الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    فرصة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «آثارنا حضارة تدلّ علينا»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أرصدة مشبوهة !    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إطلالة على الزمن القديم    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    فعل لا رد فعل    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعد الجنيدل.. عالم البلدانيات والمؤرخ الموسوعي
نشر في الرياض يوم 08 - 12 - 2017

عاش حياة التنقل والترحال قطع شعاب و وهاد الجزيرة العربية ليدون المواقع والبلدان، ومقار الحضارات القديمة.. كتب في التاريخ والسير والأدب وحفظ القصائد وقرض الشعر ودخل في سجالات ونقاشات طويلة مع أقرانه علماء «البلدانيات».. عاش طيلة أيام عمره بين الكتب والمخطوطات والقراءة والتدوين.. لم يكن ذلك إلا سعد بن عبدالله بن إبراهيم بن جنيدل، الذي ولد عام 1343ه في بلدة الشعراء في عالية نجد، وتلقى تعليمه الأولي فيها، على يد بعض المشايخ، فدرس القرآن الكريم، وقرأ بعض التفاسير والأحاديث، وحصل على الشهادة الابتدائية في الشعراء، مارس الزراعة والتجارة مع والده، واستفاد كثيرا من مجلس والده، الذي كان شاعرا وله مكتبة، وعنده حرص على جمع الأخبار وروايتها، فكان لذلك أثره في تكوين اهتمامات ابن جنيدل الأولى نحو الاهتمام بالتاريخ والتراث والبلدان، وقد ظلت قرية «الشعراء» النائية في ذاكرة الجنيدل، منطلقا منها إلى طلب الرزق والعلم والمعرفة. واصل الجنيدل قراءته وتعلمه في الدوادمي، التي انتقل إليها والده، بعد تحول طريق السيارات من نجد إلى الحجاز عن بلدة الشعراء ليمر ببلدة الدوادمي، حيث حصل فيها على الشهادة المتوسطة، وعمل معلما في مدرستها الوحيدة، وكُلف بعدها بافتتاح الثانوية وعين مديرا لها.‎شيوخه
تتلمذ الشيخ سعد الجنيدل على يد عدد من المشايخ الأجلاء منهم عمه الشيخ صالح بن ابراهيم الجنيدل، فأكمل عليه حفظ القران الكريم، وابن عمه الشيخ عبدالرحمن بن صالح الجنيدل، فأسسه في الفرائض والنحو، والشيخ عبدالعزيز الباهلي، الذي درسه الفرائض، ومبادئ العقيدة والفقه الإسلامي. كما درس على يد الشيخ سعد بن يحيى، الإمام والخطيب، حيث كان له معرفة بأساليب الشعر وأوزانه، وباللغة والنحو، وإجادة الشعر العربي والشعبي، وكان معظم شعره في الرثاء، والحكم والنصائح والألغاز كما درس على يد عدد آخر من المشايخ منهم الشيخ عبدالله بن مهنا، والشيخ عبدالله الدوسري، والشيخ سليمان بن خزيم، والشيخ عبدالعزيز الهويش، والشيخ محمد بن مهيزع، والشيخ محمد البصيري.
وارتبط الرحالة والأديب سعد بن جنيدل بعلّامة الجزيرة حمد الجاسر، فكانت بينهما زمالة وصداقة أنتجت أعمالا غزيرة تعتبر اليوم من أغزر المراجع المعتبرة للدارسين والباحثين في تاريخ وجغرافيا الجزيرة العربية، ولذا فقد نفذا رحلاتهما البلدانية على نفقة الدولة، في مسح المناطق جغرافيًا وتاريخيًا، وحصرا كل ما يتعلق بالتراث والمعالم الأثرية، ووقفا على الأماكن التاريخية بكل تفاصيلها، واشترك الشيخان في مشروع "المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية"، فكان من حصة ابن جنيدل كتاب "عالية نجد"، وأكمله في 3 أجزاء تقع 1390 صفحة‎، ويقول حمد الجاسر عن الجنيدل إنه تنقل معه في وسط الجزيرة العربية وغربها وجنوبها وشرقها، وتوثقت علاقتهما، وإن الجنيدل كان يكرمه ويدعوه إلى بيته، ويطلعه على أعماله، وإنه استفاد من علمه وأدبه، واستمع لما يحفظ من أخبار وأشعار، تخص سكان البادية، لصلته الوثيقة بهم، ومخالطته لمشاهيرهم. وأعرب الجاسر عن إعجابه من كثرة محفوظات الجنيدل، وحضور بديهته، وبتفريقه بين لهجات أبناء البادية، ووصفه بأنه من أوسع باحثي عصره معرفة بأحوال البلاد التي تحدث عنها بكتابه "عالية نجد" وأنه نظرا لمعرفة الجنيدل بالمؤلفات القديمة، فقد حاول تطبيق نصوصها على مشاهداته، لتحقيق الكثير من المواضع الواردة في الأخبار والأشعار القديمة تحقيقاً ييسر لكل دارس للأدب والتاريخ فهم كثير من النصوص القديمة المتعلقة بتلك المواضع، وقد أعاد مركز حمد الجاسر الثقافي طبع كتاب "معجم الأماكن الواردة في المعلقات العشر"، للجنيدل تقديرا للعلاقة الحميمة التي جمعت بين الشيخين، وكتب المقدمة له معن بن حمد الجاسر الأمين العام لمؤسسة حمد الجاسر الخيرية، وفاء لهما.
