وفرت الأزمة التي عاشها العراق خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة للمرشد الإيراني الأعلى السيد علي خامنئي فرصة لا تفوّت لجمع القوى والمراكز المتصارعة داخل مفاصل السلطة الأساسية وأجهزتها المتعددة المرتبطة به شخصياً لتحقيق إستراتيجية موحّدة الأهداف، لجهة تخفيف التوتر بين الرئيس حسن روحاني وكبار قادة الحرس الثوري الذين توحّدوا خلف مجموعة من الإستراتيجيات في ما يخص الحالة الناشئة في العراق والتي تشكل منعطفاً خطيراً سيقوّض السياسات الإيرانية في المنطقة التي استثمرت من أجلها الجمهورية الإسلامية خلال العقود الثلاثة الأخيرة مئات بلايين الدولارات. ظلّ موضوع العلاقة بين روحاني وخامنئي في مركز اهتمام المحللين الأميركيين والأوروبيين عند دراستهم المسار الإيراني المفترض في السياسة الأمنية والخارجية والمفاوضات النووية. واللافت أن التقويم الغربي دأب على اعتبار روحاني من الإصلاحيين المصممين على مواجهة ضغوط التيار المتشدد المتمثل في غالبيته بقادة الحرس الثوري وآيات الله. ويبرز الخبراء الغربيون عند تناولهم مسار السياسات الإيرانية تصريحات روحاني المنفتحة على العالم على خلاف المرشد الأعلى، ويذهبون إلى حد ترجيح نجاحه في التأثير في خامنئي ودفعه إلى القبول بما يريد انتهاجه من سياسات لا ترضي المحافظين والمتشددين المعشّشين في مؤسسات الدولة. ويشير تقرير صادر عن «المعهد الأميركي للسياسة العامة» مكرسٌ لموضوع الأمن القومي الإيراني وهيكلية القيادة وصنع القرار في ايران الى «قيام رئيس اركان القوات المسلحة الجنرال حسن فيروز آبادي احد اصدقاء خامنئي المقربين علناً بإسكات منتقدي روحاني في تصريح ادلى به لموقع تابع للحرس الثوري»، وكذلك الى «اجتماعين عقدهما المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني شارك فيهما روحاني ومنتقدوه من الجنرالات تم خلالهما اتخاذ مواقف موحدة من العراق والمفاوضات النووية والإصلاحات الاقتصادية تتطابق بالكامل مع السياسات التي يريد انتهاجها روحاني». أزمات جدية لقد واجهت ايران خلال حزيران (يونيو) الماضي اربع ازمات جدية في مقدمتها التوسع المثير والدرامي لتنظيم «الدولة الإسلامية» واكتسابه المزيد من الموارد والأرض والنفوذ والسلاح، والثانية تمسك نوري المالكي بالولاية الثالثة ورفضه الاستجابة لضغوطها ولطلبات مرجعية النجف التي دعت الى عدم التشبث بالسلطة، وما ولّده ذلك من أخطار تستهدف وحدة الشيعية السياسية وتزايد احتمالات سقوط العراق في هوة الحرب الأهلية المذهبية - الإثنية، وثالثها وصول المفاوضات حول ملفها النووي الى الحافة الحرجة، فيما الرابعة تمثلت في احتمال الإعلان من طرف واحد عن استقلال كردستان والذي استدعى منها ارسال احد كبار مسؤوليها الى اربيل للتحذير من عواقب وعقوبات قاسية فيما لو نفذ البارزاني تهديده وأعلن الاستقلال، وذكرت مواقع عراقية آنذاك «ان السفير الإيراني في بغداد دناي فرد سلّم البارزاني رسالة تحذيرية من حكومة بلاده تعتبر الاستقلال غير مقبول». وتواجه طهران ازمات اخرى تتعمق مع تعقد المشهد الإقليمي وفي المقدمة استمرار الحرب السورية وانعكاساتها على لبنان وإخفاق الأسد على رغم دعمها ومشاركة «حزب الله» الفعالة في استعادة سيطرته على ما فقده من مدن ومناطق بما فيها العاصمة التي لم يعد قادراً على السيطرة عليها بالكامل، ومن ثم اجتياح الحوثيين اليمن في تنسيق مع ايران التي ارادت خلط الأوراق في المنطقة لتوجّسها من سيناريوات واستراتيجيات اعدت بأتقان للإطاحة بحليفها الأسد وتحجيم نفوذها في العراق وحتى قلب الموازين والمعادلات القائمة في الداخل الإيراني. ورصدت تقارير نشرتها مواقع ايرانية قيام احد اقرب المقربين من خامنئي في القيادة العسكرية وهو حسن فيروز آبادي ببذل جهود استثنائية لوقف الحملات الدعائية التي تشنها قوى متشددة في الجيش ضد روحاني والتي ترافقت مع اطلاق قادة في الحرس الثوري اللعنات على روحاني واتهامه بمحاولة بيع الجمهورية الإسلامية الى الأميركيين.