اتفقت توقعات كبرى الشركات المالية، مع ما جاء على لسان المحللين الاقتصاديين، بأن أرقام ميزانية المملكة في الربع الثالث، تشير إلى تحقيق ميزانية تاريخية للبلاد بنهاية العام الميلادي الحالي، تتجاوز حاجز التريليون ريال، مؤكدين في الوقت ذاته أن خطط وبرامج رؤية المملكة 2030، أدت ثمارها المرجوة، بعدما عززت الدخل القومي، من مصادر الدخل غير النفطية، واستحداث مصادر دخل جديدة، متوقعين أن يتراجع عجز المملكة كثيرا في نهاية العام، مع زيادة الإنفاق على بنية المشروعات العملاقة، التي أعلن عنها سمو ولي العهد. وأظهرت الميزانية العامة للمملكة في الربع الثالث ارتفاع الإيرادات بمعدل 57 في المئة، لتسجل 223.2 مليار ريال، مقابل زيادة النفقات 21 في المئة إلى 230.5 مليار ريال، مما قلص العجز إلى 7.3 مليارات ريال، مقابل 48.73 مليار ريال في الربع الثالث 2017. وبحسب البيانات التي أصدرتها وزارة المالية السعودية، شهد الربع الثالث زيادة كبيرة في الإيرادات النفطية، لتسجل 153.9 مليار ريال بنسبة نمو 63 في الميزانية، مقارنةً بالربع المماثل من العام الماضي، مدفوعة بتحسن أسعار النفط بالأسواق العالمية، كما قفزت الإيرادات غير النفطية 45 في الميزانية، وبلغت 69.3 مليار ريال. وبنهاية التسعة أشهر الأولى من العام الحالي 2018، بلغت إيرادات المملكة 663.1 مليار ريال بنمو 47 في المئة، على أساس سنوي، لينخفض عجز الميزانية إلى 48.97 مليار ريال مقارنة مع 121.4 مليار ريال خلال الفترة المماثلة من العام الماضي. وسجل تقرير الميزانية للربع الثالث، وما تضمنه من أرقام، بخاصة الإيرادات البالغة 223.26 مليار ريال، ارتفاعا يؤكد المسار الصحيح الذي تنتهجه حكومة خادم الحرمين الشريفين، في تطوير الاقتصاد، وإصلاح الأوضاع الاقتصادية، في أعقاب انخفاض أسعار النفط خلال العامين الماضيين، حيث ساهمت الإصلاحات الاقتصادية في رفع كفاءة الإنفاق العام، وتراجع العجز وتنويع مصادر الإيرادات الحكومية وتنويع مصادر الإيرادات غير النفطية، وتبين التقارير زيادة الإيرادات الفصلية غير النفطية بنسبة 45 في المئة، لتصل إلى 69 مليار ريال، وارتفاع الإيرادات الفصلية النفطية إلى 154 مليار ريال بنسبة 63 في المئة، وزيادة النفقات الفصلية بنسبة 21 في المئة لتصل إلى 230 مليار ريال، وذلك بفضل الإصلاحات المالية والاقتصادية. وتوقع الدكتور سالم باعجاجة أن تعلن المملكة عن ميزانية تاريخية في نهاية العام الميلادي الحالي، مبينا أن "الأرقام المعلنة في الأرباع الثلاثة الأخيرة، تبشر بالخير الوفير، وتؤكد أن المملكة تسير في الاتجاه السليم"، وقال: "رؤية المملكة 2030 التي أعلن عنها سمو ولي العهد مذ أكثر من عام، بدأت تؤتي ثمارها اليانعة، إذ وضعت الرؤية الكثير من البرامج والخطط التي ترتقي بالاقتصاد الوطني، وتعزز مكامن القوة فيه، وقد استشعرنا هذه الثمار على أرض الواقع، من النتائج المالية للربع الأول من هذا العام، وتكرر المشهد ذاته في الربعين التاليين، الأمر الذي يجعلنا نتوقع ميزانية تاريخية للمملكة في نهاية العام، تتجاوز حاجز التريليون ريال، وهو ما ألمح إليه سمو ولي العهد في مؤتمر مبادرة الاستثمار، الذي أختتم في الرياض أخيرا". وتوقع باعجاجة أن "ينخفض العجز المالي للدولة ليصل إلى 138 أو 140 مليار ريال خلال العام 2018، مقارنة بالتقديرات الحكومية للعجز التي بلغت 148 مليار ريال، ومقابل 230 مليار ريال في 2017". ومن جانبه، قال الدكتور عبدالله المغلوث إن "تقديرات مؤسسات الخبرة المالية، تشير إلى أن الإيرادات النفطية قد تصل إلى 610 مليارات ريال بنهاية العام 2018، بناء على متوسط سعر النفط، الذي يبلغ 70 دولارا للبرميل خلال الربع الأخير من العام". وأضاف: "هذا يجعلنا نؤكد أن الاقتصاد السعودي ما زال معتمدا على دخل النفط، وأتوقع أن يتراجع هذا الاعتماد شيئا فشيئا مع تنفيذ متطلبات رؤية 2030، التي أكدت ارتفاعا في مصادر الدخل غير النفطية". وتناول المغلوث خانة المنصرف من الميزانية، الذي بلغ 70 في المئة من الإنفاق المقدر، مقارنة ب 52 في المئة بنهاية الربع الثالث من العام الماضي. وقال: "يجب الوضع في الاعتبار أن غالبية المصروفات، تذهب إلى الإعانات والمزايا الاجتماعية الخاصة بالمواطنين وكذلك الرواتب"، وتابع: "المرحلة المقبلة، سيتركز فيها الإنفاق على البنية التحتية للبلاد، التي تمهد الطريق للمشروعات العملاقة التي أعلن عنها سمو ولي العهد، مثل مشروع البحر الأحمر والقدية ونيوم، يضاف إلى ذلك قيام الحكومة بسداد معظم المستحقات عليها لصالح القطاع الخاص قبل نهاية العام. ومن جانبها، أعربت الشركات المالية عن تفاؤلها بشأن أرقام الميزانية خلال الربع الثالث، وجاءت تعليقاتها إيجابية جدًا، حيث قالت شركة "البلاد المالية": إن سياسة تنويع الاقتصاد التي تتبناها الحكومة السعودية قد انعكست نتائجها بشكل واضح وملموس على الميزانية، وأن النفقات الحكومية على القطاع غير النفطي، قد رفعت الكفاءة، مشيرة إلى أن المالية العامة تتحسن بشكل مستمر نتيجة الإصلاحات وكفاءة الإنفاق. وقالت شركة "الراجحي المالية": إن معالم الإنفاق الحكومي، سوف تتركز خلال الربع الرابع من هذا العام على المجالات الاستثمارية، أما شركة "البلاد المالية" فقد صرحت بأنها تتوقع تقديم حوافز اقتصادية حكومية خلال العام القادم. وبدورها قالت شركة "الراجحي المالية": إن الدخل غير البترولي، قد استفاد كثيرًا من أرباح مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" وصندوق الاستثمارات والضريبة المضافة، إلى جانب الإصلاحات الكبيرة التي قامت بها حكومة المملكة في الفترة الأخيرة.