التلميذ والمعلم
يعتبر والباحث المؤرخ مسعود بن فهد المسردي أكثر من كتب وبحث واستقصى علوم ورحلات وكتابات العلّامة سعد بن جنيدل بل أن المسردي ساهم من خلال كتابه "سعد الجنيدل عالية نجد ونجد العالية"، أن يحفظ لنا شتات ما انفرد به ابن جنيدل مما لم يبحث فيه المؤرخون ورصد وتتبع وأضاف لمن سبقه في ترجمة ابن جنيدل الشيء الكثير حيث ذكر إن الشيخ كان منذ صغره نابغة في عدد من العلوم، حاد الذكاء قوي الحفظ، سريع البديهة، محبًا للعلم والعلماء، متطلعا إلى مجالسة أهله‎، إلا أن رفض والده، خوفا من أن تشغله الدراسة عن عمله في التجارة، أدى إلى عدم التحاقه بالدراسة النظامية إلا متأخرا، لأنه كان ساعد والده الأيمن في العمل التجاري، ومتابعة البضائع منذ شرائها حتى توزيعها للتجار في البلدان والهجر‎، وحدث أنه بعد أن هاجرت الأسرة من الشعراء إلى الدوادمي تغير الرأي، فالتحق بالدراسة وعمره ثلاثون سنة، بنظام تعليم الكبار، والتقى الشيخ الجنيدل بصديقه المقرب سعد أبو معطي في الرياض، عندما توجه إليها للعمل في التجارة، وكان أبو معطي وقتها مديرًا عامًا للتعليم في نجد، فقدم للجنيدل عرضًا ليتولى التدريس، وذلك لما عرفه عنه من التمكن من العلوم والآداب، فوافق الجنيدل، وحصل على خطاب عين بموجبه في مدرسة الدوادمي الابتدائية، مع الاستعانة به في إدارة المدرسة، فدرَّس بها وبالمرحلة المتوسطة كذلك وتولى مهمة تدريس المواد الدينية، لعدم توفر معلم لها، كما درَّس النحو للصف السادس الابتدائي.
ومن الطريف والعجيب، أن الشيخ كان يجلس في وقت الاختبارات، إلى جوار طلابه ليؤدي الاختبار معهم، استكمالا للشهادة الدراسية، برغم أنه لم يكن في حاجة إليها، غير أنه أراد أن يحصل على الشهادة استكمالا لما يتطلبه العمل الحكومي وتولى الجنيدل فيما بعد إدارة المدرسة الثانوية والاشراف عليها، إضافة إلى تدريسه مادة الحديث للصف الثاني الثانوي والتاريخ للصف الثالث الثانوي، حتى عام 1390ه. واجتاز الشيخ دورات تدريبية عدة، منها دورة مدراء المدارس، إلا أنه رفض الترشيح على دورات أخرى في مصر، وفي الجامعة الأمريكية في لبنان، بسبب ظروفه العائلية وارتباطه بوالده، ورفض لنفس السبب ترشيحين على منصب مدير التعليم في الأطاولة بمنطقه الباحة، ومدير التعليم في مدينة القنفذة التابعة لمنطقه مكة المكرمة.وحصل رحمه الله على بكالوريوس الآداب من قسم التاريخ في جامعة الملك سعود بالرياض، ونال دبلومًا عاليًا من كلية التربية، ثم عمل في مجال التعليم والإشراف بإدارة التعليم، ثم موجها تربويا في المعاهد العلمية بجامعة الإمام محمد بن سعود.
