«لكي نتأكد من أننا نربي جيلاً متعلماً تقل فيه الجريمة ويزيد فيه الوعي، فإن أسهل طريقة هي أن نعلمهم القراءة» (نيل جايمان) *** ليس من شك في فائدة القراءة، فهي مفتاح بوابة العالم أمام من يمارسها ويتعامل معها بإتقان، ومن يعلم ذلك يسعد بأنه استولى على الكثير من المعارف (العامة/ الخاصة) بواسطة القراءة التي كانت ولازالت بمثابة الزاد الفكري لكل من أوتي حظاً استطاع بواسطته أن يكون من القارئين المميزين الموهوبين، فالقراءة وحبها موهبة ونعمة، وليس الكل يميل إلى القراءة -أقصد هنا القراءة الحرة- فهي المساند الأول لتنمية المعرفة وتطورها. في كتابه (داخل المكتبة خارج العالم) ترجم الكاتب راضي النماصي مقالات لكتاب عالميين عن القراءة وفوائدها، هم: فرجينا وولف، رديارد كيبلنغ، هنري ميلر، هيرمان هيسه، فلاديمر نابوكوف، ماريوفارغاس يوسا، جوزيف برودسكي، نيل جايما، البرتو مانغويل، وقدم الكتاب أ.د سعد البازعي إذ يقول: «لقد سعى المترجم إلى تعريف القارئ بالكيفية التي تناولَ بها أولئك الروائيون قضيتهم الأولى وهي الكتابة السردية نفسها، ومَن أكثر إتقاناً للتعريف بالصنعة من أصحابها، وبالفن من مبدعيه، ومن هنا يأتي هذا الكتاب ليضيء أمرين مهمين: الأول هو الكتابة السردية نفسها وما تعنيه ليس لأهلها فحسب وإنما لكبار منتجيها، والثاني هو تجارب الكتّاب وأفكارهم بوصفهم من أعلام الأدب والثقافة في العصر الحديث» تختصر كلمات المقدمة مضمون الكتاب، حيث توجهت إلى تصور الفائدة التي سيضيفها الكتاب لكون ما يشتمل عليه هي آراء منتقاة ومصفَّاة لكتّاب لهم مكانتهم العالمية التي استولوا عليها بنتاجاتهم التي جابت ولازالت تجوب العالم في ترجمات بلغات مختلفة. عن القراءة وفائدتها في مفهوم فيرجينا وولف هي نصيحتها الوحيدة للقارئ هي ألا يتبع أي نصيحة وأن يتبع حواسه باستخدامه لعقله وأن يتوصل إلى استنتاجاته الخاصة. وكيبلنغ يرى «أن ما ينساه كل جيل هو أن الكلمات التي تصف الأفكار تتغير على الدوام بينما الأفكار ذاتها لا تتغير بنفس الوتيرة أو تتجدد.. وذلك لأن الشخص حين يقرأ ما كتبه الناس منذ زمن سيفهم أن ما يُكتب الآن هو الأفضل» بما يعني أن معرفة الماضي هي الرابط بين الزمنين في مجال المقارنة فلكل زمن مبدعوه الذين يستطيعون أن يعبّروا عنه بوضوح وشفافية لكونهم يسبحون في حدود معايشته. وهنري ميلر الذي همس بأنه بعد ستين عاماً من القراءة في العلوم والفنون المختلفة أصبحت القراءة عنده صعبة حيث الرغبة قلَّتْ والتوقف عنها أمرٌ صعب، وبتعدد الآراء المشجعة على القراءة ومدى الفوائد التي تجْتَنى منها بالنسبة للقارئين المهتمين بالقراءة سواء من الكتاب المنتجين وغيرهم ممن يعيشون الحياة، يجيء رأي المبدع الذي جعل منه أستاذه خورخي بورخس مهووساً بالقراءة وملهوفاً بها حتى اليوم، وهو يكتب عن فوائد القراءة وقيمة المكتبات والكتب في المَد الفكري والمعرفي إنه (البرتو مانغويل) الذي كتب الكثير عن القراءة والكتّاب والمكتبات، وعرف بذلك من خلال مؤلفاته ومنها (تاريخ القراءة - المكتبة في الليل - يوميات القراءة) فهو المحب للقراءة والمكتبة والكتاب يرى أنه «لربما كانت تجاربي مع الكتب تعني أن هويتي الشخصية في هذا العالم هي كوني قارئاً، بمعني أن الكتب تمنحنا تجربة الحياة قبل أن نعايشها» ثم يستأنس مؤكداً بقول ريتشارد دوكينز الذي يستخلص منه «أن البشر كونوا أداة للاستمرار هي الخيال، فما يميز الخيال هو أن يسمح للبشر بخوض التجربة قبل معايشتها» والقراءة تدفع للمعرفة وبمساندة الخيال الذي يصور ويجسم المقروء يتمكن من تثبيت ركائز الانطلاقات إلى الآفاق الرحبة، إذ يذهب مانغويل إلى ما قاله خورخي بورخس إنه: «يجب أن تكون القراءة أحد أشكال السعادة الخالصة، ولذا فإني ألقي بوصيتي الأخيرة -والتي لا أخطط لكتابتها- إلى جميع قرائي الحاليين والمستقبليين بأن يقرؤوا كثيراً ولا يغتروا بسمعة كاتب ما، اقرؤوا من أجل متعتكم ولأجل أن تسعدوا فهذه هي الطريقة الوحيدة». إنها لسعادة تغمر الجميع بما يحدث في الآونة الأخيرة من اهتمام المسؤولين في التعليم، والثقافة والإعلام، بالقراءة للكبار والصغار وما يقومون به من جهود ستكون نتائجها نافعة وسارة للجميع Your browser does not support the video tag.