباح يتمشى في تلك الأراضي ويلتقطه، وأقيم للملك احتفال بهيج وكبير في مخيمه، ضم جميع مدن وقرى القصيم، وسارت أمامه مواكب كل مدينة وبلدة، وكلهم تحت علم واحد، كما حظيت القصيم بزيارات من قبل الملك خالد -رحمه الله- عام 1401ه، وزيارة الملك فهد -رحمه الله- عام 1408ه، وزيارة الملك عبدالله –رحمه الله- 1427ه، وأخيراً الزيارة التاريخية من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله– ضمن زياراته التفقدية لعدد من مناطق المملكة، التي استهلها بزيارة لمنطقة القصيم، حيث شرّف خادم الحرمين الشريفين حفل استقبال أهالي منطقة القصيم بمناسبة زيارته الميمونه للمنطقة، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وفي ختام الحفل تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان هدية تذكارية تشرف بتقديمها صاحب السمو الملكي الأمير د.فيصل بن مشعل بن سعود أمير منطقة القصيم، كما تسلم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد هدية تذكارية من سمو أمير منطقة القصيم. طائرة المؤسس أما منطقة حائل التي كانت المحطة الثانية لزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله– ضمن زياراته التفقدية لعدد من المناطق، فهي الزيارة العاشرة لملوك المملكة بعد دخولها تحت النفوذ السعودي عام 1339ه، فقد تشرفت منطقة حائل بأول زيارة للملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه- في 1355/7/28ه كما ذكر ذلك الكاتب خالد السليمي، حيث أضاف أنه قد أعقبها بعد عشرة أعوام بزيارة أخرى كانت في 1366/2/5ه أسس خلالها أول مدرسة حكومية في حائل، فيما شهدت تلك الزيارة هبوط طائرة المؤسس في مطارها، كأول طائرة تهبط بمطار حائل، وبعد تولي الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- مقاليد الحكم بهذه البلاد بثلاثة أشهر زار حائل في 1373/5/6ه، ثم أعقبها بعد خمس سنوات بزيارة أخرى في 1377/6/10ه تم خلالها افتتاح مستشفى حائل العام كأول مستشفى بالمنطقة، إضافةً إلى تدشينه لمشروع الماء، الذي بدأت الاستفادة منه عام 1387ه، ثم بعد عامين زار الملك سعود حائل مرة ثالثة في 1379/6/3ه، وزار الملك فيصل بن عبدالعزيز –رحمه الله- حائل في 1393/5/1ه وتم خلال تلك الزيارة اعتماد (طريق حائل- المدينةالمنورة) بطول (450كم)، وفي زمن الملك خالد –رحمه الله- تشرفت حائل بزيارته في 1400/2/21ه التي تم خلالها اعتماد طريق (حائل- جبه) بطول (100كم)، ووضع حجر الأساس لمستشفى الملك خالد بحائل بسعة (200) سرير، وبعد ثمانية أعوام وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز–رحمه الله- تشرفت حائل بزيارته في 1408/8/22ه دشن خلالها الطريق الدائري حول حائلالمدينة، وفي 1427/5/18ه زار الملك عبدالله بن عبدالعزيز –رحمه الله- حائل رعى خلالها تدشين عدد من المشروعات التنموية. احتياجات المواطنين ونظراً لأهمية الزيارات التفقدية وأثرها على نجاح العمل وتفقد احتياجات المواطنين والالتقاء بهم، فقد أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- وزراء ورؤساء الجهات المستقلة بالقيام بزيارات دورية للمناطق للاستماع إلى مطالب المواطنين، ووجّه تعميماً لمختلف الوزارات والجهات الحكومية بالقيام بزيارات دورية لتفقد أعمال الجهات المرتبطة به، والرفع للديوان الملكي بتقارير مفصلة عن الزيارات التي يقوم بها مع المرئيات، وجاء في «التعميم البرقي» نؤكد على الوزراء وكبار المسؤولين بزيارة مناطق المملكة، وافتتاح المشروعات وتفقّدها، وحضور المناسبات فيها، وتغطية ذلك إعلامياً، وتابع التعميم: لاحظنا عدم تقيد بعض المسؤولين بما قضى به الأمر المشار إليه والالتزام بذلك، ونظراً لأهمية التقاء الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة بالمواطنين والاستماع إلى ما لديهم؛ لكونه من أهم الواجبات، نخبركم أن على الجميع اعتماد إنفاذ ما قضى به الأمر المشار إليه، والالتزام بذلك، وأن يقوم كل وزير أو رئيس جهة مستقلة بزيارات دورية بمناطق المملكة، وتفقّد أعمال الجهات المرتبطة به في تلك المناطق، والاستماع لما لدى المواطنين، والرفع لنا بتقارير مفصلة عن الزيارات التي يقوم بها، مع المرئيات والحرص على ذلك في أكمل ما يلزم بموجه. الملك سلمان يؤدي العرضة خلال استقباله في القصيم الملك سعود يؤدي العرضة السعودية في القصيم عام 1379ه الملك فيصل في زيارة للمنطقة الشرقية، ويظهر الملك فهد والملك عبدالله الملك خالد خلال زيارته منطقة تبوك وخلفه الأمير سلطان بن عبدالعزيز الملك فهد خلال جولة تفقدية في مدينة حائل الملك عبدالله في إحدى جولاته وبجواره الملك سلمان والأمير سلطان بن عبدالعزيز