في رحيل الدارس الجامعي والعالم العربي د. حسين نصار، ظهر علمه الأدبي ودراساته العربية وآدابها على مدى أكثر من نصف قرن من الزمن الذي عاش خلاله النصار متتلمذاً ودارساً ثم عالماً في تحقيق النصوص لتراثنا ومحققاً لكثير من المخطوطات الأدبية والشعرية واللغوية حيث من خضم ذلك العلم العربي قدم الدكتور كتابه المهم " المعجم العربي " وهو البحث الجاد في العلوم العربية المتخصصة عن درس المعجم في عربيته وفصحاه وبلاغته، الكتاب الذي هو العلم الألسني والعربي البليغ الغاية في دراسة العربية وأفرعها الصرفية والنحوية والبلاغية. هذا العمل النفيس في العربية جعل من تناوله المعجمي عملاً سابقاً لا مسبوقاً عليه حيث يعد من أوائل الدراسات المعجمية في قرننا العشرين. الشأن العملي والشغل الشاغل للنصار وهو الذي يعمل أكاديمياً وجامعياً في عقود لا ضجة إلا من صرير القلم وبحث الدارس، والإنتاج العلمي وتصنيف الكتب وتربية العقول الطلابية والإشراف على رسائلهم العلمية وطرح المحاضرات وإنشاء الفروع وضم المجموع في خلايا العلم الأدبي والعش المعرفي ومن ثم النتاج المثمر ولكن القول عن النصار لم ينته بعد، حيث أكتب عنه وبين يدي كتاب آخر وهو عبارة عن " يونس بن حبيب " الصادر عن سلسلة " أعلام العرب " بالقاهرة سنة 1968م. وعلى الرغم من شح المعلومات أو المراجع والمصادر عن موضوع الدراسة التي ينبغي الكثير لها إلا أن المؤلف كان بارعاً في سياقاته العلمية واستطراداته المعرفية وأسلوبه البياني الأدبي في الكتاب عن يونس النحوي أو يونس بن حبيب المكنى بأبي عبدالرحمن الذي عاش في القرن الثاني الهجري بالبصرة حيث برز بين علمائها من أمثاله : الخليل بن أحمد، عيسى بن عمر، عبدالله بن أبي إسحاق، وأبي عمرو إبن العلاء، ويونس من مواليد (جبُّل) بقرب البصرة وكان يكره النسب إليها فمر به رجل عميري فقال : يا أبا عبدالرحمن ما تقول في ( جبل ) أينصرف ؟ فسبه والتفت العميري فلم ير أحداً يشهده عليه، فتركه حتى إذا كان من الغد، وجلس يونس للناس أتاه العميري وأعاد السؤال : " يا أبا عبد الرحمن ماتقول في ( جبل ) أينصرف ؟ فرد عليه يونس : " الجواب ماقلت لك أمس !! رحم الله المؤلف والمصنف البارع د.حسين نصار.