هذا باحث أديب ومفكر عريق من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق، ولد في حلب سنة 1910م وتوفي بدمشق سنة 1971م تعلم في مدارس مسقط رأسه، وابتعث إلى جامعة السوربون بباريس سنة 1936م، ونال منها شهادة دكتوراه الدولة في الآداب، وعاد سنة 1947م ليعمل أستاذاً جامعياً في الجامعة السورية ويشتغل بالتدريس في مدينة الرباط المغربية ومدينة عمان الأردنية، ثم عاد إلى بلده، وكان وهو طالب يؤلف كتباً ومما طبع له كتب في أعلام الفكر العربي قديماً وحديثاً وكتب أخرى في اللغة وتدريسها حديثاً وترجمةً واقتباساً و"الكتابة، نصوص وقواعد" طارحاً في ذلك أقيسة لغوية وقواعد ميسرة للتعليم اللغوي والتلقين الفني من خلال التبسيط في الأسلوب والطرح والمعاني الشيء الذي ينم عن ناصية الفكر عند هذا العلم الكبير سامي الدهان، وهو الدارس الأدبي والباحث العلمي والمفكر اللغوي، ومن الجدير بالذكر أن هذا العلم أديب أكاديمي، ومفكر باحث علمي لكنه امتلك الموهبة الأدبية والذائقة اللغوية المعنوية منذ نشأ وسار في درب الحياة الإنسانية ومن هنا بات معدوداً في أعلام العربية وفكرها وآدابها. أكثر من أربعة كتب ألفها الدهان عن أعلام سورية ومن ذلك "عبدالرحمن الكواكبي" وتحدث فيه وكتب عن حياته بصفة عامة وعن شخصيته وصورته النفسية والذاتية وأثره المعنوي وتأثيره الاجتماعي في الناس والمجتمع عبر وسائل التعريف في وقت مبكر في الشام وبالذات قبل سنة 1902م التي توفي فيها الكواكبي والذي دارت سني عمره في القرن التاسع عشر؛ حيث شارك بعمله وفكره وساهم برؤيته الأخلاقية وثقافته السياسية أمام الاستعمار الغربي البغيض. وألف الكتب الفكرية والرسائل النظرية وما ألفه قمم معنوية وقيم ثقافية عليا وآداب غفيرة وواسعة. ثم كتاب "محمد كرد على حياته وآثاره" شارحاً عبر فصوله وأبوابه العمل الفكري وجهود هذا العلامة اللغوي والأدبي، صاحب خطط الشام والإسلام والحضارة العربية ومنشئ المجمع العلمي العربي الذي قدم من خلاله البحوث والدراسات اللغوية عبر مجلة هذا المجمع، وقصائد شعراء العرب وآدابهم في العصر الحديث وهكذا يتقصى الدهان أعلامه من خلال الرؤية والطرح، والتاريخ والسيرة والمناقب المعرفية والعلمية والأفضال الأدبية..!! أيضاً تناول سامي الدهان في كتاب آخر "الشعراء الأعلام في سورية" ستة هم: بدوي الجبل، عمر أبو ريشة، خليل مردم، شفيق جبري، خير الدين الزركلي، ومحمد البزم. انتقى المؤلف أشعر شعراء الشام في العصر الحديث، لا تاريخياً فقط وإنما من خلال تناوله القيمي لهم والأجدر بالذكر وما طرحوه من عيون الشعر وأروعه من القصائد العصماء ودررها الفنية ورموزها المضيئة، فحللّ لكل شاعر من أولئك الأبيات والمقدمات الشعرية والوحدة الموضوعية والأغراض المنوط بها في شعر كل شاعر مع التعريف والتحليل والإيضاح والتبيين المعرفي والمناسبة القولية مروراً بذكر مايلزم ذكره من الأعمال الأدبية والعملية والتوجهات المهنية والنظرية خلال حياة هؤلاء الأعلام من شعراء سورية الحديثة. ويأتي رفداً "كتاب المؤلف عن الشعر الحديث في الإقليم السوري" الذي سطره مؤلفه كدراسة عرض فيها للتيارات الأدبية هناك منتقداً تارة ومحللاً تارة أخرى، وقابضاً للإصلاح الأدبي بلاغة ونقداً وأدباً لا يضاهيه دارس أو باحث أو أديب ناقد في مثل هذا الطرح الأدبي. ومن جميل ماكتب الأستاذ سامي الدهان كتاب في محاضرات عن أمير البيان الأمير شكيب أرسلان الأديب الباقعة والصحافي الرائع والمثقف الكبير والداعية اللبق والمفكر الرحب والمطلع الواسع العلم السياسي والأدبي والديني والثقافي وهو اللبناني المولد والتنوخي الأصل -نسبة إلى تنوخ قبيلة من اليمن- له رحلات إلى أوروبا فمكث في جنيف بسويسرا 25 عاما فاطلّع على علوم وآداب ونظريات معرفية ودبلوماسية وحضارية وثقافية. هذا من جانب التأليف الأدبي والشعري والنقدي ومن جانب آخر وهو تراثي، تحقيقات علمية وتاريخية لسامي الدهان تحقيق كتب من المخطوطات كديوان أبي فراس الحمداني برواية أبي عبدالله الحسين بن خالويه والناقد اللغوي الكبير، وله شرح كبير لنفس الديوان، أشرف عليه الدهان ويقع في أكثر من 15 جزءاً، وهو شرح يعتمد على العربية من غريبها نظراً إذا قلنا بسعة معجم أبي فراس اللغوي، كنظيره المتنبي المشهور بهذا اللون من لغة العرب نحواً وإتقاناً فصيحاً في شعره الذي يضم ديوانه قليل المقدار إلا أن معظمه جيد كما يقول ابن رشيق في العمدة! ومثل ديوان أبي فراس حققّ الدهان ديوان الواواء الدمشقي الذي يمثل شعراء العصر الوسيط من تاريخ الأدبي العربي الكبير، كما أن للأستاذ الدهان كتباً أخرى حققها كتاريخ حلب المعروف بزبدة الحلب لابن العديم المؤرخ البارع والأديب اللغوي الشامي العريق، وكتاب ذيل طبقات الحنابلة ورسالة ابن فضلان الأدبية الدينية، في سلسلة تراثية معرفية رائدة. وقد تناول الدهان هذه المجلدات بالتحقيق العلمي والشرح والتعليق الأدبيين بتاريخ الأعلام من علماء وأدباء وشعراء الشام، وسيرهم الميمونة وسائر من عاصرهم من الأقطار قاطبة الذين ورثوا العلم والأدب كابراً عن كابر، وخلفاً عن سلف. جوانب مشرقة من الآداب والعلوم والفنون المعرفية والثقافية للمبدع والرائد الأدبي سامي الدهان في كتبه مؤلفة كانت أو محققة، التأليف الضمني والتحقيق العلمي كمصنفات فنية مفيدة ومؤلفات طرحية وثقافية معرفية عطائية أبداً. سامي الدهان