المسرح, السينما, الصور, الفن التشكيلي, النحت, الشعر, الرواية, الموسيقى, وغيرها وغيرها من الفنون, تختلف بمظهرها وأدواتها, ولكنها قطعا تشترك بأمور كثيرة, ما هي هذه المشتركات بينها؟ ما هي البذرة التي تنبت منها جميع الفنون؟ وما هي التربة التي تنمو فيها؟ ولماذا نستمتع بها جميعا على حد سواء رغم اختلافها الظاهري. واجهنا بهذه الأسئلة فنانين من حقول مختلفة، فكان لهم هذا الحديث.. «تكامل الفنون» في البداية مع المخرج المسرحي رجا العتيبي فقال :» الذي لديه حس فني عال, نراه يتذوق الفنون كلها سواء كان من الممارسين أو من غير الممارسين, الفن إحساس داخلي يشعر به الفرد ويجعله يتلقى الفن أي فن دون أي عوائق, بالنسبة للممارسين يعرفون أن الفن له قواعد تكاد تكون متقاربة, فكلها تتضمن: التوزان, والتكوين, والتأكيد, والضوء والظل, والإيقاع وغيرها, لذلك من يتعامل مع فن معين, نراه يستوعب بقية الفنون كونها تعمل في منطقة واحدة. لذلك أكدت الدراسات على ( تكامل الفنون ) وأن تعليمها في المؤسسات الأكاديمية والتربوية تكون من خلال برنامج واحد تأكيدا على تلاقيها في أكثر من خط انطلاقا من أن الفن كيان واحد وليس عدة كيانات متفرقة. والفنون على اختلاف أطيافها تؤكد معنى الجمال, والجمال هو المخرج النهائي الذي يلهب المشاعر, فأينما وجده المتلقي توقف عنده سواء قادما من مسرحية أو فيلم أو لوحة تشكيلية , أو تصميم جرفيكس أو حتى موضة معينة أو تصميم داخلي أو تسريحة شعر». «بيئة الفنون» هند الفهاد: الصوت المشترك للذات كما تحدث الفنان التشكيلي سعود أبو عباة قائلا :» أهم عامليْن مشتركين بين الفنون الجمال والإبداع وبينهما تداخل. أما الجمال فيتضح من خلال جاذبية أي فن نتيجة صياغة عناصره بشكل جيد. ومن أهم أساليب صياغة عناصر معظم الفنون أسلوب التباين والتضاد بين عناصره وكذلك أسلوب التوافق والانسجام وطريقة الوزن أو التوازن. أما الإبداع فلا يتم الوصول إلى مرحلة الإتقان بدونه. وفي الغالب الإبداع يعتمد على محورين, هما: التجديد والتنويع. كذلك نجد التكوين والوِحدة عنصراً مشترك بين الفنون. فإذا اخذنا الفن التشكيلي البصري والفن الموسيقي والشعر والخطابة والسمعيات والفنون الحركية كالبهلوانيات والجمباز كعينة للفنون نجد أنها تبدأ بفكرة ثم تتحول إلى وِحدة وتكوين ثم تبدأ صياغة عناصرها بشيءٍ من التباين في الغالب وقليل من التوافق والانسجام ويحكم جودتها التجديد والتنويع الذي يحبُك الإبداع. فلو تم ترديد أي عنصر من عناصر هذه الفنون بشكل متكرر روتيني بدون تنويع لأصبح مملاً سواءً كان هذا العنصر لوناً أو حركةً أو نغمةً. وأيضاً من العوامل المشتركة بين الفنون تأثرها بالعادات والتقاليد والبيئة . حيث نرى تغير الطابع العام لكثير من الفنون نتيجة تغير البيئات والتقاليد والثقافات . بل وإنها تتغير معها الأدوات والآلات». وأضاف : وتشترك الفنون بأن جمالها يأسر قلوب المتذوقين ويطرب لهن حواس البشر. والقدرة على تذوق الجمال هبة من الله في بعض البشر، ويمكن اكتساب التذوق الفني الجمالي من خلال التدريب. بل إن التدريب على التذوق الجمالي يؤثر إيجابا» على الشخص حيث يغير سلوكه وتفاعله مع كل ما حوله بذكاء جمالي. وأول مرحلة يكتسبها المتدرب أن يصبح متذوقاً» ناقداً» حتى لو لم يستطع إنتاج ذلك النوع من الفن لأنه من خلال التدريب الجمالي يستطيع فرز الجميل من السيئ ويحدد ويذكر الأسباب. أما إنتاج نوع من الفنون فهذه مهارات يدوية وفكرية يمكن اكتسابها من خلال التدريب المتكرر على الأدوات والآلات والخامات والأساليب والطرق والمدارس . العتيبي: الجمال الملهب للمشاعر «هوية الفنون» وقالت المخرجة السينمائية هند الفهاد:ماهو الفن ؟.. لماذا هو الصوت الاكثر علوا والاداة الاكثر حضورا حين نريد ان نستكشف هوية ما. الفن هو صوت الإنسان ليحكي، هو وسيلته ليعبر، تختلف القوالب التي يعبر بها ولكنها تتحد وتصبح هوية واحدة حين نبحث عن الانسان فيها. هي صوت الانسان وحديثه عن ذاته وعن ما حوله او عن بيئته التي أتي منها. ثمة نقطة انطلاقة متى ماتم ملامستها تفجرت الرغبة في الحديث فناً. والصراخ بصوت مختلف وشكل مختلف. هذه النقطة اشبه بألم استفاض الوجع فيه وكان لابد ان يكون طلب النجاة بصوت عال. يشبه محاولة النجاة في جزرة نائية حين مرور طائرة عابرة او حين يحفر عاشقان جذع شجرة. كأن يقولان هانحن عبرنا من هنا. نحن حقيقة ولسنا طيفاً عابراً يُنسى مع الزمن, الفن هو صوت وشكل الحياة التي يحكيها الفنان كي يعرفه المجاورون ويسمعه اللاحقون». Your browser does not support the video tag.