بدأت شركات الأفلام الأميركية تتشكل في أثناء الحرب العالمية الأولى في منطقة هوليوود الصغيرة بلوس آنجلس، وبدأت تلك الشركات تعرض إنتاجاتها الفيلمية في دور سينما هي من قامت بإنشائها. أخذ الأميركان بالتوافد على هذه الدُور حيث أصبح تأثير السينما جلياً على مجتمع هوليوود الصغير وزاد الإقبال وزادت المنافسة بين الشركات السينمائية ثم تدخل المشرعون الأميركان لتنظيم إنتاج الأفلام وأسسوا أول مؤسسة معنية بالإشراف وتنظيم شركات الأفلام الأميركية وأسموها على اسم المقاطعة الصغيرة هوليوود، ليتوسع التنافس وتخرج ديزني وغيرها. هذا النمو والتطور السريع للسينما الأميركية لم يكن لينجح لولا تدخل حكومة أميركا لدعم الحركة السينمائية في بلدها لما لها من تأثير كبير على منظومة القيم الأميركية وكيفية الحفاظ عليها ومالها من تأثير في تعزيز ونشر الهوية والثقافة الأميركية حول العالم!. وكرد فعل عالمي من بعض الدول حول خشيتها من تأثير هوليوود على مجتمعاتها وخوفاً من أن تُغير هوليوود بعضاً من ثقافات تلك الدول قامت بريطانيا بدعم المنظومة السينمائية فيها كي تساهم بالحفاظ على هويتها وثقافتها وتسهم كذلك بالنمو الاقتصادي وتقديم كل ما فيه فائدة للشعب البريطاني من ثقافة وتعليم وترفيه مناسب لهم. وفعلت فرنسا الأمر نفسه وأنشأت أستوديوهاتها بالتزامن مع أستوديوهات هوليوود، والهند كذلك التي ظهرت أفلامها قبل مئة عام من اليوم وتملك ثاني أكبر سوق سينمائي في العالم بعد أميركا، وهي التي قال عنها رئيس الوزراء الهندي جواهر نهيرو "تأثير الأفلام السينمائية في الهند أكبر من تأثير الصحف والكتب مجتمعة"!. ما سبق يعطي دلالة على أهمية السينما في المجتمع المحلي والدولي وكيف أنها وسيلة قوة للدولة تُصنف من ضمن القوى الناعمة. حيث أبرزت أميركا قوتها العسكرية في أفلام كثيرة مثل فيلم "كابتن فيلبس" وأبرزت مكانتها الصناعية والعلمية في أفلام أخرى. كما أن للسينما تأثيراً اقتصادياً كبيراً على الدولة مهما كان تصنيفها الاقتصادي. وهذا يتضح في "نيوليوود" النيجيرية التي وفرت مليون فرصة عمل في نيجيريا من خلال استثماراتها السينمائية التي قٌدرت ب 27 مليار دولار العام الماضي. لا أعني بكل ما سبق أنني أريد أن تفتح هوليوود أو غيرها فروعاً سعودية لهم، بل أعني أن نؤسس إنتاجاً سينمائياً سعودياً يتناسب مع ثقافتنا وهويتنا ولا بأس بعرض بعض الأفلام الأجنبية المُفيدة التي بدورها تنقل المعرفة والفائدة. هناك العديد من الكوادر السعودية المستعدة لإبراز الفيلم السعودي ونشره حول العالم، وكان لهوليوود السبق بالاستفادة من إمكانيات السعوديين السينمائية حيث قامت بالاستعانة بخليل الرواف للتمثيل في الفيلم الأميركي "كُنت مراسلاً حربياً" وبطله الممثل الأميركي الشهير جون وأين وذلك قبل أكثر من ستين عاماً ليكون أول سعودي وعربي يشارك في التمثيل بهوليوود ليسبق عمر الشريف. ما الذي يمنع إن قامت سينما سعودية تنشر الثقافة الإسلامية بأسلوب تشويقي مناسب تُظهر الجوانب المشرقة فيه والتي تحاول أن تغيبه سحائب الغلو والتطرف. السينما السعودية فرصة للإبحار في ثقافتنا الغنية وإبرازها وكشف جوانبها الغنية بطقوسها الجميلة، كما أنها فرصة للنمو الاقتصادي وتوفير الآلاف من فرص العمل. أن يكون هناك سينما سعودية أفضل بكثير من أن يترك الفرد السعودي ليشاهد أفلاماً أجنبية من الممكن أن تُمرر له رسائل سلبية.