ولكن هذه اللعنات سرعان ما توقفت ليظهر بدلها اشارات مغايرة اهمها من جانب نائب قائد الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي حيث قال» ان الحرس الثوري يدعم حكومة روحاني لأن هذه هي ارادة الجمهورية الإسلامية في ايران». وهو برأي المراقبين « ليس دعماً صريحاً، لكنه لم يكن هجوماً مباشراً ايضاً». ووفقاً لاستنتاج التقرير الأميركي فإن «سلوك وتصرفات خامنئي لا تشير الى انه يخشى روحاني»، وينبه الى «ان تواصل روحاني مع المرشد الأعلى والحرس الثوري يعكس عدم وجود حكومة تمزقها صراعات الفصائل المختلفة حول السلطة» بل على العكس «ان خامنئي يدعم بقوة روحاني الذي بدوره يدعم بحماسة خطابات المرشد الأعلى وبياناته وسياساته بينما يدعم الحرس الثوري الإثنين معاً». إيران والعقدة العراقية تعمّق الخلافات بين مراكز القوى في السلطة الإيرانية حول التدخل العلني المباشر في العراق، وضعت المرشد الأعلى العليل امام ضرورة جمع كل الفصائل السياسية والعسكرية المختلفة تقليدياً وضمّها الى فريق متماسك وفعال وفق ما كشفت عنه مصادر ايرانية مطلعة اكدت ايضاً ان خامنئي لعب دوراً فاعلاً من اجل تقريب المتخاصمين، وقالت انه حرص على ان يكون تقريبه بينهم للحصول على دعمهم وتأييدهم مسارات سياسية محددة رسمها للتعاطي مع التحديات الناشئة». إلا أن الخلافات والتعارضات ستبقى وإن في شكل مكتوم بين مراكز القوى وستعود الى الاشتعال عند اول اختبار مصيري، لاسيما ان اصلاحات الرئيس روحاني ستؤذي بعض قياديي الحرس الثوري وغيرهم من اللاعبين الرئيسيين في الاقتصاد الإيراني والسياسات الداخلية والخارجية التي سيعملون ضدها على رغم محدوديتها. تجلّى الخلاف حول الوضع في العراق في المواقف المتناقضة التي وردت على لسان كبار مسؤولي مراكز القوى. في 18 حزيران الماضي قال فيروز آبادي ان ليس هناك حاجة لوجود قوات ايرانية في العراق، وهو ما خالف رأي قادة كبار في الحرس الثوري قالوا ان المرشد الأعلى لم يسمح لهم بالقتال في العراق، فيما اعرب وزير الدفاع حسين دهقان عن نيه بلاده مساعدة الجيش العراقي، قائلاً «ان ايران ترغب في عراق موحد وآمن ومتقدم»، وهو موقف تساوق مع ما ذكره نائب رئيس هيئة اركان القوات المسلحة لشؤون (الباسيج) والشؤون الدفاعية الثقافية العميد مسعود جزائري الذي اعلن «ان ايران لن تمتنع عن تقديم اي مساعدة في اي مجال يرغب فيه العراق حتى الطائرات من دون طيار» مشدداً على «ان تفكك العراق لن يفيد احداً». تغريد خارج السرب وفي الوقت الذي اظهرت تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين حصولهم على الضوء الأخضر من خامنئي للتدخل نرى ان وزير الاستخبارات علوي غرد خارج السرب قائلاً «لم نتدخل ولن نتدخل في العراق، لكننا سنقدم مساعدة سياسية وروحية كبيرة للأمة العراقية». واعتبر مراقبون «ان علوي ربما لم يكن مطلعاً او مستوعباً بما فيه الكفاية التغييرات في مواقف المقربين من خامنئي»، واستنتج آخرون انه ربما يكون