رحل بالأمس عن دنيانا الفانية الشيخ محمد بن ابراهيم السبيعي، الرجل السمح والشيخ الوقور والتاجر الطيب الذي تألق بإضاءات العمل الخيري على مدى عمره المديد، فهو أحد المعمرين الذين أنعم الله عليهم بطول العمر على حُسن عمل وتأنق بأفياء الفضيلة, حتي اقترن اسمة بفضائل أعمال البر والاحسان والعطاء والكرم والسمو الأخلاقي الذي يتعالى على الكبر والأنفة والانا، كل من التقى به وعرفه أو لم يعرفه هو ذات الرجل من التواضع والبشاشة والتجمل لاصالة رجل لم تبطره الثروة ولم تفتنه مباهج وملذات الحياة وهو الذي ذاق مرارة الفقر وعاش الحياة بحلوها ومرها ولاقى الوصب والنصب والكدح والتعب مما ترسم على جبينه المتقاطع بعصامية رجل فذ واكب جيلين متغايرين وعصرين متباينين، جيل الآباء والاجداد ومن هم في سنه وهو دور البناء والتأسيس الأول الذي عاصره وعايشه وعرف متقلباته وهمومه حيث شظف العيش وقله الموارد، وجيل الابناء والأحفاد حيث رغد العيش ووفرة الخيرات والثروات فصبر وشكر وحمد الله كما هو حال الكثير من أبناء جيله وزاده ذلك قرباً بخالقه وتمسكاً بتعاليم دينه، وخاض غمار الحياة بلا معلم ولا موجّه ولم يدخل مدرسة إلا مدرسة الحياة التي خاضها بكل عنفوان الشباب وحماسته وهو يبحث عن لقمة العيش الكريم بعد ان ذاق طعم اليتم بعد وفاه والده وهو صغير فكانت والدته هي الأم والأب بالنسبة له ولأخيه عبدالله ليبدأ رحلة الكفاح والعمل المتدرج في مدارس الحياة حتى كون له اسماً لامعاً في عالم المال والأعمال والتجارة وكان شعاره الصدق والأمانة والنزاهة في أعماله وتعاملاته كلها فكان استثناء في عمله الذي بناه على سمعه التاجر القوي الامين فحقق من الشهرة وذيوع الصيت ما أكسبه ثقة ولاة الامر في بلادنا الذي يكن لهم كل ولاء وصدق انتماء ويلهج لسانه بالدعاء لهم والتذكير بدورهم، عرفته منذ عقود كريماً في ماله وجاهه وابتسامته يتفقد اصدقاءه وجيرانه ومعارفه ومرتادي جلسته الأحدية من كل أسبوع ويمازحهم , اذا غاب منهم أحد وانا أحدهم تفقدهم حيث كنت استشرف بزيارته وأنهل من معين تجربته وخبرته في الحياة فرحم الله رجل البر والخير والإحسان وجعل الجنة داره وقراره فما مات من خلف هؤلاء الأبناء النجباء ابراهيم وناصر وعبدالعزيز الذين يتنافسون على الفضيلة في بر والديهم وملازمة والدهم في مجلسه العامر على الرغم من كثرة مشاغلهم واعمالهم وهم يجتمعون في ابتسامة واحدة كلها ابتهاج وفرح وألق وسرور وهم امتداد لمسيرة والدهم وسيرته فهنيئاً لهم مبرتهم لوالديهم وحفظهم لود ابيهم في حياته وبعد مماته.