إذا طغى حب المال، فجرأ على التعامل بالربا أو على السرقة والاختلاس والرشوة والظلم والغصب والغش والاحتكار وغيرها من أنواع الفساد، سواء من المال العام (بيت المال) أو من المال الخاص فإن الكسب الحرام يكون وبالاً على صاحبه، وفساداً في المجتمع، ذلك أن الطمع إذا استقر في القلوب فإن القلب يعمى حتى يرى أن الحلال ما حلَّ في اليد حتى ولو كان عن طريق محرم. وإن من كمال الشريعة أن شرّعت محاسبة العمال وحرّمت طرقاً من الكسب لما فيها من ظلم وأثر سيئ على المجتمع، ورتبت عقوبات على الواقع فيها، فمن سرق أقيم عليه الحد، ومن اختلس أو ارتشى أو غشّ أو احتكر سلعة من السلع عُزِّر عقوبة له، وحرمة المال العام أشد من حرمة المال الخاص، ذلك أن الخصماء في المال العام هم عموم المسلمين في البلد، أما المال الخاص فالخصم فيه واحد، والسرقة أو الاختلاس من المال العام خيانة في بيت مال المسلمين ويكون ضرره على كافة المجتمع، حيث يعطّل التنمية، وينشر الظلم، وله دور كبير في ضعف الدولة، فقوة الدولة بقوة اقتصادها. وإن من الناس أقواماً يجمعون المال من غير حِلِّه حتى ولو كان أخذاً من بيت المال بغير حق، فإنّهم متوعدون بالنار قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» أخرجه البخاري. إنَّ محاسبة من تورط في فساد مالي أمر في غاية الأهمية، للإصلاح المالي، وتولية الأمين الأصلح في المناصب متطلب مهم من متطلبات الإصلاح في المجتمع. وإن مما يبهج النفس ويسعدها صدور أمر الملك سلمان -حفظه الله- بتشكيل لجنة عليا لحصر قضايا الفساد والتحقيق فيها مع المتورطين، حيث إنه لن تقوم للوطن قائمة ما لم يتم اجتثاث الفساد من جذوره ومحاسبة الفاسدين وكل من أضر بالبلد وتطاول على المال العام.