تزاحمت جداً بعض المحاولات العربية التي تعمل على تعطيل الحراك السياسي السعودي الذي يروم أفاقاً جديدة لم تعرفها الساحة العربية من قبل سواء كان اللاعب أو المحرك لهذه الساحة فرداً أو مؤسسة عسكرية أو جماعة شيوعية استلمت السلطة بسلطة السلاح وأنغام الأغاني التي تعزف ضد ما كانت تسميه الرجعية العربية.. القرار السياسي السعودي اليوم مباشر وشديد التماسك ولا يقبل المساومة، فالتحديات واضحة وأساليب مواجهتها واضحة بالنسبة لصانع القرار السعودي، إلا أن هناك من يريد أن يقلل من أهمية السياسة السعودية بمحاولات مخادعة أو ربما دنيئة، ليبني لنفسه مجداً وهمياً أو يدير صفقة مشبوهة مع المشروع التوسعي الإيراني، فما هي السياسة السعودية التي لم تعجب بعض العرب، فهل التدخل المباشر في اليمن للدفاع عن شرعيته كانت سياسة خاطئة؟ والسماح لطهران أن تتمدد على حدود المملكة هو القرار الصائب !أم كانت مقاطعة قطر فشلاً سياسياً؟ وتشجيعها على صياغة المؤامرات على أبناء جلدتها هو الشيء الناجح، أفتونا أيها المنتقدون، وإن كنت في حيرة بين نجاح مقاطعة قطر من فشلها، ما عليك إلا مراجعة الأسماء التي سحبت الدوحة جنسياتهم والتعرف على الأخطاء التي اقترفوها، "جريمتهم فقط أنهم أرادوا أن يكونوا قطريين" وبما أننا في القرار السياسي السعودي علينا أن نعرف الفرق بينه وبين الأدوات الدبلوماسية التي يفترض أن تقوم بالتسويق والدفاع عنه، فعدم نشاط الأدوات لا يعني ضعف القرار، فالإشكالية التي تواجه القرار السياسي السعودي تكمن في آلية تسويقه والدفاع عنه، أمام الصديق والعدو، فمازالت أدواتنا الدبلوماسية تعمل في الأساليب القديمة ولم تواكب نشاط وقوة القرار السعودي، المثال على ذلك: تصرف المتحدثة الرسمية في السفارة في واشنطن عندما جاءها سؤال من مراسل صحيفة نيويورك تايمز عن استعانة المملكة بوزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي، طلبت وقتاً للتأكد، وهو الشيء الذي استفاد منه مراسل الصحيفة واعتبره عدم تعليق على الخبر، والصحيح أنها كانت أمام سؤال يبحث عن الإدانة أكثر من بحثه عن الإجابة الصحيحة، فالتماهي مع القرار السياسي السعودي يتطلب معرفة أساليب الإدانة وتوضيح الحقائق، فالإجابة التي تدين ليست إجابة، بل تسمح للطرف الآخر لتشكيل الحقائق كيفما يريد أو كيف تتطلب مصالحه.. لا نقول: إن الأدوات الدبلوماسية السعودية تعمل بالشكل الخاطئ، ولكن نريد منها أن تعمل بنشاط وعقل القرار السياسي السعودي في بنائه الجديد وتحدياته الجديدة، لكي نكسب بقوتنا وحقائقنا تأثيراً مقعناً وليس إجابات إدانة تضعف حقائقنا، فالجولات مازالت في البداية.