تحت عنوان: «النساء هن موضوع women who are subjects» نظمت مجلة «ماري كلير Marie Clair» لمعرض يحتفي بعدد 6 من المصورات الفوتوغرافيات انتخبتهن من ضمن العديد من المتعاونات معها من فنانات التصوير والتحليل والإدارة الفنية اللواتي وظفتهن عبر السنين لكي يعبرن عن رؤية المجلة التي تمحورت حول تقصي وجود المرأة في عالم تصميم الأزياء والفن، وصياغة تلك الرؤية في حبكة بصرية تحتفي بالمرأة في عالم التصميم الفني كبطلة لقصة رؤيوية ناعمة تتسم بالسكينة والحسية. وهذا المشروع «النساء هن الموضوع» يمثل رؤية هذه المجلة التي تتجاوز دور مجلة الموضة لتصبح منبراً للوجود المؤنث، فمجلة «ماري كلير» منذ نشأتها في فرنسا عام 1937 قد فتحت أبوابها للأقلام الجريئة ذات الرؤى المتجاوزة لتعبر عن معايناتها المتعمقة لما يجد في عالم المرأة متكلمة بصوتها عن مواضيع معاصرة تتناول الفن والأدب وتصميمات الأزياء والترحال بل والتحليلات الاجتماعية وحماية البيئة والصحة، ولعل أهم إنجازاتها التأسيس لحقوق المرأة وذلك من خلال تجديد النظرة للممارسات اليومية البسيطة (المُتَعَارَف على كونها ممارسات أنثوية) كالطبخ والتأثيث والبستنة وغيرها ومنحها عمقاً بصفتها تشتمل على فن وفلسفة وتنبع من عمق معرفي حققته البشرية عبر تاريخها. وبذلك التجديد نجحت هذه المجلة الشهرية التي أسستها «جين بروفوست Jean Prouvost» في الانتشار عالمياً لتصدر الآن بما يزيد على 24 لغة في 35 دولة بأنحاء العالم، ولعل من أشهر أقلامها الروائية والشاعرة الفرنسية «مارسيل أوكلير Marcelle Auclair 1899-1983» والتي عُرِفَتْ بانفتاحها على الاكتشافات الجديدة في علم النفس وأيضاً في الفن خصوصاً تصميمات الأزياء، المجالان اللذان حققا اختراقات مهمة في بداية القرن العشرين. وفي معرض المجلة الأخير «النساء هن الموضوع» - الذي استضافه مؤخراً مجلس المدينةبباريس المنطقة الرابعة - تحتفي ماري كلير بنتاج عدد 6 من مصوراتها هن سارة مون Sa rah Moon، ساشا Sacha، فرانسواز هوجير Françoise Huguier، ماريان تشيميتوف Marianne Chemetov، إلينا كيشيتيفا Elina Kechicheva، وبيتينا دو توا Betina du Toit. يستخدمن عدساتهن الذكية لالتقاط أربعين سنة من الحياة في مجلة (هذا إن كان للعدسة أن تلتقط الحياة)، لكن محور أعمالهن اللحظات المميزة والتي تؤرخ لتجاربهن مع المجلة، ومما يلفت النظر في نتاج هاته الفنانات الاختلاف الكبير في أساليب التعبير مع ذلك فإنهن يسعين لذات الهدف، ألا وهو بعث رؤية جديدة للمرأة ودورها في الحياة، فلقطاتهن هي بورتريهات للمرأة في ذلك العصر وفي نفس الوقت تسجيل ذكي للصرعات حينها، وللعادات والفنون والموسيقى والموضة وترجمتها العميقة للتحولات الاجتماعية والتيارات السياسية المؤثرة في كل ذلك. تسجيل بالكاميرا تميزه حرية رؤيوية لاتُضَاهَى وفرتها لهن المجلة وشجعتهن على المضي للأقصى في تلك الحريات التعبيرية. فمثلاً الفنانة بيتينا دو تويت و التي تجمع عبق ولادتها في أفريقيا الجنوبية وحياتها في باريس، كما يتضح في أعمالها فضول الصحفي بحكم دراستها للصحافة مع عمق حساسية الفنان، وذلك من دراستها للتصوير، إذ تتسم صورها بتكرار ناعم يذكر بروتين الحياة لكن بنظرة ترتقي بذلك التكرار ليصير تعزيزاً لجمال اللحظة، أشبه بتهتهة تؤكد إيقاع الكلمة. فنجد الوجوه تتكرر والأجساد تنضفر في مشاهد طبيعية على شاطيء نهر أو بين عشب أو حتى على خلفيات محايدة كصفحة كانفاس أو ورق مقوى. و لعل موهبة بيتينا دو تويت قد أثريت بتأثرها بأسطورة التصوير الفوتوغرافي ريتشارد آفيدون Richard Avedon و بالمخرج السينمائي «بير باولو بازوليني Pier Paolo Pasolini» وتميزهما بالتوقف بالمشهد وتقريبه ليحفر ملامحه في وعي المتفرج، تشبعت الفنانة بيتينا دو تويت بتلك القدرة وتجلت موهبتها في تسليطها الضوء على الجمال غير العادي في مواضيع صورها، جمال تنقب عنه بعناية و تبرزه للسطح في ورقة على عشب أو جسد أجرد يبرز متألقاً باهراً ومع ذلك لا يشعر المتلقي في تلك اللاعادية المذهلة بأي تكلف ولا مبالغة، هناك حس برهافة والأناقة والبساطة الوضاءة التي لاتكف تطفو في صورها، هناك معجزة السهل الممتنع تتحقق في أعمالها بشكل عام، إنها ثمار حبها الأول ألا وهو «التصوير»، والذي آلت إليه بعد تنقلها في التجارب بين مراسلة صحافية ومروراً بتصميم المجلات، خبرات تصب الآن في نتاجها الفوتوغرافي وتثريه. Your browser does not support the video tag.