ليس مقرباً كثيراً، او موالياً جداً للمرشد الأعلى كما هم القادة العسكريون الآخرون او حتى القادة السياسيون. روحاني الذي كان طلب تقليص الإنفاق العسكري والحد من تدخل الحرس الثوري في الشؤون السياسية للحكومة لم يعترض او يرفض هذه الأقاويل، بل بالعكس تماماً، فلقد نقلت وسائل الإعلام الإيرانية آنذاك انه استضاف معظم قادة الحرس الثوري والقوات المسلحة، ولكن لم تتسرب اي معلومات عما جرى في هذا الاجتماع عدا ما نقلته وكالة (فارس) الإيرانية وهو» ان رغبة حكومة روحاني هي السلام وإزالة التوترات في المنطقة»، وإنها «تؤمن بأن تحقيق هذا الهدف ممكن بوجود قوات مسلحة قوية». أقرّت ايران بوجود تنسيق امني مع العراق لمواجهة «داعش» يقضي بتدخل ايران عسكرياً في حال تعرض حدودها للخطر، او في حال تهديد التنظيم للمزارات الشيعية المقدسة، وهي الذريعة نفسها التي استخدمها «حزب الله» للتدخل في الصراع السوري. وذكر نائب وزير الدفاع الإيراني رضا طلابي لقناة «العالم» الإيرانية «ان ايران ترصد اي تحركات ارهابية تصدر من الجماعات الإرهابية او من الدول الأجنبية التي تتدخل في المنطقة». وكان مصدر امني كردي رفيع ابلغ موقع «شفق نيوز» الإلكتروني «ان قوة ايرانية مكونة من 200 عنصر وصلت الى مطار السليمانية الدولي ومن هناك انتقلت بتسهيلات من الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني الى كركوك». وتقول لينا الخطيب مديرة مكتب مركز «كارنيغي» في الشرق الأوسط الذي مقره بيروت «على المستوى العسكري، ايران تدعم ليس فقط الجيش العراقي، بل ايضاً الميليشيات الشيعية المسلحة». تدخل مباشر وتؤشر طبيعة الأوضاع الدراماتيكية المتسارعة في العراق الى ان ايران تتدخل في شكل مباشر في العمليات التي تنفذ في مناطق عديدة ضد «داعش»، وتعمدت وسائل الإعلام الإيرانية نشر صورة لقائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني وهو الى جانب ما يعرف باسم قوات «الحشد الشعبي» التي كان دعا الى تشكيلها المرجع الشيعي الأعلى السيستاني، بل ان التلفزيون الإيراني بث خلال الأيام الماضية صوراً تظهر سليماني بصحبة مقاتلين من قوات البيشمركة الكردية رجحت المصادر ان يكونوا من بيشمركة الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه جلال الطالباني الذي يقيم علاقات تحالف وثيقة مع الجمهورية الإسلامية. ربما يكون مشروع ايران في العراق قد تضعضع بعد ظهور «داعش»، وربما يكون هدفها في الإمساك بالعراق والسيطرة عليه بالكامل قد تقوض مع ارغامها على القبول بالتخلي عن رجلها الأمين نوري المالكي وبعد عودة الأميركيين برغبة الأحزاب الشيعية الدينية التي رعتها ومولتها واستثمرت فيها سنوات طويلة، الا ان نفوذها لم يسقط بالكامل، وهي مازالت موجودة في بغداد وفي قلب القرار الرسمي، ويتضح هذا مع عجز رئيس الحكومة القادم من حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي عن تمرير مرشحيه لوزراتي الدفاع والداخلية بسبب اصرار طهران على ان يتولى الحقيبة الثانية رجلها الثاني الأقوى الضابط السابق في الباسدران زعيم ميليشيا ( بدر) وزير النقل السابق هادي العامري ومقاومته ذلك بضغط اميركي ورفض سني صارم وجازم، وكذلك تقييد يديه عن توقيع قرارات مصيرية لا يمكن من دونها إحداث الإصلاحات السياسية التي تقدم ما يريده المكون السني لتعزيز دوره فعلياً في ادارة الدولة العراقية. تفكيك العقدة النووية لم يعد من شك في ان الرئيس اوباما ما زال على رغم المراوغة الإيرانية يأمل، بل