اعتبر خبراء اقتصاديون سعوديون تقرير الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي الصادر مؤخراً مؤشرا مهماً على تقدم النمو الاقتصادي في اقتصاديات العالم الكبيرة، ومن بينها المملكة التي أصبح اقتصادها متميزا برؤية 2030 التي عززت من موقع اقتصادها ومتانته وتأثيره الدولي، الأمر الذي ينعكس على مستوى الاقتصاد المحلي، مؤكدين ل"الرياض" أن اقتصاديات العالم ستتعافى لكن ببطء. ورأوا أن هناك عوامل عدة أسهمت في هذا التحسن، منها التقارب الاقتصادي السعودي الروسي، إذ لعب دورا مهما في تحقق هذا النمو العالمي، كون المملكة وروسيا من البلدان الاقتصادية الضخمة التي تحمل تأثيرا دوليا نظرا لأنهما دولتان تملكان سلعا إستراتيجية تصدرها للعالم. وذكر الخبراء أن الارتفاع بنسبة 3.6 % لهذا العام، و3.7 % لعام 2018، بعد انخفاض العام الماضي المقدر ب3.2 % يعد من أهم مؤشرات التعافي ومخالف لكل التوقعات التي تقول بأن الاقتصاد العالمي يمر بأزمة ستفتك به اقتصاديا، مشددين على أن الإصلاحات التي اتخذت في بعض الدول ومنها المملكة شكلت نواة لهذا التغيير، متفقين مع التقرير ب"أهمية استغلال هذا الأمر لتنفيذ إصلاحات صعبة". وقال د. محمد القحطاني خبير ومفكر اقتصادي وأستاذ بجامعة الملك فيصل: "إن التقرير جاء مبشر لأن هناك اقتصاديين كبارا يتوقعون أن العالم في 2017 و2018 سيشهد أسوأ ركود من عقود، وما جاء في التقرير من مؤسسة لها قيمتها مثل صندوق النقد؛ لأنها مطلعة على الموازين والمدفوعات للدول ومطلعة على حجم الإصلاحات التي تقوم بها الدول والخلل في اقتصادات الدول ودائما نجده العين المراقبة للاقتصاد العالمي، فحين يؤكد لنا بأن هناك ارتفاعا بنسبة 3.6 % فهذا إنجاز يحسب لدول معينة في مجموعة العشرين"، مضيفا: "واقع الاقتصاد اليوم يؤكد أن مقولة الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة خطأ، بل الأمن والاقتصاد وجهان لعملة واحدة وهذا هو الصحيح". وتابع "إن الحرص على الأمن والاقتصاد هما العنصران الحقيقيان، فالسياسة عادة ما تضيع الاقتصاد، ومنهج المملكة ثابت في الأمن والاقتصاد". وزاد "إن الأمن دائما ما يعزز الاقتصاد لأنه يجعل الاقتصاد مستقرا.. الآن هناك دول مثل المملكة وروسيا وأميركا وغيرها حريصة كل الحرص على استباب الأمن العالمي". وأضاف "نحن نعيش الآن في عالم فيه انسيابية للسلع والمملكة أكثر دولة تتأثر بالأمن العالمي لأننا نصدر سلعة النفط التي تتطلب الأمن، والتقرير يعطي الثقة لاقتصادات العالم، ففي عام 2018 يقفز النمو إلى 3.7 % بعد انخفاض العام الماضي المقدر ب3.2 %". وتابع "هذا الارتفاع في ظل ظروف صعبة جدا وهذا حقيقة دليل واضح على وضوح السياسات الأمنية لدول العشرين حتى العام القادم". وعن انعكاس ذلك على السوق قال: "سنشهد سيولة أكثر في الأسواق ومشاريع مشتركة بين الدول ومنها المشاريع المتعددة الجنسيات التي سيكون لها قيمة مضافة في اقتصاديات الدول"، مضيفا "إن معدل النمو في التقرير سينعكس على الاقتصاد الداخلي، إذ أن للمملكة ثقل كبير في الاقتصاد العلمي لأنها تعمل منذ أعوام عدة على ضبط أسعار النفط حتى لا يكون فيها تهاوٍ أو مبالغة لأنهما ليس في صالح المملكة والاقتصاد العالمي ونحاول أن نحصل على السعر المعقول للنفط عبر التأثير على أوبك وخارجها وعبر توحيد السياسة النفطية مع روسيا، وهذا التقارب عمل استقرارا وساهم في نجاح النمو الذي أعلن عنه التقرير"، مضيفا "أصبحت المملكة تتحكم باقتصادها عبر آليات رؤية 2030 التي تعتمد أساسا على التنوع والشفافية". وقال عبدالله آل نوح عضو مجلس المنطقة الشرقية وخبير اقتصادي: "إن النمو العالمي له الانعكاسات على اقتصاديات الدول التي لديها نمو حيث تستطيع الحكومات في هذه الدول الصرف على مشاريعها، وكذلك عمل الإصلاحات اللازمة للنهوض بالاقتصاد"، مضيفا "من الواضح أن الاقتصاد العالمي سوف يسير نحو التعافي خلال الفترة القادمة وبشكل بطيء، وهناك بعض العوامل التي قد تطرأ على الاقتصاد والتي تؤدي الى تأخر التعافي، أو حتى تراجعه، ومنها على سبيل المثال الحروب التي تستنفد الموارد والمقدرات وكذلك الكوارث الطبيعية، وعلى الرغم من أن هذه الأحداث قد تُبطئ الاقتصاد، بيد أنها في نفس الوقت سوف تَخلق فرصا جديدة وآفاقا أوسع وممكن استغلال الجانب المضي فيها". وشدد على أن رؤية 2030 تعد من أهم محركات الاقتصاد المحلي في المملكة، وقال: "إن الإصلاحات تعدت خلق فرص جديدة للشباب السعودي في مختلف ميادين العمل وتدريب الأيدي العاملة على مهارات كثيرة ومتخصصة، وخصخصة بعض الخدمات، وإيجاد مصدر دخل غير نفطية، وتوعية المواطن بخطة التوفير والاستغناء عن بعض الحجات غير الضرورية، وهناك الكثير من الأشياء الإيجابية التي تصب في مصلحة المواطن والوطن"، سائلا الله بأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان في ظل حكومة خادم الحرمين الشرفين ملك الحزم، وولي عهده الأمين. عبدالله آل نوح د. محمد القحطاني