توقع مختصون أن تشهد ميزانية المملكة لعام 2018 أرقاماً إيجابية تعكس نهج الدولة الاقتصادي الجديد، وأن تقفز الإيرادات إلى أكثر من 900 مليار ريال، مؤكدين أن ميزانية الربع الثالث من العام الحالي أظهرت تقدماً ملموساً لخطط وبرامج الدولة للإصلاح الاقتصادي، محددين العوامل التي ترجح انخفاض عجز الميزانية في العام الجديد. المشاريع التنموية قال أستاذ المحاسبة بجامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة ل«الوطن»، إنه «من المتوقع انخفاض عجز الميزانية للعام المقبل عما كانت عليه في الأعوام السابقة، ليصل إلى أدنى مستوى منذ 5 سنوات نتيجة لارتفاع الإيرادات بشقيها النفطي وغير النفطي، ومن المتوقع أيضا أن تقفز الإيرادات إلى نحو 911 مليار ريال مقابل نفقات مقدارها 929 مليار ريال، ستواصل الدولة إنفاقها على المشاريع التنموية، وهو ما سينعكس إيجاباً على ربحية مؤسسات وشركات القطاع الخاص، مقارنه بما كان عليه في السنوات السابقة». فوائض مالية أبان الجبير أن الميزانية سجلت فوائض مالية كبيرة نتيجة محاربة الفساد، وإرجاع الأموال المنهوبة من المال العام، وتحسن أسعار النفط، والإيرادات غير النفطية، ويتوقع أن تبلغ الإيرادات السنة المالية الحالية مبلغ 708 مليارات ريال، والنفقات نحو 890 مليار ريال، وأن تقفز الإيرادات إلى نحو 911 مليار ريال عام 2018، مقابل نفقات تقدر بنحو 929 مليار ريال، مشيرا إلى أن العجز انخفض خلال النصف الأول من عام 2017 بنسبة 51% مقارنة بالعام الماضي، وأظهرت ميزانية 2017 حيوية، ودقة في الصرف. تعزيز الشفافية أكد المحلل المالي الدكتور عبدالله باعشن، أن «ميزانية العام 2017 تميزت عن الأعوام السابقة بالتحول في المحتوى، مع البقاء على نموذج البنود، بمعنى أنه صدرت عدة سياسات مالية لبنود الميزانية، مما أدى إلى تغييرات جوهرية في أسلوب ومحتوى بنود الميزانية»، مضيفاً أن هذا الأسلوب الجديد يتلاءم مع أهداف برنامج التوازن المالي، ويجعل من الإنفاق في الميزانية أكثر إنتاجية بدلا من الهدر والمبالغة في الإنفاق. وأشار إلى أن التوجه الحكومي في إعلان ميزانية الأرباع السنوية الثلاثة الماضية، عزز من مستوى الشفافية في الميزانية العامة، كما كشف عن نجاح الحكومة في السيطرة على حجم العجز المتوقع، وتخفيضه عن الأرقام التي كان يتوقع أن يصل إليها، وتوجه الحكومة إلى مصادر دخل جديدة كضريبة القيمة المضافة، ورسوم الأراضي البيضاء، سيؤدي إلى تماسك بند الدخل بحيث لا يتأثر بانخفاض دخل النفط على الميزانية العامة. الإفصاح المالي قال المحلل الاقتصادي الدكتور عبدالله المغلوث، إن أرقام التقارير الربعية لأداء الميزانية التي صدرت خلال التسعة أشهر الماضية أظهرت استمرار الحكومة في ترشيد الإنفاق، وتحقيق أداء مالي يتسم بالتوازن للوصول إلى أهدافها على المدى الطويل، وتقارير التسعة أشهر للعام الحالي من الميزانية جاءت متوافقة مع خطط برنامج التوازن المالي، والذي سيحقق تنوعا في الإيرادات لخزينة الدولة، ويقلل المصروفات، ويعتمد على الإنفاق الرأس مالي الذي يهتم بنوعية المشاريع وكفاءاتها وحجم المصروف». وأضاف أن تقارير «الأرباع السنوية للميزانية اتسمت بالشفافية التي تساعد المستثمر على الاطلاع وفهم الأرقام، وهو ما يطلق عليه بالإفصاح المالي الذي يترتب عليه اتخاذ القرارات المناسبة». وأكد المغلوث أن بلوغ الدين العام بنهاية الربع الثالث من السنة المالية الحالية 375,8 مليار ريال سعودي، لا يشكل عبئا، لما تمتلكه المملكة من استثمارات واحتياطي بالعملة الأجنبية، لافتاً إلى أن البنك الدولي أشار إلى أن احتياطي المملكة من النقد الأجنبي الأعلى عالمياً ويغطي وارداتها. تحديات كبيرة قال المحلل المالي تركي فدعق، إن «ميزانية عام 2017 شهدت تحديات كبيرة، وأيضا شهدت كفاءة في الإنفاق، وجهود الحكومة في القضاء على الفساد، وستكون هناك زيادة في الإنفاق خلال ميزانية 2018 بنسبة بسيطة عن الأرقام المتوقعة، كما أن العجز سيكون قريبا من 200 مليار ريال، والإيرادات الفعلية قريبة من 700 مليار ريال، وإيرادات الميزانية للعام 2018 بين 780 إلى 800 مليار ريال». وأضاف أن «النفقات قد تكون أعلى من العام السابق، وتصل إلى 950 مليار ريال، بسبب مبادرات رؤية المملكة 2030 وبرنامج التوازن المالي والمشاريع الرأسمالية بالإضافة إلى الإنفاق التشغيلي». محاربة الفساد أضاف المستشار المالي والخبير الاقتصادي أحمد بن عبدالرحمن الجبير ل«الوطن»، أن «ولي العهد الأمير محمد بن سلمان له دوره الإيجابي والمتميز في تحريك الاقتصاد، ومحاربة الفساد، مؤكداً أن إيرادات الميزانية في نهاية الربع الثالث للعام الحالي 2017 تجاوزت 23 % بقيمة 450 مليار ريال، مقابل مبلغ 366 مليار ريال للعام السابق 2016، حيث بلغت الإيرادات النفطية 307 مليارات ريال لفترة 9 أشهر الماضية، ومن المتوقع انخفاض عجز الميزانية عام 2018 نتيجة ارتفاع الإيرادات بسبب تحسن أسعار النفط، ومحاربة الفساد، وتحسن الإيرادات غير النفطية». وأوضح أن الدراسات الاقتصادية أظهرت أن العجز سينخفض من مبلغ 400 مليار ريال لعام 2016 إلى 180 مليار ريال نهاية العام الحالي 2017، وربما ينخفض إلى 18 مليار ريال عام 2018، مما يساعد على تراجع نسبة العجز المالي للناتج المحلي من نسبة 14 % عام 2016 إلى 7 % هذا العام، خاصة وجميع التقارير تتوقع نموا في القطاع غير النفطي، بعد أن بلغت الإيرادات غير النفطية 63 مليار ريال في الميزانية نصف السنوية التي أعلنت عنها وزارة المالية، مشيرا إلى أن التقارير توقعت أيضاً أن يكون العجز 8 % من الناتج الإجمالي عام 2017، على أن ينخفض إلى 6 % في عام 2018.