ويثق بقدرته على الوصول مع طهران الى اتفاق يطوي اوراق ملفها النووي، ويبدو انه يشترك مع المرشد الأعلى في هذا الأمل وهذه الرغبة ولو ان منسوب هذه المشاعر والإحساس يطوف عند احدهما، وينضب عند الآخر وفق المتغيرات التي تطرأ في ساحات الصدام. والديموقراطيون في حاجة مفرطة الآن الى اتفاق قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المرتقبة في 4 تشرين الثاني(نوفمبر)، وذلك بسبب موقفهم الضعيف في الانتخابات كما تظهره استطلاعات الرأي التي تشير الى تقدم الجمهوريين. ورجح مراقبون ان تتزايد الضغوط من الجانبين الإيراني والأميركي في ظل الأوضاع المتشنجة في المنطقة». عاد الإيرانيون يتقدمهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف مجدداً الى طاولة المفاوضات مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري ومسؤولة الشؤون الخارجية الأوروبية كاترين آشتون في فيينا في خضم تصريحات متباينة صادرة عن الإيرانيين انفسهم، اذ فيما استبعد ظريف تحقيق (اختراق) مخالفاً رئيسه روحاني الذي كان قال:» توصلنا الى اجماع على العموميات، ولم يبقَ سوى الاتفاق على التفاصيل النهائية»، مرجحاً تحقيق تسوية خلال 40 يوماً»، رجّح نائب وزير الخارجية عباس عراقجي «تمديد المفاوضات اذا لم يبرم الجانبان اتفاقاً نهائياً يطوي الملف قبل الموعد النهائي في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل». المرشد الأعلى يكرس الجزء الأكبر من اهتمامه وعمله الذي تقلصت ساعاته بسبب ما يعانيه من امراض مختلفة على ملف المفاوضات وهو كما جمع كل المسؤولين في الدولة والحرس ومجلس الأمن القومي للبحث في مستجدات الأوضاع في العراق وتأثيرها في مصالح ايران ونفوذها ودورها في الإقليم، دعاهم جميعاً مرة اخرى وفق ما سرّبته مواقع ايرانية للحديث معهم حول الأطر التي ينبغي التحرك ضمنها في المفاوضات النووية. وأعلن شخصياً قبل ذلك في خطاب ركزت وسائل الإعلام الغربية على مقطع منه اشار فيه الى ان ايران تطلب تشغيل 190 الف جهاز طرد منفصل لموازاة جهاز طرد مركزي كامل من اجل دعم مشروعها النووي الذي وصفه ب «السلمي»، ولم يكن واضحاً للمتابعين ما اذا كانت نيته الإعلان عن هذا الموضوع وتصويره كخط احمر في الاتفاق او كطموح اضافي يرغب في الوصول اليه. وهذا التصريح وفق المراقبين كان جديداً ويهدف الى الالتفاف على السؤال المتعلق بعدد اجهزة الطرد المركزية باعتبار ان ايران طورت اجهزة طرد بقدرات اكبر وعدد اقل بكثير من اجهزة الطرد التقليدية، او أنها ستجبر نفسها على الاكتفاء بأجهزة الطرد التقليدية، وتصرّ على الحصول على عشرات الآلاف منها؟». وذكر تقرير «المعهد الأميركي للسياسة العامة» ان هذه المسألة كانت معقدة بالنسبة إلى الغرب»، مشيراً الى «ان بعض الجهات قالت ان خامنئي يطلب 190 الف جهاز طرد متجاهلاً الواقع بأنه كان بذلك يطلب حصول ايران على قدرات تفوق بعشرة اضعاف قدرات التخصيب التي ركبتها، و20 مرة اكثر من القدرات التي تستخدمها حالياً». وكان لافتاً في حديث خامنئي تكراره الإشارة الى قناعته بأنه لا يمكن أي اتفاق نووي ان يلغي العقوبات المفروضة على ايران، اذ قال» العقوبات لن تتوقف حتى لو توصلنا الى اتفاق نووي، سيكون دائماً هناك شيء ما». وكانت هذه النقطة هي التي عطلت المفاوضات بعد ان رفض الإيرانيون التراجع عن طلبهم بالنسبة إلى قدرات التخصيب، فلقد اعاد بوروجردي التذكير بطلب ال 190 الف جهاز طرد. من المرجح ان المفاوضات النووية المستمرة ستقتضي