غضب بعض الأخوة المدخنين عافاهم الله من مقالي السابق الذي طالبت فيه الهيئة العامة للرياضة بتفعيل قرار منع التدخين في المدرجات، وجاءت ردة الفعل منهم عبر حسابي في "تويتر" رافضة للمقال؛ مؤكدين أن من حقهم أن يمارسوا عادتهم أثناء مشاهدة المباراة، حتى وإن كان في هذا الحق المزعوم تعدٍ على حقوق وصحة الآخرين الذين يُجْبَرون في كل مباراة على التعرض لأخطار التدخين السلبي هم وأطفالهم الصغار من غير حولٍ منهم ولا قوة. أعرف أن تنفيذ القرار سيكون مزعجًا للمدخنين، وربما كان له تأثير في الحضور الجماهيري، وأظن هذا هو سبب تردد وتراخي هيئة الرياضة سابقًا والآن في تفعيل المنع وتطبيقه على أرض الواقع أسوة بالطريقة الحازمة والفورية التي تم بها تطبيق قرار منع ارتداء الملابس غير اللائقة، لكن عدم تطبيق القرار أو الوصول لحلٍ وسط وعادل ومنصف في أسرع وقت سيساهم أيضًا في عزوف شريحة من الجماهير المتضرر من ظاهرة التدخين الجائر في مدرجاتنا، وأعرف الكثيرين ممن امتنعوا منذ فترة عن الذهاب للملاعب حماية لأنفسهم ولأطفالهم من استنشاق الهواء الملغم بالنيكوتين طوال ساعتين أو تزيد. إذا كانت هيئة الرياضة متخوفة من أن يزيد منع التدخين في المدرجات من ظاهرة العزوف الجماهيري، وتخشى من أن يؤثر القرار سلبًا على حضور الجماهير للمباريات؛ فلا بأس من أن تبادر لإيجاد حلول عاجلة وبسيطة لا تحتاج للكثير من المال والجهد والوقت، كأن تحدد مدرجات خاصة للمدخنين، وهو حل مطروح منذ فترة طويلة، ويمكن تنفيذه بسهولة، ولا أعلم سببًا مقنعًا لتأخيره. هناك من يرى صعوبة السيطرة على المدرجات ومنع التدخين فيها، خصوصًا في الملاعب الكبيرة وفي المباريات الجماهيرية؛ والحل ربما يكمن بعكس المعادلة وتخصيص مدرجات لغير المدخنين تتم حمايتها ومنع التدخين فيها، ليلجأ إليها مؤقتًا غير القادرين على تحمل تلك الغيوم المحملة بالنيكوتين في بقية المدرجات، ووجود هذه المنطقة المحظورة والمحصورة سيسهِّل على رجال الأمن الصناعي السيطرة عليها ومنع التدخين فيها، خصوصًا في ظل عدم قدرتهم كمًا وتدريبًا وتنظيمًا على السيطرة على كامل المدرجات وفرض القوانين فيها بالشكل المطلوب. أرجو أن يعذرني أحبتي المدخنون -عافاهم الله مما ابتلاهم- إن أزعجتهم بطرح هذه القضية مرة أخرى، وأستوعب وجهة نظرهم بحقهم في التدخين أثناء مشاهدة المباريات، لكن عليهم أيضًا أن يستوعبوا أنَّ من حق البقية من غير المدخنين أن يشاهدوا المباراة في الملعب دون أن يتعرضوا وأبناءهم لهذا الأذى الصحي الخطير والمزعج، وأنا هنا لا أحاول إلا أن أسلط الضوء على هذه القضية المهمة، وأن أفكر بصوتٍ عالٍ ببعض الحلول العملية والمنطقية التي لا يخسر بها الدوري السعودي إثارته وحضوره الجماهيري، ولا يخسر بها المشجع العادي والطفل البريء صحتهم.