سمير مبروك: اختفاؤهن طبيعي بعد تغير ذائقة المجتمع فوزية أحمد: تبدل الحال إلى شيء من فنانة كان للفنانة الشعبية "المغنية" دور في مسيرة الغناء بالمملكة، وكان لها مساحة كبيرة في صناعة العمل الفني والمحافظة عليه. حيث لم تمنعها المنافسة في فرض لونها وغنائها الشعبي بصوتها "المبحوح" الذي رسخته حياة الفهد وسعاد العبدالله في مسلسل "على الدنيا السلام" وكذلك "سيلفي" وغيرها. الفنانة الشعبية كان لها دور عظيم في تلك العقود الماضية، عندما أثبتت حضورها وهو ما جعل الجمهور آنذاك يردد غنائها عن ظهر قلب،بل أن الناس حينها كانوا يتسابقون على حجز موافقة الفنانة لإحياء مناسباتهم حتى وإن لزم الأمر تغيير موعد ليلة الزفاف حتى يتناسب مع جدول الفنانة. لم يكن اليوم يومهم فكل هذه الأسماء الرنانة والتراث العريق الذي أوجدته عايشة المرطى وعتاب وتوحة وسارة مسيفر وحياة الصالح وغيرهن من فنانات ذلك الجيل الذي رسخ مفهوم الفن الشعبي وتخليده ضمن الذاكرة والوجدان. اليوم تلاشى كل هذا واختفى تدريجيا عن حفلات الأعراس وإصدار الألبومات وحل بديلا عنهن فنانات أخريات واكبن العصر بحفلات"الأورج" والإيقاع السريع والأغاني التي لا تمت إلى تراثنا. من هنا استقصينا جانبا عن اختفاء الفنانات الشعبيات مقارنة ببقائهن في الكويت ودول الخليج الأخرى، حيث بدأت حياة الصالح بنبرة صوت غلب عليه الأسى عن سر غيابهن من الساحة الفنية وعن مناسبات الأفراح التي كانت يوما شاهدة على حضورهن الماتع. حياة الصالح، قالت ل"الرياض": إن الغياب كان برغبتهن بعد أن وجدن أن لا مكان لهن في ظل تراجع الذائقة الموسيقية، التي ساد عليها موجة الأغاني التي لا تمثلهن وامتلئت الساحة بين ليلة وضحاها بفنانات يقلدّن بعض ويعبثون بتراثنا، بلا حسيب ورقيب، إن الغناء الأصيل يتميز بأداواته الموسيقية الخاصة به وبثقافته، متسائلة أين هو رصيدهن الفني من أغانٍ وكلمات وألحان خاصة بهن. واستطردت حياة الصالح: عن نفسي توقفت عن الأعراس، لأنها لاتناسب ما نقدمه من أصالة، ولم يعد لنا حضور بالزواجات إلا أن هناك طلب كبير لإحياء الجلسات الفنية، مبينة أن الجيل القديم لازال متحكم في ذائقته حتى أن أكثر ما يطلب مني هي الأغاني التي لا تزال عالقة في الوجدان، مايؤكد على القيمة الفنية التي كنا نقدمها. وأبدت الصالح قلقها الحقيقي على مستقبل ومستوى الأغنية الشعبية النسائية، خاصة بعدما غادرتنا أجمل الأصوات النسائية، إما لرحيلهن أو لاعتزالهن، والمتبقي لا يتجاوز عددهن أصابع اليد. ورغم كل ذلك تعود الصالح لتؤكد أن هناك مساحة جديدة تبعث على التفاؤل في إعادة شيء من وهج حضورنا والتعريف بنا من خلال الهيئة العامة للثقافة التي مؤكداً ستنصفنا لأننا نمثل حقبة زمنية هامة ونحفظ تراث المملكة الأصيل، وهذا ما يدعو للتفاؤل في ظل هذا الحراك الثقافي والاهتمام برسالة الفن وعودة الحفلات الغنائية والتفاتة هيئة الإذاعة والتلفزيون بعدما عادت مؤخرا لبث الأغاني النسائية القديمة. بينما يفسر الموسيقي سمير مبارك غياب الفنانات الشعبيات بالأمر الطبيعي بعد أن تغيرت عليهن ذائقة المجتمع والخروج بذائقة فنية مختلفة عن ما يقدم من فن أصيل، لكن هذا لا يمنع أن نقدر لهن تمسكهن بعبق الماضي الجميل الأصيل، وعدم الانسياق خلف موجة الأغنية السريعة لمجرد الكسب المادي. مؤكدا أن فنانات الأعراس في الوقت الراهن شوهوا سمعة الفن الشعبي، ولا حتى يجيدون اللهجة الشعبية ولا يحفظون التراث، علما بأن الفنانات السابقات كان منهن من تكتب وتلحن وتعزف ومنهن من غنت لشعراء كبار، حتى كان اهتمامهن ب"الكورال". وقال مبروك مع أن عددهن ليس بالكثير إلا أنهن امتداد لفن السامري والألوان الأخرى ذات القيمة، مشيرا إلى أن من أبرز جوانب تأثير غيابهن عن الساحة هو غياب ملامح أغانينا ورقصاتنا وألواننا التراثية عن أعراسنا التي تعتبر كفنون تعبر عن هوية الوطن. مقترحا بداية تكريمهن على هذه المسيرة الراقية بسمعة الغناء الشعبي كذلك أن تؤرخ وتسجل أغانيهن في أرشيف وزارة الثقافة والإعلام أو جمعيات الثقافة الفنون. كل هذا الغياب أثار شجون الجمهور، قالت فوزية أحمد: كلنا نتذكر كيفية أعراسنا التي كنا لا نتمنى أن تنتهي، بسبب وجود الفنانات الشعبيات أو كما يقال عنهم "الطقاقات" لقيمتهن الفنية وعطائهم في الحفل، لكن مع التطور والتقدم انتهى كل شيء وتبدل إلى شيء من فنانة تقف أمامنا، وعازفيها في مكان آخر، وهذا البعد المكاني سبب فجوة في الأداء، لاسيما وأن الغالب من فنانات هذا الجيل هم من المطربات الذين ينشرون أغانيهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي دون علم وثقافة ومعرفة بالتراث، ثم ما نلبث إلا وكانت رقما صعبا في مساحة مغنيات الحفلات، وتؤكد أن سبب ابتعاد الفنانات الأوائل ساهم في اندثار موروث الغناء وضياعه. على نفس الرأي تسير نوف العبدالله، التي قالت: لولا فنانات الأعراس الشعبيات، لكانت الأغنية في خبر كان، فهم الذين تعلمنا منهم الموروث الغنائي والسامري في كل أصنافه والألوان التي كانت تغنى، ما سبب حالة وعي جماهيري عند العامة. لكن مع هذا التطور السريع اختفى كل شيء، ودور المؤسسات الفنية والإنتاج التلفزيوني الذي ساهم إلى حد ما في وجود البديلات، صغار السن الذين لا يعرفون قيمة تراثنا الفني وألواننا، ثم أن الناس بشكل عام تقلد بعض وهي عادة أبعدت الفنانات الشعبيات عن الساحة، في ظل جلب حتى الفنانات العربيات لحفلات الأعراس السعودية. «على الدنيا السلام» خلد ذاكرة الفن الشعبي حفلات الأعراس الحديثة الموسيقي سمير مبروك Your browser does not support the video tag.