حذّر إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير - في خطبة الجمعة أمس - من المجاهرة بالمعاصي واستحلال المحرمات والاغترار بفتاوى المتساهلين وأنصاف المتفقهين الذين يفتون بلا إيقان ولا إتقان، ويميلون إلى طرف الانحلال بدعوى التيسير والوسطية والاعتدال. وقال: من أظهر المعصية وجاهر بها فقد أغضب ربه وهتك ستره واستخف بعقوبته وآذى عباد الله المؤمنين، فاتقوا الله يا أهل الاسلام، ولا تغتروا بالنعماء والرخاء، ولا تستعينوا بالعطايا على الخطايا، ولا تجاهروا بالعصيان وقد أنعم الله عليكم بعيش رخي، وشراب روي، والناس من حولكم يقتلهم الجوع الأغبر، والموت الأحمر. ودعا إلى النأي عن مجالسة العصاة ومفارقتهم ومجانبة ساحتهم واعتزال أماكنهم والانكفاف عن صحبتهم واجتناب السفر معهم دليل صحة النظر ونور البصيرة، مبيناً أن القلوب ضعيفة والشبه خطافة والفتن تموج، وذو البصيرة يجتنب مجالسة من يمرضون القلوب ويفسدون الإيمان، ويحذر مصاحبة المفتونين الزائغين عن السنة والمائلين عن الفضيلة والحشمة وأخلاق المسلمين. وأضاف: من جلس مجلس قوم وفيه معصية أو بدعة وجب عليه أن ينكر عليهم بالحكمة والكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والدليل الموضح للحق المزيل للشبهة، فإن قدر أن ينكر ولم ينكر كان شريكاً في الوزر، وإن عجز عن الإنكار عليهم وجب عليه أن يفارق مجلسهم؛ لأن المجالسة والمداخلة توجب الألفة والمتابعة والاغضاء عن المنكر والمودة في القلوب وقد لا تخطئه الفتنة، قال جل في علاه: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا"، وبيّن عمر بن عبدالعزيز - رضي الله عنه - أن الله جعل حاضر المنكر كفاعله، ولهذا قال العلماء: إذا دعي إلى وليمة فيها منكر كالخمر والزمر لم يجز حضورها، وذلك أن الله تعالى قد أمرنا بإنكار المنكر بحسب الإمكان فمن حضر باختياره ولم ينكره فقد عصى الله ورسوله بترك ما أمره به من بغض إنكاره والنهي عنه، وإذا كان كذلك فهذا الذي يحضر مجالس الخفر باختياره من غير ضرورة ولا ينكر المنكر كما أمره الله هو شريك الفساق في فسقهم فيلحق بهم. وحذر من تكثير سواد أهل البدع والباطل والمعصية، وقال: لا تكونوا يوماً في عديد أصحاب الفتنة والمفسدين، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن أناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأتي السهم فيرمى فيصيب أحدهم فيقتله أو يضربه فيقتله فأنزل الله تعالى: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم"، ومن حضر مجالس المنكر استئناساً بهم وفرحاً بأفعالهم، أو رضيها أو دعا إليها أو أيدها أو أيد المواقع العنكبوتية المشبوهة والصفحات الخبيثة والمواقع الإباحية والمواقع المعادية لديننا وعقيدتنا وأخلاقنا وبلادنا ومهر لها علامة الرضا والتأييد فقد كثر في سوادهم وصار من عدادهم. Your browser does not support the video tag.