تكثر الزوابع والأعاصير في فترة من فترات الزمن المناخية، فتعصف وتدمر، وتحطم كإعصار تسونامي، وأعاصير خليج المكسيك، وكما الأعاصير والزوابع الترابية، التي تضرب الجزيرة العربية فتسبب عدم وضوح الرؤية في الدروب والطرقات، كما تسبب الحساسية، والاختناق. ومهما كثرت هذه الزوابع والأعاصير في كوننا فإنها سوف تنحسر.. وبقدر ما تخلّفه من خراب فإن لها آثاراً إيجابية عظيمة.. فهي تساعد على سقوط الأمطار، وجريان الأودية، وعودة الينابيع الجافة إلى تدفقها وجريانها، وفيضانات الأنهار التي تحمل معها الطمي والطين لإخصاب المزارع.. كما أنها تعمل على تنظيف البحار من التلوث والأوساخ.. وهناك من يعتقد أن هذا من عبث الطبيعة وغضبها!! وهو اعتقاد في تصوري خاطئ، فلا يوجد في كون الله وخلقه عبث، ولكن الإنسان يستعجل أمره ويحكم وفقاً لحالة ورؤية واقعه الآني.. إذ إن عاقبة تلك الزوابع والأعاصير وكوارثها - في الغالب - أكثر خيراً ونفعاً من ضررها وإفسادها. وتماماً كما تصيب الزوابع والرياح والأعاصير كرتنا الأرضية، فتحدث فيها ما تحدث، فإن هناك أعاصير وزوابع تصيب وتعصف بالعقول، فهناك أعاصير فكرية، وأعاصير سياسية، وأعاصير اقتصادية، وزوابع ثقافية، تضرب العقول بعنف، وتعصف بها بعنف حتى يخيل إليك أنها أتت عليها ودمرتها.. وأحدثت فيها كثيراً من الخراب. ولكن الواقع يقول أبداً، فالمتقصي لحقائق التاريخ، والمتتبع للأحداث وفق مسارها الكوني سيكتشف أن هذه الزوابع والأعاصير هي جزء من صيرورة الحياة وكينونتها، وأنه لا حياة أصلاً مع الركود وجمود الحركة، فلولا هذا الشغب، وهذا الاصطراع، لتآكلت الحياة كما يتآكل الحديد بالصدأ في قلب التراب.. وإذا كانت الأعاصير الطبيعية تُعقِبُ إنباتاً واخضراراً، وإزهاراً وإثماراً فإن الأعاصير الفكرية لا بد أن تخلّفُ وراءها عطاء ذهنياً وعقلياً هو الأقرب، بل والأنفع للإنسان، حيث يتماشى ويتعايش مع إرادته، وفطرته، وقيمه الملازمة له، كي يعمر الكون، ويكون خليفة الله في أرضه.. أما تلك العوارض، والأحداث المعاكسة لتفكيره ونهجه الإنساني فهي طارئة، وسوف يتخلص منها كما تتخلص الأجساد السليمة من الأمراض والأوبئة الطارئة، والعارضة. وهكذا فالكون كله منضبط، متقن، وإن بدا في بعض الأحيان للرائي قلقاً ومضطرباً وشاذاً متعرياً ومحزناً، بل ويدعو إلى الحسرة والأسى في بعض حالاته!! Your browser does not support the video tag.