معاجم التراث
قدم الدكتور عبدالعزيز الخويطر لسلسلة معاجم التراث التي ألفها سعد الجنيدل،حيث جاء في المقدمة، أن سعد بن جنيدل يعرف بالحماس للتراث، وهو من المعدودين الذين أدركوا جوانبه، المتعددة، ومن الخبراء المعتبرين في هذا المجال، وأنه متمكن من إزالة أي لبس أو غموض فيما يختص بالأدب أو التاريخ. كما أنه أحد الروَّاد الوطنيين الموسوعيين المحققين للتراث في تاريخ الجزيرة العربية، ولم يكتفِ بذلك بل تجاوزه إلى جغرافيتها وآدابها، واشتهر بريادته في تحقيق المواضع الجغرافية في الجزيرة العربية خاصة عالية نجد وعرف باهتمامه الواسع بالتراث واللغة والشعر، وكان رائدًا في التحقيق والدراسة والتعمق في كتب البلدانيات القديمة، وخلال سني عمره، كان الجنيدل يقضي نهاره في عمله الرسمي، ثم باقي وقته في العلم والمطالعة والرحلات الميدانية، حيث استفاد من عمله التربوي الإشرافي الميداني حيث التنقل بين مناطق المملكة ما ساعده في انجاز أعماله البحثية الميدانية.
دروب ومحطات
تبرز لمن يستعرض حياة سعد الجنيدل الحافلة بالعمل والبحث والتدوين والتقصي، محطات كان لها دور في تكوينه، أولها مدينة الدوادمي التي شدته برباط العلم والأدب، وحصل فيها على الشهادة المتوسطة، وعمل معلما في مدرستها، ثم مديرا للثانوية، وتأتيه فيها اشتراكات مجلة المنهل وجريدة البلاد من الحجاز، ثم أنه مارس في العاصمة الرياض التعليم منذ عام 1376ه، في وزارة المعارف وجامعة الملك سعود، ثم باحثا في جامعة الإمام محمد بن سعود، كما تردد عليها لأغراض التجارة مع والده في بداية حياته، وتطلع فيها للعلم والعلماء، وزار مكتباتها رغم ندرتها، للتزود بالكتب من مكتبة البابطين ومكتبة النهضة بالبطحاء وقبلها دكان حنيشل بالديرة على شارع محمد بن عبدالوهاب غرب مسجد محمد بن إبراهيم وغيرها من المكتبات أو الكتب التي يتم "التحريج" عليها في الأسواق أو المباسط، كما التقى في الرياض بالشيخ حمد الجاسر، ومن حين ذاك أصبحت الرياض قاعدته التي انطلق منها إلى مناطق المملكة للعلم وحصر التراث والآثار والوقوف على الأماكن التاريخية والجغرافية من أجل تحقيق المواقع والوقائع في الجزيرة العربية، كما مثلت مكة المكرمة وجدة محطتين مهمتين في حياته فكان يمر بمكة لأغراض التجارة بين الرياض والمنطقة الغريبة، ويذهب لحلقات التعليم في الحرم المكي، كما ترددعلى زملائه كسعد أبو معطي ومحمد الحصين، وعبدالله البسام. وعمل في جدة يضعة أعوام، وأسهم في تحقيق بعض المخطوطات.
مؤلفاته
لسعد الجنيدل مصنفات عديدة نذكر منها كتاب عالية نجد:المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية، 3 أجزاء، وبلاد الجوف أو دومة الجندل، ومن أعلام الأدب الشعبي، وديوان بين الغزل والهزل: تحقيق ديوان هويشل الهويشل، وخواطر ونوادر تراثية: نصوص تاريخية وجغرافية واجتماعية، والساني والسانية، وأصول التربية الإسلامية، ومعجم الأمكنة الوارد ذكرها في القرآن الكريم، ومعجم الأمكنة الوارد ذكرها في صحيح البخاري، ومعجم الأماكن الواردة في المعلقات العشر، وبلاد العرب في المعاجم القديمة وبحوث المتأخرين، ومعجم التراث ثمان أجزاء، وشعراء العالية، وغيرها من الكتب والمؤلفات.