تقديم المزيد من المؤشرات إلى رغبة طهران في إظهار بعض الليونة حول المسائل الرئيسية ما سيؤدي الى موجات من الغضب و الانتقادات من قبل تيارات متعددة متصارعة. ما لا شك فيه ان ايران تمكنت من السير وسط عاصفة هوجاء بمرونة كثيرة، وهذا استنتاج يجمع عليه المعنيون بمسار المفاوضات المتعثرة والصعبة، ولكن المؤكد أنهم (الإيرانيين) لم يخرجوا منها منتصرين أو راضين. ترهيب وترغيب بعد أن بذلت الولاياتالمتحدة طيلة السنوات الأخيرة جهوداً كبيرة لمحاصرة ايران وإرغامها على إبطاء إنتاج الوقود النووي معتمدة أسلوب التخريب والهجمات الإلكترونية المترافقة مع فرض العقوبات الاقتصادية والمالية، انتقلت الآن إلى استراتيجية جديدة تقوم على إقناع الإيرانيين بإزالة العديد من الأنابيب التي تربط اجهزة الطرد المركزي النووية لديها ونزع الآلات العملاقة التي ترتبط معاً في متاهة تسمح بنقل وقود اليورانيوم من جهاز الى آخر، والعمل على تخصيبه طوال الوقت». ووفقاً للمحلل الأميركي ديفيد آي سانغر» ان ايران بمقتضى هذه الطريقة ستتمكن من الادعاء بأنها لم تستجب المطالب الغربية بأزالة كل الأجهزة، بل بعدد رمزي من 19 الف آلة يمتلكونها، واستثمرت فيها مليارات الدولارات وكمية هائلة من كبريائها الوطني». وكانت ادارة اوباما استلمت تقريراً اعده الخبراء يشير الى ان ازالة الأنابيب سيوفر للولايات المتحدة وحلفائها فرصة تثبيت فكرة انهم منحوا ايران الوقت اللازم لإنتاج ما يكفي من الوقود لصنع قنبلة، إضافة الى منح الغرب وقتاً للتفاعل». ويرى مراقبون «ان هذه هي احدى الأفكار القليلة التي ربما تقدم بصيصاً من الأمل في مفاوضات سرية من المرجح ان تجري بين واشنطنوطهران». ونقلت «نيويورك تايمز»عن مسؤول اميركي كبير قوله «اننا منفتحون على ذلك، ربما هذا اكثر ما يمكن تقديمه في الوقت الراهن». الا ان مشاكل جديدة معقدة طفت على مائدة المفاوضات، ترافقت مع اقوال ادلى بها المفتشون التابعون للوكالة الدولية للطاقة الذرية تتحدث عن مماطلة ايرانية في شأن اعطاء تفاصيل عن بحوث سابقة ذات ابعاد عسكرية محتملة. ووفقاً لمشارك في المفاوضات تحدث إلى «نيويورك تايمز»، فإن»هناك نوعاً من الشعور باليأس بالخروج بوسائل تحل الأزمة في شأن المحادثات النووية وتحسين العلاقات»، معرباً عن تشاؤمه من امكانية ان تتاح الفرصة مجدداً لتسوية المسائل الخلافية العالقة». وتشير تقارير اميركية الى «ان ايران تبالغ على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف في الحديث عن حصول تقدم في المفاوضات وقرب تحقيق صفقة» مشيرة الى انهم الإيرانيين» لم يقدموا سوى تخفيضات قليلة ذات مغزى في اعداد اجهزة الطرد المركزي». مماطلة حرجة لقد تبقت خمسة اسابيع فقط من المفاوضات، ووفقاً لمراقبين فإن فشلها في تحقيق نتائج تسهل ابرام اتفاق، يعني الدفع في اتجاه تجميدها على مستوى وزاري والتوجه نحو اتفاق مرحلي بعد تمديدها، وهذا يضع ادارة اوباما امام احتمالات عدة: اما انهاء المفاوضات من دون اتفاق ما يعني العودة الى مرحلة ما قبل اتفاق جنيف المبرم بين ايران والدول الست في تشرين الثاني 2013، او التوصل الى حل وسط في اطار «اتفاق مرحلي» على ان تستأنف المفاوضات بعد تمديدها، او إبقاء المهلة مفتوحة الى حين اكتمال شروط ابرام اتفاق نهائي» وفق ما استنتجه محللون ومسؤولون اميركيون سابقون في مقدمتهم المستشار السابق للرئيس اوباما لشؤون الشرق الأوسط دينيس روس الذي شدد على «أن إيران تبقى التحدي الأكبر للولايات المتحدة».