من الطبيعي أن تكون هناك تباينات ووجهات نظر مختلفة، ولا بأس بذلك، فالكل منا يحترم توجه وميول الاخر، فهذه هي سنة الحياة، ومرتكز لثقافة قبول واحترام الآخرين، والأهم أن تتأطر تلك بكوننا اعلاميين ندرك أننا أبناء بلد واحد مهمتنا مع المسؤولين أن نخلق بيئة من المنافسة الشريفة التي تحث رياضيينا وجماهيرنا على السعي والجهد والعمل والتوافق حتى مع المنافسين. لكن أن ننقل هذا الاختلاف لنسقطه على كل ما يخص الوطن وحتى حين أحلك الظروف التي تتطلب توجها واحدا كما في مواجهة منتخبنا واليابان التي عبرنا منها الى روسيا، فتلك معضلة أجزم أنها في مضامينها تعبر عن تعصب مقيت يصب في فكر أعرج مترسب لدى البعض، لم يمنعنا حب بلدنا ومنتخب بلادنا من أن نتجاوزه ليحوله البعض الى ثقافة الرعب التي تسيطر علينا إزاء النادي الذي لا يفضله، حتى أننا ووسط الحسم الوطني لا ينفكون يفكرون في تشويهه وعقاب من يخالفون ميولهم والمطالبة بعزلهم. نستطيع أن نؤكد وبعد السلامة والتأهل الى المونديال أنه أصبح بمقدورنا الآن ان ندعو بالرحمة على صورة الناقد العاقل المتزن التي أصبحت من النوادر في هذا العصر، تلك الصورة التي كان يبدو فيها فخورا بكل من ينتمي الى كتيبة وطنه في الرياضة وغيرها، معتزا بهم لا يسمح أن يكون إمعة تقاد وقابلا لأن يكون ضد، متفاعلا إيجابيا مع كل ما يهم بلاده، رافضا لأي وضع لا يتفق مع تطلعه الكبير بالارتقاء بالمستوى الفكري والرياضي لبلاده ولمجتمعه. أنا هنا لن أتحدث عن دكاكين النقد الكروي المنتشرة على بعض القنوات الفضائية ومواقع التواصل الإجتماعي من تلك التي تقتات على التعصب وتعتاش من كره الآخر، ليس إلا أن كثيرا ممن ينتمون لها من الضعف الفكري بحيث لا يستحقون أن نفرد له زاوية في جريدة حصيفة كهذه.. بسبب أنهم مساكين قد زج بهم في منظومة لم يدركوا ابعادها، وما نحن بصدده من هم في إطار من نحسبهم عقلاء ينورون المجتمع بمقالاتهم وحواراتهم ويقودون الحلول له، لتقودهم اقليميتهم أولا ونبذهم للآخر ثانيا الى نشر الفتنة الرياضية وتجسيد التباعد في وسط رياضي..توقعوا أنهم سيكسبون من خلاله كثيرا من المؤيدين والانصار إذا ما خالفوا العاقل السائد؟!. نترحم لأن ما شاهدناه من نماذج يطلق عليها اعتباطا قادة رأي اجتماعي وثقافي من تلك التي ارادت اقتحام الوسط الكروي لأجل أن تبث سموما لم تستطع ان تقذفها في مجالها.. وحيث إن المناسبة كبرى والافئدة كلها متطلعة والمجال الكروي أرحب؟! وأكثر متابعين .. وأشد نقدا؟!.. كان عليهم أن يستسلموا لرغبات زائلة، ومطامع شخصية رخيصة افتقدت للقدرة على وضع الوطن أولا.. ليجعلوا منها ميدان صراع وفيها هم مستعدون أن يدوسوا فوق كل مبدأ ويرحبوا بكل متعصب واهن للوصول الى مآربهم التي سيُكتشف في النهاية انها مكاسب رخيصة لا تزيد على كونها طلب شهرة. ما أرمي إليه قد حدث بعد مواجهة السعودية والإمارات واستمر الى ما قبل مواجهة اليابان مباشرة ومن كُتّاب واصحاب رأي كنّا نحسبهم عقلاء.. لكن أنفرط عقد العقل فقد قرأنا مفردات يندى لها الجبين، والسبب أن هناك ناديا يعتقدون أن الفضل الاكبر سيمتد اليه إذا ما تحقق الحلم؟!. التعصب بكل أنواعه حينما يمتد الى لحمة الوطن وكل ما يندرج تحت لواء هذا الوطن لأجل تمزيقه داخليا وبث الفرقة فيه .. هو أشد أنواع التعصب وأخطرها، ويا لسوء حالنا، اذا ما استمر الأمر ونحن مقبلون على مشاركة دولية مهمة ومن بيننا من لا يزالون يضعون العصا في الدولاب.. ويا لخيبتنا فيهم وهم يتصدرون كثيرا من المجالات كمهتمين بالشأن الإجتماعي والوطني ونقّاد فيه؟!. الأهم في القول إن الكاتب سواء على الصحيفة أو على مواقع التواصل أو من خلال برنامج حواري تلفزيوني عليه أن يدرك بأن هناك فاصلا بسيطا اذا تجاوزه اثناء استخدامه لادوات النقد، ومال إلى التكسب فيه سواء حظوة أو مالا أو شهرة فإنه هنا سيصبح مهرجاً !!.. فكم من مهرّج لدينا ضحكنا عليهم قبل مواجهة اليابان؟!.