بعد خمس سنوات على رحيل الشاعر والدبلوماسي محمد الفهد العيسى وثقت ابنته الدكتورة إيمان محمد العيسى سيرة والده بكتاب عنوانه «محمد الفهد العيسى: سفير الكلمة والدبلوماسية». وقالت د. إيمان في مستهل تقديمها لهذا الإصدار: فكرت كثيراً في الكتابة عن سيرة والدي وكنت كل ما هممت بالإمساك بالقلم لأبدأ أجدني عاجزة عن صياغة عبارات توفي هذا الإنسان حقه. وتابعت: إلى كل المهتمين بالأدب والشعر السعودي، إلى من يسعدهم الاطلاع على مسيرة الشعراء السعوديين وقراءة السير الذاتية لهم، أقدم إليهم هذا العمل الذي أسلط فيه الضوء على مسيرة الوالد والأديب والشاعر والدبلوماسي، محمد الفهد العيسى الذي يشمل على بعض من المقابلات الصحفية معه، وما كتبه بعض الأدباء والشعراء السعوديين عنه ولأعطي رؤية واضحة عما كان عليه الأدب والشعراء في هذه المرحلة من التاريخ السعودي، ولكي نقدم للأجيال رائدًا من رواد الشعر والنهضة الأدبية والفكرية بالمملكة، وقد نقلت هذه المقابلات والكتابات بتجرد تام، وقمت فقط بالتوثيق لها، والتنويه -أحيانًا- عن بعض الأشياء للإيضاح. وقال عبدالرحمن الشبيلي الذي قدم الكتاب: غريب أن ينظر أبو عبدالوهاب إلى نفسه ومنذ مطلع شبابه، على أنَّه «الفهد التائه» في حين أنَّه كان الحاضر دومًا في الوسط الثقافي وفي أذهان محبيه، وفي المجتمعات الستّة التي عمل فيها سفيرًا، وكان مجلسه مفتوحًا على الدوام منذ أن بزغ نجمه قبيل الثمانينات الهجرية من القرن الماضي (الستينات الميلادية) وكانت مشاركاته الثقافية لا تغيب ولا تنقطع، وإبداعاته الشعرية تتجلَّى في كلِّ منعطف مرّ بالوطن، وفي كلِّ مناسبة أسرية أو عاطفية أحاطت به، وفي كلِّ لوحة طبيعيَّة سلبت خياله في ربوع بشري بلبنان ولوزان في سويسرا، وكيف له أن يكون التائه، وهو الذي أقسم في إحدى قصائده الحديثة نسبيًّا أن لن يضيع؟ ولن يستكين؟. مبيناً أن المجتمع الثقافي عرف أن الراحل كان ينشر بعضاً من مقالات وقصائد باسمه الصريح أو بأسماء مستعارة مثل «الفهد التائه وبدوي الدهناء والحطيئة وسليم ناجي» وسجّله عبدالله بن إدريس في كتابه (شعراء نجد المعاصرون) ضمن ثمانية من شعراء عنيزة التي قال فيها: «إن أكبر عدد من شعراء نجد ولدوا تحت خطرات نسيمها المنعش حيث ترقد كثبان الرمال الصافية وتتأوّد أغصان النخيل النضرة وأشجار الفاكهة الباسقة» وقال عن شاعرنا في حينه: «إنه شاعر عاطفي ذو طاقات فنيَّة رائعة في استغلال تلك الإمكانات الشعرية في إطار الذاتية المحدودة» وكان الكتاب قد طُبع العام 1380 ه (1960 م) قبل أن يصدر أول ديوان للأستاذ العيسى. ولفت الشبيلي إلى أن مقدمته لا تُقلّب في صفحات سيرته ولا تنقّب عن مفاتيح شخصيته، ولا تغوص في شعره، لكنها حاولت التجوَّل بانوراميًا في تحوّلات حياته لتتوقّف عند ثلاث محطات مؤثِّرة شكّلت نفسيّته وتركت بصماتِها وآثارها الواضحة في تكوينه. Your browser does not support the video tag.