واتصف الشيخ الجنيدل بصفات الأديب من الطراز الأول، رغم تناوله للأدب على الطريقة القديمة، فقد كان من الحافظين لأشعار العرب وأيامهم ووقائعهم وقصصهم وأنسابهم، إضافة إلى إلمامه بالأدب العربي الحديث، وإحاطته بفنونه.
سيرة والده
تحدث الشيخ سعد بن جنيدل عن دور والده في مسيرته الحياته في كتابه عالية نجد، وفقاً لما ذكره الدكتور محمد الشويعر في كتابه (شقراء مدينة وتاريخ)، حيث كان لوالده مكانة كبيرة في مدن شقراء والدوادمي وبلدة الشعراء، فأوضح أن والده عبدالله ولد بمدينة شقراء، في حدود عام 1280ه،وشب فيها وتعلم القراءة والكتابة في كتاتيبها، ونشأ نشأة الفقير الكادح، كما يقول عنه ابنه سعد، وعمل في التجارة صغيرا، وكانت الشعراء سوقا تجارية هامة للبوادي، يرتادها التجار فاستقر فيها عام 1318ه، قبل أن يدخل الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الرياض بسنة واحدة، فأثرى فيها واتسعت تجارته، وأثر فيه علاقته بالشيخ علي بن عيسى فأصبح محبا للعلماء ميالاً إلى مجالستهم، حتى توفي، وكانت له عناية كبيرة بأخبار العرب وأشعارهم، وله معرفة واطلاع في تاريخ القبائل وأخبار رجالها، وفي تحديد المواضع في نجد وسكانها من القبائل، وكان يحفظ الكثير من القصائد والأشعار الشعبية، لذا فقد قصده رواة الشعر للأخذ عنه، وقد توفي رحمه الله عام 1390ه عن عمر يناهز مائة وعشر سنوات، وخلف مكتبة جعلها وقفا على طلبة العلم من ذريته وغيرهم من هواة الاطلاع والقراءة.
وكان الدكتور عبداللطيف بن محمد الحميد قد أجرى حوارًا موسعًا مع الشيخ سعد الجنيدل، في منزله عام 1417ه، تضمن توثيقا لمسيرته وحياته، وذكرياته عن زيارات الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- لكل من الشعراء والدوادمي في ذهابه وإيابه بين نجد والحجاز، وعن رحلات الجنيدل البلدانية مع الشيخ حمد الجاسر، ومحتويات متحفه التراثي القيم الذي كان الجنيدل على علم بتاريخ ومدلولات مقتنياته الأثرية النادرة، ويُعد الشيخ من كبار المؤرخين العارفين بتاريخ المملكة ويعد مرجعًا في سيرة توحيد الملك عبدالعزيز للبلاد، إضافة إلى معرفته بالهجر التي أسست في ذلك العهد، وبالقبائل والمشايخ، وللشيخ نظرة نقدية متميزة فيما يتعلق بكتب التاريخ والمذكرات.
الجنيدل شاعرا
برغم أن الجنيدل لم يقدم أي ديوان شعري، واكتفى بنشر بعض القصائد، لأنه لم يكن منصرفًا للشعر بقدر انصرافه للتراث والبحث فيه، إلا أنه يعد من الشعراء المتميزين، حيث ظهرت ملكاته الشعرية مبكرة في حياته، فنظم الشعر بنوعيه، الفصيح والعامي. ولعل أقدم أشعاره، ما أدرجها الباحث والمؤرخ مسعود المسردي، في كتابه عنه، في شكل حواري لطيف، دار بينه وبين شيخه سعد بن محمد بن يحيى، حول "المروحة"المصنوعة من سعف النخيل، وكان الناس في نجد يسمونها "المهفة" أو المروحة، وتدخل الأبيات التالية في باب الألغاز.
ولسعد الجنيدل قصيدة أخرى، ألقاها عند افتتاح المدرسة الابتدائية للبنين في الشعراء في الستينات الهجرية،كما رحب بقدوم الملك سعود إلى بلدة الشعراء بقصيدة ألقيت أمام الملك.
