أصدر المعهد الدولي للدراسات الإيرانية تقريراً يرصد أبرز التطورات على الساحة الإيرانية خلال شهري يناير وفبراير. ويشتمل التقرير على ثلاثة أقسام رئيسية، يهتم الأول بالشأن الداخلي الإيراني، في حين يختص الثاني بتدخلات إيران في الشأن العربي، ويتناول الثالث الحراك الإيراني على الصعيد الدولي في إطار العلاقات الإيرانية بالدول الكبرى. خامنئي يتحمل تردي الأوضاع ففي المحول الأول تناول التقرير تجاهل النظام الإيراني للمطالب الشعبية واستمرار الفساد الحكومي رغم الاحتجاجات الشعبية. وارتفع مستوى النقد الموجه لخامنئي علانية وحمله مهدي كروبي زعيم الحركة الخضراء ورئيس البرلمان الذي حددت إقامته جبرياً بعد أحداث 2009م، في رسالة علنية مسؤولية تردي الأوضاع في إيران. وطالب الرئيس الإيراني حسن روحاني بإجراء استفتاء عام بالاستناد إلى المادة 59 التي تخول رئيس السلطة التنفيذية الدعوة للاستفتاء العام، ورفض التيار المحافظ دعوة روحاني واعتبرها من قبيل معاداة الثورة ودعا أحمدي نجاد إلى إجراء انتخابات مبكرة على المستويين الرئاسي والبرلماني، مع إقالة رئيس السلطة القضائية، إذ يعتبره سبباً مباشراً في الاعتقالات السياسية وحالة الكبت الموجودة في المجتمع الإيراني. وأدت الاحتجاجات الشعبية إلى تراجع النظام الإيراني عن قرارات رفع أسعار الطاقة في خطة الموازنة الجديدة مع بقاء القرار الخاص بحذف ملايين من قوائم الدعم النقدي لتقليص عجز الموازنة الذي اضطرها إلى السحب من صندوق التنمية الوطني بعد موافقة المرشد، وذهب أكثر من ثلثي المبلغ المسحوب إلى التسلح والدفاع. ولا يزال الفساد من أهم المشكلات الهيكلية المهددة للاقتصاد الإيراني، حيث احتلت إيران ترتيب متدني للغاية في مؤشر الفساد العالمي الصادر في فبراير 2018 لتحتل الترتيب 130 من بين 180 دولة على مستوى العالم. وعلى الرغم من تحقيق الميزان التجاري لفائض بالمليارات إلا أن تراجع العملة الايرانية لايزال مستمراً لتفقد خلال الثلاث أشهر الماضية فقط 12 % من قيمتها تأثراً بالاضطرابات الداخلية والخارجية والنزاعات الإقليمية التي تكلف إيران المليارات كل عام، بالإضافة إلى حرمان الاقتصاد والشعب من خدمات ومنتجات دولية هو في أمس الحاجة لها. انحسار الدور الإيراني وفي المحور الثاني، أشار التقرير إلى أنه من المرجح في ضوء التحولات في المواقف الدولية تجاه الدور الإيراني في اليمن أن يشهد انحساراً في اليمن، بالنظر إلى التصريحات الأميركية، والموقفين البريطاني والفرنسي المنسجمين مع الموقف الأميركي، فضلاً عن تدافع القوى في سورية لتحجيم الدور الإيراني ما قد ينعكس على دور إيران في اليمن، ولكن يتبقى على الولاياتالمتحدة دور أكبر لتقليص الدور الإيراني في اليمن من خلال تفعيل آلية محاصرة شحنات التسليح الإيرانية المتجهة للحوثيين في البحر. ورغم توسيع إيران مناطق نفوذها بالاستيلاء على المناطق المستردة في سورية من تنظيم داعش الإرهابي خلال العام 2017، إلا أن منحنى دورها في 2018 بدأ بالانحسار، فالفواعل الإقليمية والدولية في الأزمة السورية يبدو أنها كانت شبه متفقة على القضاء على داعش اولاً، وبما أنه تحقق الهدف، فالجميع ينتظر نصيبه من الكعكة السورية، وبالتالي تدخلت تركيا عسكرياً، واستهدفت إسرائيل والولاياتالمتحدة عسكرياً أهداف إيرانية، وهذا ينبأ بانحسار الدور الإيراني في سورية، حيث يتحرك الجميع نحو مناطق نفوذه وتوسيعها وتأمينها، وهذا بالطبع سيقلص من دور طهران. أزمة إيران خارجياً ومن أهم النتائج التي رصدها التقرير في المحور الثالث هي تدهور العلاقات الأميركية -الإيرانية، حيث يواصل الرئيس الأميركي ترمب تبني سياسة تصعيدية تجاه إيران، أهم ملامحها ربط الاتفاق النووي بقضايا الخلافات الرئيسية والمتمثلة في الدور الإقليمي لإيران، وتعزيز البرنامج الصاروخي، وتطوير القدرات النووية. وفي ظل عودة الولاياتالمتحدة لتفعيل العقوبات على إيران، تحاول طهران أن تستغل الموقف الروسي في سورية من أجل التصدي للرغبة الأميركية لأن الاتفاق النووي يعد بمثابة ترياق حياة للنظام الإيراني الذي يعاني من أزمات داخلية تهدد بانهياره. ومن الواضح أن إيران لديها تخوفات من جانب الأوروبيين أيضاً، حيث لا تعول على وجود موقف أوروبي حاسم إلى جانب الاتفاق، لا سيما بعد أن تبنت فرنسا وضع اقتراحات للتفاوض حول تعديل الاتفاق. Your browser does not support the video tag.