الجنيدل باحثا
يعد سعد الجنيدل، من باحثي المملكة الموثوقين المقنِعين، حيث قدم أعمالا واعية حفظ بها جزء كبير ومغيب من تاريخ وجغرافيا وأدب الجزيرة العربية كما وثق العادات والتقاليد والتاريخ الاجتماعي للمجتمعات التي والأقاليم التي نزل بها وكتب عنها، ولذا فقد صنّف الجنيدل رحمه الله بأنه باحث ومؤرخ موسوعي في علوم التوثيق والتراث، لا سيما أنه تنقل وعايش أهل الحضر والبوادي وخالطهم ودون ووثق مالديهم من فنون الأدب والشعر وصور الحياة الاجتماعيه كما هي، ولم يقتصر تصويره على نقل الوقائع بل كان يغوص في تأصيل ما يشاهده ويسمعه ويقرأ عنه ويربط الأحداث والأخبار بمسبباتها، ويبحث عن مدلولات المصطلحات، ويؤصل للعادات والأعراف، ويدوّن القصص والمرويات، وقد ذكر تلميذه سعد الشبانات أنه رافق الشيخ سعد، في رحلاته إلى منطقة سدير، في سنة 1410ه، وأن الجنيدل أعجب ببقايا آثار القلاع والحصون على أسوار سدير القديمة، التي كان تحمي أهلها عند الغارات في الحروب، قبل أن يوحدها الملك المؤسس، وأن الجنيدل كان حريصا على تصوير القلاع وحصون الحرب في روضة سدير، وتمير، والحوطة، وجلاجل، وألا يترك اثراً قديمًا ألا وقام بتصويره من عدة جوانب وخصوصاً الآبار القديمة، وكان يعرف مسمياتها‎.‎ كما رافقه إلى الأسياح، في ضيافة الشيخ جديع بن بداح الخمشي، حيث نقل الجنيدل عن جديع الخمشي، ومن أشعار وأحداث قبيلة عنزة، ويعدد الشبانات‎ مناقب شيخه الراحل ويشير إلى تخصصه في العلم الشرعي وأن له مؤلفًا ذا قيمة باسم "صحيح مسلم والبخاري"، كما يصف "معجم عالية نجد"، بأنه من أدق المعاجم وأصوبها، وذكر أن الجنيدل جند نفسه للبحث عن القطع النادرة واقتنائها لإنقاذها من التلف، أو الضياع.
الملاحظة والتدوين
يروى عنه أنه كان دائماً يدون في دفتره ويسجل كل ملاحظة في حينها، ويسأل عن توثيق الأشعار ومن قائلها، وكان شديد التثبت من المعلومات وصحتها، كما كان محبا للخير، ساعيا لتقديم كل مالديه لمن يطلبه، دون أن يشعره بالفضل، بل يرى أنه واجب عليه، وهذا ملاحظ في كتابات من زاملوه في مسيرته البحثية وأولئك الذين دوّنوا سيرته، حيث لم يُذكر أنه أغلق باب منزله عن طالب أو غيره بل كان يفرح ويحتفي بهم، ولذا فقد عاش الجنيدل حياة الزهد والبساطة عازفاً عن الظهور الرسمي في المناسبات الثقافية والإعلامية وقد ظل حتى وفاته –رحمه الله- رغم كبر سنه عاكفًا قي مكتبته يدوّن ويكتب ويراجع ويبحث ويستنتج مما استجد له من معلومات كما ظل حريصاً على التنقل بين بلدان وأقاليم المملكة لتدوين ما لم يتم له الوقوف عليه حين شبابه، ويُذكر أنه كان يتمتع بقوة الذاكرة إلى ساعة وفاته.
وفاته
خلف الشيخ سعد الجنيدل حين وفاته عدداً من الأبناء هم المهندس إبراهيم، وعبدالله، والدكتور عمر، والمهندس عبدالحميد، وعبدالرزاق، وعبدالرؤوف، وعدد من البنات، وتوفي رحمه الله يوم الثلاثاء 24 من جمادى الأولى عام 1427ه، في الطائف، وأديت الصلاة عليه في الحرم المكي عصر اليوم التالي الأربعاء 25 من جمادى الأولى سنة 1427ه، عن عمر يناهز الرابعة والثمانين، وورى جثمانه الثرى في مقبرة الشرائع في مكة المكرمة رحمه الله رحمة واسعة.
مارس الفقيد التجاره في بدايه حياته قبل تفرغه للتدوين والتقصي
ولد الجنيدل في قرية الشعراء وظلت محفوظة في ذاكرته
اسهم الجنيدل في حفظ تراث الجزيرة العربية في دواوينه
منصور العساف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.